عشر ومضات في عامي الثالث والثلاثين

اليوم تتسارعُ نبضاتُ القلب وأنا أعلن إتمامي للعام الثالث والثلاثين من عمري، فأنظرُ إلى القريب البعيد فأرى أني أحمل في جعبتي القليل الكثير من كُلِّ شيء.

عربي بوست
تم النشر: 2016/09/01 الساعة 03:06 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/09/01 الساعة 03:06 بتوقيت غرينتش

اليوم تتسارعُ نبضاتُ القلب وأنا أعلن إتمامي للعام الثالث والثلاثين من عمري، فأنظرُ إلى القريب البعيد فأرى أني أحمل في جعبتي القليل الكثير من كُلِّ شيء.

1 – علمتني سنوني أن لا أتوقفَ عن شيءٍ أحبّه مهما كان انشغالي:

كُنت قد انقطعت عن الكتابة لوهلةٍ لا بأس بها من الزمن، بعد أن كانت رفيقتي التي لا تفارقُني أبداً، كُنت لا أفارقُ قلمي في كلِّ مرةٍ تختلجُ مشاعري وتضطرب فرحاً أو حزناً مُنذُ أن كنتُ في المرحلة الابتدائية من عمري، وفي المرحلة الإعدادية كانت المرةُ الأولى التي أنشرُ فيها مقالاً حرَّك وجدان الكثيرين، وحاز ابتسامات وتصفيق المدرسة بأجمعها من طلابٍ ومعلمين.

لا أنسى أبداً حينما أخبرني أستاذي يوماً بأنهُ أوقف الحصةَ الصباحية َالإضافيةَ التي كان يُعطيها؛ لأنه لم يستطع أن يمنعَ نفسهُ عن سماعِ ما أتلو في الإذاعة المدرسية، مرَّ على هذا القول سبعة عشر عاماً، ولكنّه ما زالَ حديثَ الساعة في داخلي.

2 – لا تنسَ أبداً شيئاً أفرحكَ أو حرَّكَ وُجدانك، هذا فقط ما يهبُنا القدرة على المسير، اجعلهُ دوماً حديثَ ساعتك.

3 – ستمرُّ بكِ الأيام شئتِ أم أبيتِ وستكبرين، لا تتزوجي أبداً لأجلِ المجتمع، في مُجتمعنا يتزوج الكثيرون لحاجةٍ اجتماعيةٍ بحتة، لا تفعليها ولا تفعلها أبداً ما حييت؛ لأن الأزمنةَ تتغيَّر والنفوس تهرمُ أحياناً أو تتهاوى، وقتها ستعلمُ ماذا يعني أن تكون بقُربِ شخصٍ يُحبك، يعينُكِ على أن تصلي القمةَ التي تريدين يربتُ على كتفك كلما ضاقت الدنيا.

4 – النجاح شيءٌ عظيم لا يملُّهُ الناجحون ولا ينثني عنهُ الرّاغبون، ولكن النجاحَ لا يأتي بفرحته إن كُنتَ وحيداً اصنع النجاح ضمن عائلة، عائلةٍ من أهلك، من أصدقائك، من أحبائك الذين ينبضُ قلبكَ لهم، لا تدع نجاحكَ ناقصاً أبداً، حتى كِبرُكَ والأنا التي تُعظمُها ما بين الحين والآخر سيخذلك، وحدَهم أولئك الذين ساعدوك في الوصول سيفرحون لكَ بحق ولن يخذلوك أبداً.

5 – هنا علمتني الحياة شيئاً مُهماً جداً، شيئاً يتعلقُ بكل ما سبق:

لا تأخذ الأشياء أبداً على محملٍ شخصي، هناكَ أناسٌ القربُ منهم يُسببُ الألم، ذاك ليس بسببك، ذاك لأنهم في أعماقهم أشخاص لا يستطيعون إسعاد من حولهم، اقتنع في صميمِ تلافيفِ روحك بأن المشكلةَ فيهم، أبداً لستَ مقصوداً في ذلك، هم في داخلهم مكسورون لتجارب طفولةٍ فاشلة أو سوءِ تربيةٍ لست أنت المُذنب فيها، فلا تحتمل ولا تتحمّل نتيجة ما لم يكن لك فيه باع، بل افعل العكس تماماً، اقضِ ما استطعت من الوقت مع أولئك الذين لا يتوانون عن إشعارك بقيمتك.

6 – لا تحمِل كُرهاً لأحد، بسبب صورةٍ رسمها الآخرون لك عنه، خُذ آراءك من تجربتكَ وحدك اتجاههُم وحتى في هذه قد تكونُ مخطئاً، اقتنع دوماً أن لكلِ إنسان باباً يتركهُ موارباً ولا يغلقُهُ أبداً.

ادخل من هذا الباب حتى ترى حُسنَ المرء لا سوأه، فالحياة كفيلة بأن تريكَ الكثير، تحكّم أنت على الأقل فيما تراهُ مُفرحاً لك.

7 – آمنتُ أكثر أنَّ الزمن كفيلٌ بكُلِّ شيء، كفيلٌ بحلِّ الخلافات، وتقليلِ وطأةِ المُزلزلات، تدارُك الأشياء التي احتسبناها خطأً أو تلكَ التي حمّلناها فوق طاقتها، اترُك الزمن يتصرّف أحيانا فالأمور تغدو شيئاً آخر مع الوقت.

8 – همست لي صديقتي يوماً أن الحياة تغدو أصعب مقارنةً بالماضي، قلتُ لها أبداً الحياةُ كما هي في كُل حقبةٍ لها صعوبتها، ولكن نظرتُنا نحن للأشياء المُفرحة تغيرت، لم نعُد نفرح بالأشياء البسيطة، السعداء يفرحون بفنجان قهوة ولا يتوقفون عن رشف تلك "الهبابة".

9 – عندما تنظُر للسماء ننظرُ لها جميعاً، ولكن لا يراها الجميع بنفس العين، ولكنها تبقى سماءً عالية جداً مهما تغيّر الناظرُ لها، كذلك الأخلاق هي الشيءُ الوحيد المرتفع الباقي، احترم نفسك ما استطعت وتصرَّف بناءً على احترامكَ لها، خصوصاً مع أولئك المقربين، الذين يعلمون حقيقتك مهما أخفيتها عن الجمع، تعامل بناءً على جميلِ روحِك لا تُظهر عكس جمالها بكل ما أوتيت من قوةٍ، فإنّ الله يسمعُ ويرى.

10 – الأمومة هي الشيءُ الكثير الذي تمنَّيته، وأكرمني الله به، هي الشيءُ الوحيد الذي تبذُلُ فيه ما استطعت، ولا تعلم النتيجة إلا عندما يشبّون ليصبحوا يافعين، وفي تلك اللحظة لن تسطيعَ تغيير البذرة التي صنعت وزرعت، لا تُفسدها مُبكِّراً؛ لأنها الشيء الذي تهبُهُ للكون تؤثر به على مئات الآلاف الذين يمرون بقرب هذا الصغير الذي سينفع أو يؤذي الكثيرين، أحسنوا زرعكُم ما استطعتم فالحصادُ صعب.

الأمومة والأبوّة هما المهنةُ التي تؤديها 24/24 ولكن بحُب لا ينتهي، وسعادة لا توصَف، يتشبّعُ وجدانُكَ بها، ترى نفسكَ بين دهاليزها، ترتفعُ روحك مع كُلِّ بسمة ومع كُلِّ درجةٍ يصعدون فيها على سُلّم الحياة.

توقف هنيهةً ما بين الفينةِ والأخرى، أعد اتصال الروح بالجسد، وانفخ لقلبكَ الحب الذي تستحق أيّاً كانت الأشياء صغيرة قد تكون وحدها هي ما يجعلكَ تبتسم ثم امضِ؛ لأنك لا بد ستمضي.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد