هل تشعرون بحجم الخطر وما يجري حولنا من مكائد؟ وهل تدرك عزيزي العربي حجم المؤامرة التي تحاك، وكمية الفخاخ التي تنصب لنا في عواصم العالم ومجالسه المنصوبة لنصرة قضايانا، أم أنك لا تسمع إلا الشخير؟ هل أنت مثلي عندما تتأمل أطفالك تشعر بالقلق وتستيقظ من نومك مذعوراً عشرات المرات؟ تدور حول أسرة أطفالك الذين أنجبتهم في أسوأ زمن عربي.
هل تزداد ضربات قلبك وتضطرب عندما تفكر في مستقبل هؤلاء الصغار؟ أتأمل وجه أصغر أطفالي البالغ من العمر شهوراً، ماذا ينتظرك أيها الصغير الذي رافقت صرخته الأولى صراخ آلاف الأطفال العرب؟ المذعورين.. المشردين.. النائمين على أرصفة الذل العربي.. المتسولين كسرة خبز في مخيمات العار والجوار.
آه يا صغيري القادم في زمن الذل العربي، في زمن القهر العربي زمن الرقص على الأشلاء العربية، أي مستقبل ينتظرك؟ وأي عدو سيذلك؟
وأنت أيها العربي كيف تشرب قهوة الصباح؟ هل تشربها على أصوات المدافع والقذائف وأدخنة الإطارات في إدلب وحلب؟ أم تشربها على وقع الإنفجارات والمفخخات في بغداد؟ أم تشربها على أطلال الفلوجة أم وأنت تتأمل جرائم الحوثي في اليمن الجريح؟
لا تشغل بالك بأدخنة المدافع، وقصف الطائرات، والإطارات المحروقة، والأجساد الممزقة، والأشلاء المقطعة، والأطفال تحت الأنقاض.
أكمل قهوتك، ولا تعكر مزاجك الصباحي بتآمر العالم علينا وتفتت العالم العربي، أكمل قهوتك يا سيدي وسباتك> وهذه الجبهات العربية النازفة، بماذا دعمتهم؟ بالصمت! بلعن وشتم القنوات والمواقع الإخبارية التي تنقل لك الواقع العربي الدامي دون مراعاة لمشاعرك وأنت تحتسي قهوة الصباح!
ماذا قدمت لإخوانك المشردين أيها العربي النائم وسط الركام؟
هل وصل الإنسان العربي للوعي بحجم الخطر المحدق به؟ أعتقد أن موجزاً واحداً للأخبار العربية اليومية يجعلك تلامس الخطر، وتدرك أنه ينام على أسرتنا يتسلل إلى غرف أطفالنا، وهم نيام، يجلس معنا على موائدنا العربية، الخطر يرتدي عباءة عربية منذ سنوات.
هل تدرك عزيزي العربي أننا أصبحنا من الكائنات المعرضة للانقراض حسبة بسيطة غير معقدة وتدرك أنني لا أبالغ، كم عراقياً قتل منذ الغزو الأميركي للعراق وحتى يومنا هذا؟ كم سورياً قتل منذ 2011 حتى اليوم وما زلنا لا نعرف النهاية؟ كم وكم وكم؟، هل أكمل بقية الدول أم يكملها العربي النائم في سريره؟
ستة أعوام من الجحيم والدمار عاشها إخواننا في سوريا، بماذا ساندناهم؟ وقبلهم أهلنا في العراق أكثر من مليوني عراقي وسوري ضحايا الحرية والطائفية والديكتاتورية، يقف وراء قتلهم قادة وحكومات ودوّل وجيوش ولصوص ومتطرفون وقطيع وعصابات وأحزاب و…..
ما زلنا نخاف المستقبل، نخشى أن يكون القادم أعظم وأننا ما زلنا في بداية الدمار. المؤلم، المدهش، الموجع، ليس هذه الحرب الجهنمية التي أبتلعت مئات الآلاف من الأبرياء، الأكثر وجعاً مواقف بعض أو أغلب الدول العربية الشقيقة، وأتمنى وضع ألف خط تحت الشقيقة، التي تقف بصف قاتلنا ليس بالكلام فقط وإنما بالسلاح والعتاد، مواقف الأشقاء العرب المخزية من قتلنا جعلنا نغض الطرف عن صمت العالم.
يجب أن ننتقل من حالة الأنانية العربية التي يعيشها المواطن العربي، إلى الوعي بأن مسلسل القتل العربي في سوريا في اليمن في العراق ليس شأناً داخلياً وإنما شأن عربي ومخاطر حقيقية صارت تشاركنا أوطاننا.
متى يعرف العربي الجالس أمام الشاشات ينتظر دموع العالم وتحركه لأجل مجازرنا، أن ذاك العالم لن يتعاطف ولن تتحرك إنسانيته ولو فُنينا عن بكرة أبينا. ربما يحركهم مواء قطة حبسها شرقي أو كلب مضطهد، لكنهم لا يتحركون لأجل عربي سلخ جلده وقلعت أظافره، لا يحركهم أزيز الطائرات وهي تقصف أطفالنا ولا جوعنا ولا جراحنا، كل الذي فعلوه من أجلنا إرسال كمية من الأكفان كي نموت وندفن بصمت، كي لا تزكم أنوفهم رائحة جثثنا الملقاة على أرصفة الشوارع.
قلوبهم الفظة لم ترتجف لمشاهدة الطيران الروسي وطيران بشار وهما يقصفان أطفال حلب، إنسانيتهم لم تتحرك لموت مئات الآلاف من المضطهدين في سوريا على مدى ست سنوات. لكن هل يحق لنا أن نلوم الغرب ونحن نرى تفاوت المواقف العربية من مأساتنا بين متآمر ومتخاذل وصامت وجبان؟
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.