هُزِمت أدوات الاختراق المزعم تطويرها من جانب وكالة الأمن القومي الأميركية (NSA) إلكترونياً من جانب مجموعة تُطلِق على نفسها اسم سماسرة الظل "Shadow Brokers".
يأتي ذلك في أعقاب سلسلة من التسريبات الأخيرة لبيانات اللجنة الوطنية للحزب الديمقراطي.
وتدور الشكوك حالياً حول احتمالية أن تكون مؤسسة كلينتون – مؤسسة مدنية – قد استهدفت بالفعل، فهل يعد ذلك جزءاً من الحملة الروسية لتدمير الولايات المتحدة والتأثير على نتيجة الانتخابات الرئاسية في نوفمبر/تشرين الثاني القادم، أم أن الأمور أقل تعقيداً من ذلك؟
ماذا يوجد في التسريب الأخير؟
تحليل البيانات التي أطلقتها مجموعة سماسرة الظل كشفت عن مجموعة من البرمجيات الخبيثة التي يُمكن استخدامها لاختراق الجدران النارية والأجهزة الأميركية. وبالتأكيد، كانت الشركات التقنية مثل Cisco وFortinet قد حذرت عملاءها من بعض الثغرات التي يمكن استغلالها والتي تؤثر على منتجاتهم.
وقالت شركة Juniper Networks أيضاً إنها تراجع البيانات لترى ما إذا كانت أجهزتها قد تأثرت أم لا. وظهرت بعض المخاوف من كون تلك الثغرات مجهولة بالنسبة للمصنعين، وهو ما يعني أنه لم يتم التقاطها.
ويُعتقد أن أدوات الاختراق تنتمي لمجموعة من البرمجيات الخبيثة التي طورها مجموعة "The Equation Group"، وقد كٌشِف عنها لأول مرة من جانب شركة Kaspersky المتخصصة في الأمن الإلكتروني عام 2015.
وقال ديفيد إيم، كبير الباحثين الأمنيين في شركة Kaspersky، في تصريح لهيئة الإذاعة البريطانية "بناءً على ما اطلعنا عليه، نحن نؤمن بالتأكيد بوجود رابط مع Equation Group".
وقال ميكو هيبونين، الخبير بشركة F-Secure للأمن الإلكتروني: "لقد رأيت من البداية أن الأمر حقيقي. من الصعب أن يكون هذا الكم الهائل من البيانات وهمياً".
كيف خرجت تلك المعلومات؟
بالنسبة لهيبونين وآخرين غيره فكيفية خروج هذه المعلومات هو "السر الحقيقي". لا أحد يعرف حقيقة كيف سُرِبت تلك المعلومات، على الرغم من وجود تخمين يقول إن هناك أحد الخوادم التابعة لوكالة الأمن القومي ربما تعرض للقرصنة.
النظرية الأخرى لتفسير كيفية تسرب المعلومات قدمها ديفيد آيتل، والذي عمل سابقاً بوكالة الأمن القومي، والذي يقول إن تلك البيانات سُرِقت من الداخل. يظل السؤال أيضاً ما إذا كان نفس الشخص الذي سرق تلك المعلومات هو من قام بتسريبها أم لا دون إجابة.
هل يتصل الأمر بتسريبات أخرى حديثة؟
في يونيو/حزيران الماضي، أشارت تقارير إلى أن أحد القراصنة، ويحمل "Guccifer 2.0″، قد أطلق مجموعة من رسائل البريد الإلكتروني لأعضاء اللجنة الوطنية للحزب الديمقراطي الأميركي، وهو ما أدى لاستقالة رئيسة اللجنة ديبي واسرمان شولتز.
بعد ذلك، في مطلع الشهر الجاري، نشر Guccifer موجة جديدة من البيانات المسربة، والتي تتضمن بيانات الاتصال الشخصية لقرابة 200 من أعضاء الكونغرس الحاليين والسابقين من الحزب الديمقراطي.
واتهم مسؤولو الولايات المتحدة روسيا بالتورّط في تسريبات اللجنة الوطنية الديمقراطية، وهو ما نفته موسكو بشدة. وفي كلتا الحالتين، قال الرئيس الأميركي باراك أوباما إن تورط روسيا لن يؤثر على علاقته الدبلوماسية بالرئيس الروسي.
هل هي محاولة لعرقلة الانتخابات الرئاسية؟
على الرغم من التعليقات العلنية لأوباما بأن علاقته ببوتين لن تتأثر، إلا أن تلك التسريبات تأتي في وقت حساس للغاية، فبينما تعقد الانتخابات الرئاسية في نوفمبر/تشرين الثاني القادم، تكهن البعض أن تلك التسريبات هي محاولة للتأثير على نتيجة التصويت بطريقة أو بأخرى.
يقول نيجيل إينكستر من معهد المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في لندن: "أظن أنه إن كان لروسيا علاقة بذلك على الأغلب، فإن ما يريدون فعله هو ببساطة التشكيك في صحة العملية الانتخابية".
وعلى العكس من ذلك، حذر بوتين في فبراير/شباط الماضي من أن "الخصوم الخارجيين" ربما يحاولون التأثير على الانتخابات الروسية التي تجرى في سبتمبر/أيلول المقبل.
ومن الجدير بالذكر أيضاً أن في يوليو/تموز الماضي، أعلنت روسيا عن أن 20 من مؤسساتها الحكومية استُهدِفت من قِبل برامج التجسس، على الرغم من أنهم لم يذكروا بيانات تفصيلية حول الأمر.
تحليل الخبير الأمني جوردون كوريرا
الاختراق الإلكتروني هو عالم مظلم بطبيعته، وهو ما يجعل من السهل إخفاء آثاره وطمس الهوية الحقيقية للمخترق. هناك فارق أيضاً بين التجسس التقليدي (سرقة المعلومات سراً)، وبين إطلاق المعلومات للعامة، وهو ما يقترب من كونه حرباً معلوماتية.
سرقة المعلومات هو أمر قائم منذ قديم الأزل، ولكن تسريبها للعامة يهدف بالأساس إلى تقويض الخصم. خلال الحرب الباردة، دخلت الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي فيما يُعرف بـ"الحرب السياسية"، وجرى خلالها نشر المعلومات، أو المعلومات الخاطئة في بعض الأحيان والدعاية حول الأفراد والأحزاب السياسية والأفكار، وكل ما تفعله الحرب الإلكترونية هي أنها تضيف طريقاً جديداً لفعل ذلك. السؤال الآن، هل نحن بصدد نوع من الحرب المعلوماتية بين واشنطن وموسكو حالياً؟ من المحتمل، ولكن إذا كان الأمر كذلك، فمن الصعب إثباته، ولن يكون ذلك معلناً.
هل يمكن لأوباما التعليق؟
لم يُطلِق الرئيس الأميركي تصريحاً رسمياً يتوعد فيه بمعاقبة المسئول عن اختراق وكالة استخباراتية أميركية، كما يرى البعض أنه لا يمكنه ذلك. وكان أوباما قد أوضح مؤخراً كيفية رد الولايات المتحدة على الهجمات الإلكترونية، بحسب ما أشار له إنكستر.
وقال إنكستر في تصريح لهيئة الإذاعة البريطانية: "هذه المعايير المنصوص عليها تتضمن تحديد مدى خطورة الواقعة وبناءً عليه، يمكن تحديد التدابير الانتقامية المقابلة. لذلك، إذا كان من الممكن القول إن الحادثة الأخيرة ذات أهمية كبرى، وإننا واثقون من وقوف روسيا خلفها، فهذا يضع الولايات المتحدة في موقف يتوجب عليها الرد فيه على ما حدث".
هل عامة الأميركيين في خطر؟
بحسب هيبونين، فمن غير المحتمل أن تؤثر التسريبات الأخيرة التي أطلقت على العامة. ويقول: "هناك بعض التأثير الذي سيصيب الشركات التي تستخدم الجدران النارية وأجهزة التوجيه"، ولكن المستخدمين العاديين لن يكون عليهم اتخاذ أية اجراءات.
– هذا الموضوع مترجم عن موقع هيئة الإذاعة البريطانية. للاطلاع على المادة الأصلية اضغط هنا