تكتظ عناوين الأخبار الفرنسية بكلمة "بوركيني"، والذي يعني رداء البحر الذي تستخدمه بعض النساء المسلمات لتغطية كامل أجسادهن على الشواطئ. اتخذت حكومة مدينة كان وبعض المدن الساحلية الأخرى قراراً بحظر هذا اللباس، في خطوة مدعومة من رئيس الوزراء مانويل فالس، الذي اعتبر البوركيني "تعبيراً عن مشروع سياسي، مضاد للمجتمع ومؤسس على استعباد المرأة".
وعلى الرغم من انتشار مثل هذه السياسات العلمانية في فرنسا، إلا أنه هناك حالة مشابهة تحدث في ألمانيا، حيث يعتبر التسامح الديني مركزياً في الحياة السياسة للبلد لدرجة أنه تم حفظه في القانون الأساسي (الدستور) الألماني.
مؤخرا بدأ جدال في حزب المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، الاتحاد المسيحي الديمقراطي، وأخوه حزب الاتحاد المسيحي الاجتماعي بشأن اعتبار النقاب محظوراً في الأماكن العامة بألمانيا كما هو الحال في فرنسا.
تشمل حركة داعمي حظر النقاب في ألمانيا دنس جلادياتور المتحدث المحلي باسم الاتحاد المسيحي الديمقراطي في ولاية هامبورج. حيث صرح جلادياتور يوم الخميس لجريدة دي فلت: "النقاب لا يعبر عن الحرية الدينية ولكن يعبر عن ظلم واستعباد المرأة"، وقد شاركه الرأي أقرانه في ولايات برلين و مكلنبورغ فوربومرن.
ولا يمكن الاستهانة بمثل هذه التحركات والتصريحات للمتحدثين باسم الاتحاد المسيحي الديمقراطي على مستوى الولايات الألمانية، حيث يجتمعون بوزير الداخلية الألماني توماس دي ميزير. ومن المرجح الصدام حول هذه الفكرة، إذ رفض دي مزير من قبل الحظر الكامل للنقاب. وصرح الأسبوع الماضي: "لا يمكنك تحريم كل ما ترفض". ولكن يبدو أنه سيقبل حلولاً وسطاً وبدائل أخف كمنع النقاب في المدارس كما أوردت جريدة شبيغل الألمانية.
ولسوء حظ الألمان المحافظين المعادين للإسلام، فالوزير محق حول عدم تمكنه من حظر النقاب إن لم يكن بسبب أخلاقي فبسبب قانوني. فطبقاً للمحكمة الدستورية الألمانية وفي وثيقة بتاريخ 2014: "في مجتمع يعطي الحرية لمختلف العقائد الدينية، لا يمكن منع الأفراد من وظائف بسبب إيمان الآخرين".
صرح مارتن لودج أستاذ العلوم السياسية والسياسة العامة في كلية لندن للاقتصاد لـ نيوزويك بأن وضع الحظر كسياسة انتخابية للاتحاد الديمقراطي خطأ سياسي، أيضاً. "فسيمنع الحزب من التحالف مع أي حزب آخر لتشكيل الحكومة".
تهديد اليمين
إذن إن لم يكن الحظر الكامل للنقاب ممكناً، فلماذا يتم المطالبة بمنعه؟ الاتحاد المسيحي الديمقراطي يواجه تهديداً يمينياً من حزب البديل من أجل ألمانيا، الذي حقق نجاحات مفاجئة في العديد من انتخابات الولايات الألمانية هذا العام. وليس من قبيل المصادفة إعادة انتخاب وزيرين للداخلية على مستوى الولايات الألمانية طالبا بحظر البرقع.
البديل من أجل ألمانيا الذي بدأ كحزب مضاد لليورو ثم تحول لمنصة مضادة للهجرة يصرح بأنه مضاد للإسلام. هو لا يدعم حظر البرقع فحسب بل ينادي بمنع المآذن والأذان. وبشكل مدهش صرح بأن الإسلام متعارض مع الدستور الألماني.
مثل هذا التصريح الأخير مهم حيث يوضح الجدل حول القيم الإسلامية ومدى اعتبارها متعارضة مع القيم الألمانية. صرحت أنغيلا ميركل يوم الخميس لجريدة آر إن دي أنها لا تدعم الحظر الشامل للنقاب. ولكنها تؤمن بأن المرأة التي ترتديه لديها فرصة ضعيفة في المجتمع الألماني.
على الرغم من حماية التشريعات الألمانية للمسلمين الألمان مما يتعرض له المسلمون في فرنسا إلا أن ميركل حريصة على إظهار مشاركتها لحزب البديل من أجل ألمانيا في بعض أفكاره عن الإسلام.
ويضيف لودج لو أن قرار حظر البرقع تم التعتيم عليه وتجاهله فنتوقع أن نرى المزيد من الإجراءات المضادة للإسلام على مستوى ألمانيا. "بوضوح سيكون هناك ضغط داخل الاتحادين المسيحيين الديمقراطي والاجتماعي لرسائل أكثر حدة".
– هذا الموضوع مترجم عن صحيفة Newsweek الأميركية. للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط هنا.