سمحت المحكمة الفيدرالية البرازيلية العليا بفتح تحقيق بتهمة عرقلة عمل القضاء ضد الرئيسة ديلما روسيف التي علقت مهامها، وذلك قبل أيام على إقالتها المرجحة من قبل مجلس الشيوخ وبعد ساعات على خطاب أكدت فيه براءتها من الاتهامات بالتلاعب بالحسابات العامة.
فقد سمحت أعلى هيئة قضائية برازيلية للنيابة بالتحقيق لمعرفة ما إذا كانت روسيف حاولت عرقلة التحقيقات بشأن راعيها الرئيس السابق لويس ايناسيو لولا دا سيلفا في إطار فضيحة الفساد في شركة النفط الوطنية بتروبراس، عبر تعيينه وزيراً في حكومتها في مارس/آذار الماضي.
ويلحق فتح هذه الجبهة القضائية الجديدة مزيداً من الضرر بالمستقبل القاتم أصلاً لروسيف (68 عاماً) التي ستبدأ قضية إقالتها في مجلس الشيوخ في 25 أغسطس/آب، بعد 4 أيام من انتهاء دورة الألعاب الأولمبية. ويتوقع أن يصدر القرار النهائي بعد 5 أيام على ذلك.
وقرار المحكمة العليا الذي أعلنته 4 صحف كبرى في البلاد، أكده مصدر في هذه الهيئة القضائية لوكالة الأنباء الفرنسية.
وقال متحدث باسم روسيف إن "فتح التحقيق مهم من أجل توضيح الحقائق وإظهار أنه لم تكن هناك عرقلة لسير العدالة في أي وقت من الأوقات".
وأشارت صحف "أو غلوبو" و"فولا دي ساو باولو" و"او استادو دي ساو باولو" و"فالور"، الى أن التحقيق حول عرقلة سير العدالة لا يطاول روسيف فحسب، بل أيضاً لولا دا سيلفا والعديد من الوزراء السابقين في حكومة الرئيسة المعلقة مهامها.
وكانت روسيف عينت في 16 مارس الماضي لولا رئيساً لديوان الحكومة (شبه رئيس وزراء)، بينما كان يواجه إمكانية اتهامه وتوقيفه من قبل القاضي سيرجيو مورو المكلف التحقيق في فضيحة بتروبراس.
وبتعيينه وزيراً يكتسب نوعاً من الحصانة التي تعفيه من المثول أمام المحكمة العليا في قضية جزائية تتعلق بأفعاله، ليفلت بذلك من القاضي مورو.
ومساء يوم صدور قرار تعيين لولا الذي علقه القضاء، بث القاضي مورو تسجيلاً لمكالمة هاتفية تعزز الشكوك في مناورة لحماية الرئيس السابق.
وقالت للرئيس لولا في الاتصال إنها سترسل إليه مرسوم تعيينه بسرعة ليستخدمه "في حال الضرورة".
"أنا بريئة"
وجاء تسريب قرار المحكمة العليا بعد ساعات من رسالة وجهتها روسيف الى الشعب البرازيلي وأعضاء مجلس الشيوخ، أكدت فيها براءتها وطلبت إعادتها الى منصبها. كما اقترحت انتخابات مبكرة لتسوية الأزمة السياسية البرازيلية الخطيرة.
وقالت روسيف في رسالتها المصورة التي نشرت على مواقع التواصل الاجتماعي: "يجب على مجلس الشيوخ وقف إجراءات الإقالة والاعتراف في ضوء الأدلة الدامغة بأنني بريئة".
وأضافت: "إذا تم تمرير إجراءات الإقالة فإننا سنكون أمام انقلاب"، مؤكدة قناعتها "بضرورة الدعوة الى استفتاء لمشاورة الشعب بشأن انتخابات مبكرة".
ولا ينص الدستور على إمكانية إجراء انتخابات مبكرة خلال الولاية الرئاسية. لذلك ولتحقيق هذا الهدف يفترض أن يتم تعديل الدستور بموافقة ثلثي أعضاء البرلمان.
"معجزة" غير مرجحة
وروسيف متهمة بالتلاعب بحسابات عامة وبتوقيع مراسيم تنص على نفقات غير مدرجة في الميزانية دون أن تطلب موافقة البرلمان مسبقاً، وهو إجراء لجأ اليه الرؤساء السابقون بشكل واسع.
وتتهم روسيف نائبها ميشال تامر الذي كان حليفها وأصبح خصمها ثم تولى الرئاسة بالنيابة بعد تعليق مهامها، بالقيام بانقلاب في المؤسسات.
ويرى عدد من المحللين من كل التيارات أن "معجزة" فقط يمكن أن تنقذها من الإقالة.
وقال المحلل في مؤسسة جيتوليو فارغاس إن الأغلبية البرلمانية جنحت الى اليمين الى درجة "أنه من المستحيل عملياً أن تعود الى السلطة وأعتقد أنها تعرف ذلك".
وتامر (75 عاماً) الذي لا يتمتع بالشعبية إطلاقاً، سيحل محل روسيف حتى انتهاء مدة ولايتها في نهاية 2018.
ومنذ إعادة انتخابها بصعوبة في 2014، واجهت روسيف عداء برلمان محافظ جداً وأسوأ انكماش اقتصادي وفضيحة فساد هائلة مرتبطة بشركة النفط الوطنية بتروبراس، تهز حزبها وكل النخبة السياسية تقريباً.