أميركا تسعى لوقف القتال بين تركيا والأكراد في سوريا والتركيز على محاربة “داعش”

عربي بوست
تم النشر: 2016/08/30 الساعة 02:14 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/08/30 الساعة 02:14 بتوقيت غرينتش

سارعت الولايات المتحدة، مساء الاثنين 29 أغسطس/آب 2016، لإقناع حلفائها المتناحرين – تركيا ووحدات حماية الشعب الكردية – بتركيز نيرانهم على تنظيم الدولة الإسلامية بدلاً من محاربة بعضهم بعضاً، وذلك عقب اشتباكات تهدد بإحباط استراتيجية الحرب الأميركية في سوريا.

وشنت تركيا – التي طالما اعتبرت المسلحين الأكراد أكبر تهديد لأمنها – حملة كبيرة شمال سوريا الأسبوع الماضي، شملت مناطق تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الولايات المتحدة والتي تضم مقاتلين من وحدات حماية الشعب الكردية.

وأشارت أنقرة إلى أن هجوماً صاروخياً من منطقة تسيطر عليها الوحدات تسبب في مقتل أحد الجنود الأتراك يوم السبت. وأضافت أنها قتلت 25 مسلحاً كردياً يوم الأحد.

وقال وزير الدفاع الأميركي أشتون كارتر في مؤتمر صحفي بوزارة الدفاع (البنتاغون): "ندعو الجانبين إلى ألا يتقاتلا وأن يواصلا التركيز على قتال تنظيم الدولة الإسلامية".

وأوضح بن رودس، نائب مستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض، أن استمرار تركيا في استهداف قوات سوريا الديمقراطية – التي تضم أيضاً مقاتلين من العرب – من شأنه تقويض جهود تكوين "جبهة موحّدة" ضد تنظيم الدولة الإسلامية.

عدم حدوث تغيير في الاستراتيجية الأميركية

لكن خبراء يقولون إن الهجوم التركي كشف مجدداً عن الأهداف المختلفة بشكل كبير والمتضاربة عادة لحلفاء أميركا في الصراع السوري الذي يشمل أطرافاً كثيرة منها الدولة الإسلامية.

ويثير الهجوم تساؤلات أيضاً حول ما إذا كانت تركيا ستحاول إحباط أي تقدم كبير جديد لقوات سوريا الديمقراطية بعد أسابيع فقط من إشادة البنتاغون بانتصار تلك القوات على الدولة الإسلامية في بلدة منبج على بعد نحو 30 كيلومتراً جنوبي الحدود التركية.

وأشار كارتر إلى عدم حدوث أي تغيير في الاستراتيجية الأميركية، وأكد أن قوات سوريا الديمقراطية وتركيا حليفان مهمان في سوريا. ويأمل البنتاغون بأن تتمكن القوات المدعومة من الولايات المتحدة في نهاية المطاف من استعادة مدينة الرقة السورية من أيدي الدولة الإسلامية.

وقال كارتر: "ندرك أن بينهم (تركيا والمقاتلين الأكراد) خلافات تاريخية لكن المصالح الأميركية واضحة للغاية. فنحن مثلهم نريد قتال تنظيم الدولة الإسلامية وندعوهم الآن: لنبقي أولوياتنا واضحة هنا".

الحل الأمثل

ويؤكد خبراء أن أفضل تصور لنزع فتيل التوتر يتمثل في قبول تركيا ضمانات أميركية بانسحاب وحدات حماية الشعب شرقي نهر الفرات. وتريد تركيا منع القوات الكردية من مواصلة توسيع سيطرتها قرب حدودها وطالبت بانسحابها إلى الشرق من النهر.

ووصف كارتر النهر بأنه حاجز طبيعي يفصل بين تركيا ووحدات حماية الشعب.

وأضاف: "ما يمكننا فعله ونفعله معهم هو توضيح الأماكن التي توجد بها عناصر وحدات حماية الشعب التابعة لقوات سوريا الديمقراطية والمناطق التي لا يوجدون بها". وأضاف أن مقاتلي وحدات حماية الشعب ينسحبون بالفعل.

وفي لفتة إلى تركيا أشاد كارتر بتقدم الجيش التركي ضد الدولة الإسلامية في الأسبوع الماضي لاسيما السيطرة على بلدة جرابلس.

وقال بليز ميستال، مدير قسم الأمن القومي لدى مركز سياسة الحزبين، وهو مؤسسة بحثية أميركية، إن الولايات المتحدة تشهد عواقب استراتيجية اعتمدت بشدة على المقاتلين الأكراد لهزيمة الدولة الإسلامية برغم الاعتراضات التركية الصريحة.

وتقاتل تركيا تمرداً كردياً على أراضيها.

وحذر خبراء من أنه ليس واضحاً ما إذا كانت أنقرة ستتراجع عن موقفها؛ نظراً لأنه من المستبعد أن تختار الولايات المتحدة الانحياز إلى صف جماعة كردية مسلحة على حساب تركيا شريكتها في حلف شمال الأطلسي.

وتستضيف تركيا منشآت مهمة للولايات المتحدة وللحلف منها قاعدة إنجيرليك الجوية – التي تقصف منها المقاتلات والطائرات دون طيار الأميركية تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا – ومواقع أميركية لاعتراض الاتصالات ورادار للإنذار المبكر لنظام الدفاع الصاروخي الأوروبي التابع للحلف.

وقال بروس ريدل، خبير شؤون الشرق الأوسط لدى معهد بروكينجز المحلل السابق لدى المخابرات المركزية الأميركية: "عندما يصل الأمر إلى (أحد الخيارين): هل نغضب الأتراك أم نغضب الأكراد السوريين.. فما من شك فيمن سيكون الخاسر".

وتتصرف الولايات المتحدة بحذر بالفعل بعد اتهامات من أنقرة لواشنطن بالتباطؤ في التنديد بالانقلاب الفاشل في تركيا الشهر الماضي.

وفي علامة على الحساسيات اتصل رئيس الأركان الأميركي الجنرال جوزيف دانفورد بنظيره التركي يوم الأحد الماضي، وقال كارتر في المؤتمر الصحفي إنه سيلتقي مع وزير الدفاع التركي فكري إيشق الأسبوع القادم.

وقال البيت الأبيض إن الرئيس باراك أوباما سيلتقي مع نظيره التركي طيب أردوغان في الرابع من سبتمبر/أيلول المقبل.

تحميل المزيد