تدرس الأجهزة الأمنية الخطط الخاصة بكيفية التعامل مع آلاف الجهاديين الغربيين الذين ينوون العودة إلى أوروبا في وقت يواصل فيه تنظيم داعش خسارة أراضيه إلى جانب المعاناة والتراجع الحاد جراء الغارات الجوية التي تشنها قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة إضافة إلى روسيا.
رغم من أن التنظيم عانى وبشكل متزايد من الانشقاق وفرار الجنود، فإن هناك عدداً قليلاً من المقاتلين الأجانب الذين غادروا صفوف التنظيم إلى أوروبا في الآونة الأخيرة.
تقرير نشرته صحيفة الإندبندنت البريطانية نقل عن المسؤولين الأمنيين تأكيدهم على وجود الحاجة إلى سياسة متناسقة للتعامل مع الأزمة الوشيكة. إذ يشكل هؤلاء المتطرفون والمسلحون المدربون تهديداً خطيراً في المستقبل القريب وهم بمثابة "قنبلة موقوتة" في محاولتهم للخروج من المنطقة.
الأطفال الإرهابيون
تفاقمت تلك الأزمة مع الاستخدام المتزايد للأطفال في تنفيذ عمليات إعدام الأسرى والعنف المتطرف وغيرها من الأعمال. في صورة ظهرت الأسبوع الماضي لطفل صغير يقوم بإطلاق النار على الأسرى الكرد، أوضحت أن الطفل البالغ من العمر 11 عاماً هو ابن سالي جونز وهي سيدة بريطانية اعتنقت الإسلام وانضمت إلى تنظيم داعش في سوريا.
يعتقد أن حوالي 1500 طفل ضمن صفوف التنظيم والغالبية العظمى منهم من سوريا والعراق بجانب اليمن والمغرب. هناك أيضاً حوالي 50 طفلاً من بريطانيا ضمن صفوف داعش، جنبًا إلى جنب مع عدد أقل من فرنسا وأستراليا والدول الغربية الأخرى.
يقول مسؤول أمني بريطاني رفيع المستوى: "يجب النظر فيما يفعله هؤلاء الأطفال، بعضهم اعتاد على القيام بتلك الأعمال الإجرامية وهم في الأصل دون سن المسؤولية الجنائية في عديد من البلدان في أوروبا. نعلم أن هناك أطفالاً غربيين قد نقلوا إلى سوريا ولكن هناك أيضاً من ولدوا لأبوين أوروبيين. كما هو معلوم، فإن داعش تلحق من بلغ الخامسة بقواتها الجهادية".
وأضاف: "لكن المشكلة الحقيقية ستكون مع آلاف البالغين. وهناك العديد من الدول تحاول توحيد الجهود ولكن السياسات تعتمد إلى حد ما على الاعتبارات السياسية والقانونية لكل دولة على حدة."
خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي
بالنسبة للمملكة المتحدة فهناك تعقيدات أخرى حول تبادل المعلومات الاستخباراتية مع دول الحلفاء الأوروبيين في أعقاب الاستفتاء بالخروج من الاتحاد الأوروبي وإصدار مذكرات الاعتقال الأوروبية. المفاوضات حول خروج المملكة المتحدة من الاتحاد فيما يتعلق بتلك الأزمة من المتوقع أن تبدأ مع اقتراب الأزمة والحاجة الملحة للوصول إلى حل.
يعتقد أن هناك 27 ألف مقاتل من الأجانب قد انضموا إلى داعش منذ بداية الحرب الأهلية في سوريا قبل 5 سنوات، ما بين 5 آلاف و7 آلاف قد وصلوا من أوروبا للانضمام للتنظيم والجماعات المتمردة المتطرفة الأخرى مثل جبهة النصرة. أقل من 800 منهم جاؤوا من المملكة المتحدة.
أحد الأسباب الرئيسية حول عدم عودة الجهاديين إلى أوروبا هو أن الدول الغربية لديها سياسة توجه اتهامات جنائية ضد أولئك الذين قاتلوا في صفوف المتطرفين باستثناء الدنمارك التي تنظم برنامج لإعادة تأهيل الجهاديين العائدين.
كانت داعش تنتقم أيضاً من المقاتلين الذي حاولوا العودة إلى بلادهم. الطالبة النمساوية سمرة كيسنوفيك البالغة من العمر 17 عاماً تعرضت إلى الضرب حتى الموت في نوفمبر/تشرين 2015 كما أجريت عمليات إعدام جماعي للفارين.
في وقت سابق من عام 2016، تواصلت الإندبندنت مع 11 مقاتلاً أجنبياً على الحدود التركية كانوا يسعون للفرار عبر محافظة إدلب السورية. فشل هؤلاء المقاتلون في تحقيق هدفهم بعد أن قطع التنظيم عليهم طريق الهرب.
كان الجهاديون يستخدمون الحدود التركية للدخول والخروج من سوريا. والآن يقوم الأتراك بعمليات عسكرية ضد داعش وقد خسرت المليشيات النقاط التي كانوا يستغلونها في المنطقة.
هل يتسللون مع اللاجئين؟
يعتقد أن نحو النصف من البريطانيين المسلمين الذين تطوعوا بالانضمام لداعش والسفر إلى سوريا والعراق – نحو 400 مقاتل- قد عادوا إلى موطنهم. أدين 55 منهم في وقت لاحق بالقتال لصالح التنظيم.
كانت هناك مزاعم أخرى بأن المتطرفين الإسلاميين يتسللون إلى أوروبا باستخدام قنوات تدفق اللاجئين من سوريا والبلاد الإسلامية الأخرى، مع ذلك فإن تلك الأرقام صغيرة نسبياً، وعلى الرغم من أن بعض المتورطين في الهجمات الإرهابية في فرنسا وبلجيكا قاتلوا في سوريا، فإن الغالبية العظمى من المؤامرات الإرهابية في القارة الأوروبية كانت بواسطة أولئك الجهاديين الذين دخلوا إلى عالم الجهاد بطرق أخرى.
يقول المسؤولون الأمنيون أن هناك درجة من "التضليل" حول كيفية عودة العديد من المقاتلين في سوريا والعراق، الذين عادوا مرة أخرى إلى أوروبا.
اتهم روب واينرايت رئيس الشرطة الأوروبية "يوروبول" نيجل فراج زعيم حزب الاستقلال بالمملكة المتحدة المناهض للاتحاد الأوروبي والمهاجرين بإطلاق تصريحات "كاذبة" و"مثيرة للاضطراب" بأن سياسات الهجرة واستقبال اللاجئين في الاتحاد الأوروبي قد سمحت بدخول 5000 إرهابي إلى الأراضي الأوروبية.
في الواقع، يعتقد رئيس الشرطة الأوروبية "يوروبول"، أن هناك 5 آلاف مسلم أوروبي قد دخلوا سوريا والعراق ولكن لا يمكن "بأي حال من الأحوال" أن يعودوا كلهم إلى أوروبا.
هذا الموضوع مترجم بتصرف عن صحيفة The Independent البريطانية. للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط هنا.