تناقل الآلاف من أعضاء المجموعات اليمينية المتطرفة على موقع فيسبوك وسياسيون من حزب "البديل من أجل ألمانيا" المناهض للإسلام واللاجئين، صورةً زعموا أنها تُظهر لاجئين يتبولون على حائط كنيسة، مستخدمينها في التحريض ضدهم مجدداً وداعين لترحيلهم، قبل أن يتبين بطلان مزاعمهم.
وتظهر الصورة 5 أشخاص من أصحاب البشرة السمراء وقد حولوا وجوههم نحو حائط كنيسة معلق عليه صليب كبير.
وذكرت النسخة الألمانية من موقع هافينغتون بوست أن وجود الصليب الكبير على الحائط يبين أن الكنيسة الظاهرة في الصورة موجودة في ميونيخ، لكن على الرغم من ذلك لم يحاول السياسيون واليمينيون التواصل مع أسقفية ميونيخ أو الشرطة هناك، بل شاركوها مرفقة بآرائهم الخاطئة بكل بساطة.
وكان أودو فويغت القيادي في حزب النازيين الجدد "إن بي دي" من أوائل من شارك الصورة على صفحته وأرفقها بتعليق "كنيسة في ميونيخ، 6 من المواطنين الجدد يتبولون على كنيسة مسيحية"، في إشارة إلى أن الفاعلين لاجئون، داعياً إلى مشاركتها لتصل إلى من تبقى من المواطنين الذين يعتقدون أنهم يفيدون ألمانيا بمساعدتهم اللاجئين.
وتساءل فويغت: "تصورا ماذا كانوا سيفعلون بنا إن فعلنا الشيء نفسه بمسجد".
الأبرشية تنفي
وأوضحت أبرشية القديس غيرترود الكاثوليكية على موقعها الرسمي إن اللاجئين الظاهرين في الصورة لم يكونوا يتبولون، مبينة أن إحدى غرف الكنيسة تستخدم منذ سنوات من قبل الرعية الأرثوذكسية الإريتيرية، ويتم الاحتفال فيها بالافخارستيا.
وبحسب الأبرشية فأن المسيحيين الأرثوذكس في إرتيريا وإثيوبيا لا يصلون كما الكاثوليك داخل الكنيسة وإنما خارجها، ويستندون خلالها على جدارها.
وأكدت الأبرشية أن الرجال في الصورة يصلون، وليس كما يظن بعض "المواطنين القلقين"، وهو وصف يطلق على بعض الرافضين للاجئين بدعوى خوفهم على ألمانيا، ناشرين الكثير من الشائعات والأفكار المغلوطة عن اللاجئين.
وعلق السكرتير العام لحزب ميركل المسيحي الديمقراطي بيتر تاوبر على تدوينة في موقع إذاعة وسط ألمانيا العام، حول نشر عضوين في البرلمان المحلي من حزب "البديل من أجل ألمانيا" للشائعة ونقاشهما حول فكرة التبول على جدار مسجد رداً على ذلك، واتهمم بالتحريض الفكري وأنه ليس هناك صلة البتة بين ما فعله أعضاء هذا الحزب بالقيم المدنية أو المحافظة أو المسيحية.
وكان أحد أعضاء الحزب قد سارع إلى القول معلقاً على الصورة بالقول: "يجب ترحيل مثل هؤلاء الأغبياء فوراً، مع منع من الدخول (لألمانيا) مدى الحياة".
ليست المرة الأولى
ولا تعد هذه المرة الأولى التي يستغل فيها اليمين المتطرف وأعضاء حزب "البديل من أجل ألمانيا" مثل هذه الشائعات حول اللاجئين، رغم معرفتهم بأن احتمال أن يكون ذلك غير صحيح، كبير. ولا يكف هؤلاء عن نشرها حتى بعد ظهور الحقيقة.
وكان آخرها شائعة أن الحكومة الألمانية تهرب سراً آلاف اللاجئين إلى ألمانيا ليلاً، فيما يكون المواطنون نياماً، خاصة في مطار كولونيا بون، وهو الأمر الذي نفته وزارة الداخلية ووصفته بأكبر هراء سمعتها منذ وقت طويل، بحسب المتحدث باسمها.
ونقلت النسخة الألمانية من "هافينغتون بوست" عن رئيس نقابة الشرطة راينر فيندت قوله إنه "يتم على سبيل المثال نشر شائعات عن جرائم مزعومة للاجئين في كثير من الأحيان على وسائل التواصل الاجتماعي، تكون ملفقة بالكامل".
وأشار إلى أنه كان على الشرطة في كثير من الأحيان التحقيق في جرائم مزعومة ارتكبها لاجئون تبين أنها ملفقة في الأشهر الماضي، مشيراً إلى أن نشر مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي لكلاماً مغلوطاً في مختلف المجالات يشكل مشكلة كبيرة للسلطات الأمنية، ومبيناً أن الأخبار الكاذبة في مواضيع معينة قد تقود إلى تطرف يميني أو يساري.
وقال خبير أمني إن الكثير من الناس لم يعد يقرأون البتة صحفاً أو أخبار المواقع الإلكترونية التقليدية ولا يسمعون أيضاً الراديو، بل يحصلون على معلوماتهم من وسائل التواصل الاجتماعي التي تقوي أفكارهم المسبقة عبر الأخبار الكاذبة.