بفضل خالتي قمت بزيارة لأطفال المستشفى، كما كان مكتوباً في اللافتة المقرفة "غرفة الأطفال المتخلى عنهم" من وضع هذا العنوان المقرف؟ كيف تسمحين لطفلك أن يسمى باسم كهذا؟ من أي نوع من البشر أنت؟ تعلمت الكثير واكتشفت ما يضاهي من هذه المعرفة أيضاً، لا أظن أن المرأة نصف المجتمع، وإنما المجتمع ككل، فهي النصف، وتلد النصف الآخر، ويحق أن أقول الآن إن فساد المجتمع تسهم فيه المرأة بنسبة 75 بالمائة، وما تبقى هو حماقة الرجال في غياب تربية فاسدة.
ومجتمع يعتبر أن التقدم هو فصل الدين عن الدولة، لا شك أن نرى هذا الانحطاط؛ لأنه أمر طبيعي جداً؛ لذلك أستنتج أن المجتمع مساهم بنسبة 99 بالمائة من تصرفات الناس حول ظاهرة التخلي عن الأطفال.. لكن السؤال كيف يمكن لأم التخلي عن طفلها، ليس هذا فقط، استغربت حين دخولي أن الأطفال ينادون لكل النساء الغرباء "أمي"، إحساس محزن فعلاً، كيف تسمحين لطفلك أن يقول "أمي"؟ هذه الكلمة السامية التي لا تستحقينها أبداً لكل النساء… كيف ستكون نفسية هذا الطفل بعد فقط 6 أو 7 سنوات؟ كيف سيتقبل فكرة أنه تم التخلي عنه منذ وُلد؟
الأم هي الحضن والبيت والظهر والحنان والأرض والسماء، الاسم السامي المقدس من خالق الخلق، الاسم المذكور بعد عبادة الله مباشرة : "ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً"، كيف يحسن لك وهو لا يعلم بوجودك، وهو يعتبر كل نساء الكون أمهاته، كيف تمنحين ذلك الطفل لقب "متخلى عنه"؟ شعور اليتم أرحم بكثير من قرف أم غير مسؤولة تافهة أنانية لم تضحِّ من أجل أحشائها، لم تحارب من أجل دمها على الأرض.
حكت لي خالتي عن قصة أحد الملائكة اسمه "آدم"، حيث إن والده معروف، ويأتي ليراه، نعم نفس السؤال طرحته: لماذا هذا الأحمق لا يأتي ليحرر ابنه من هذا السجن؟ وكان الجواب كالتالي: "لا يريده وأمه ما زالت مراهقة تدرس في السنة الثانية من البكالوريا"، فعلاً جواب يهز الأبدان يعني ألا يكفي أن تكون غير مسؤولاً ومتهوراً، وإنما أيضاً جبان وأناني، أرأيتم يا مجتمع فصل الدين عن الدولة من أجل التقدم؟! أرأيتم هذا التقدم الرائع؟.. من يحمل هم هؤلاء الأطفال هذا بعيداً عن الدين الذي يخيفكم.
نعم أعلم أن لكل أسبابه الخاصة، لكن ألست مسؤولة عن تصرفاتك تحملي إذن؟ أتعودين للحياة
الطبيعية بعد الولادة وتتركين حياة ملاك تتصارع مع عالم ليس لها أي طرفة ذنب فيه، وهناك أيضاً حالات الاغتصاب، وهنا يقع اللوم على الوالدين والمجتمع، كلاهما مساهم في التخلي، أما الأم هنا ما هي إلا ضحية تآمر المجتمع والوالدين، وذلك الأحمق الذي يستحق الحرق وسبب وجوده مع العامة هو فساد المجتمع، أما الوالدان اللذان يعتبران أن الفتاة أيضاً ملومة رغم أنها لم تفعل شيئاً، وهذا فقط إن لم تفعل شيئاً، أما إن كانت فعلت بمحض إرادتها فيجدر بي القول إنك أيضاً تستحقين العقاب.
لم أجد ما أضيف سوى أنني أحمل حزناً كبيراً بداخلى؛ لأن الإسلام اختصر في الصلاة كعادة، والصوم أيام رمضان كفريضة وجب أداؤها والسلام، حينما أتذكرهم أقول: أين نحن من هذا الإسلام؟ هل نحن مسلمون فعلاً؟ أم لقبنا بالإسلام كدين يشار إلينا به؟
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.