أول انتخابات فلسطينية منذ 10 سنوات.. تعرف على خارطة النفوذ وفرص المتنافسين

عربي بوست
تم النشر: 2016/08/17 الساعة 10:20 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/08/17 الساعة 10:20 بتوقيت غرينتش

حالة من الشك والتردد، تكتنف التحضيرات للانتخابات البلدية الفلسطينية؛ ما بين تخوف من "إلغاء" عقدها في اللحظة الأخيرة، ومخاوف من "تعزيز" انقسام سياسي تعيشه الأراضي الفلسطينية منذ 10 سنوات، خاصة في ظل تأكيد لجنة الانتخابات المركزية أمس الثلاثاء أن الانتخابات ستجري وفق نظام "القوائم" فقط وعدم قبول الترشح الفردي، وهو الأمر الذي يضعف فرص المستقلين مقابل التكتلات الفصائلية.

حماس من التحفظ للقبول

في 21 يونيو/حزيران الماضي، أعلن مجلس الوزراء الفلسطيني أنه سيتم إجراء انتخابات مجالس الهيئات المحلية في الضفة الغربية وقطاع غزة، يوم 8 أكتوبر/تشرين الأول، الأمر الذي قابلته حركة حماس بالتحفظ، حيث جاء دون تشاور وتوافق مسبق كما هو متعارف عليه وفقاً للاتفاقيات الموقعة ما بين الأحزاب والفصائل الفلسطينية ابتداءً من اتفاق القاهرة عام2005 وهو الاتفاق الناظم لانتخابات البلدية عام 2005 وما تبعها من انتخابات رئاسية وتشريعية عام 2006.

وفي 15 يوليو/تموز أعلنت حركة حماس التي تسيطر على قطاع غزة أنها "ستسمح بإجراء الانتخابات البلدية في قطاع غزة، والضفة الغربية، وستعمل على إنجاحها"، عقب سلسلة من لقاءات ومشاورات عقدتها الحركة مع الفصائل في القطاع.

حماس، التي ترى في مشاركتها بقوائم حزبية صريحة أمراً قد يعرضها للاستهداف واعتقال كوادرها من قبل الاحتلال كما حدث عقب انتخابات 2006، أعلنت أنها ستدعم قوائم "كفاءات مهنية"، وحددت لذلك 6 معايير تتمثل في "القوة والأمانة والكفاءة والقدرة والمهنية وتحمل أعباء المرحلة".

وقالت الحركة إنها طرحت فكرة تشكيل قوائم مشتركة على عدد من الفصائل الفلسطينية، إلا أنها لم تتلقَّ أي إشارات إيجابية.

فتح من التشجيع للتردد

في المقابل، رحبت حركة "فتح"، المنافس الرئيسي على الساحة السياسية، منذ اللحظة الأولى لإعلان عقد الانتخابات وأعلنت عن جاهزيتها لدخولها، إلا أن هذا الترحيب بدأ يتداخل مع بعض الأصوات الفتحاوية المطالبة بتأجيل الانتخابات أو إلغائها لحين ترتيب الصف الداخلي للحركة في أعقاب الخلافات الداخلية خاصة ما بين تيار الرئيس محمود عباس، وتيار القيادي المفصول محمد دحلان والمقيم حاليا في الإمارات.

ففي تصريح صحفي للنائب والقيادي في حركة فتح جمال الطيراوي، دعا اللجنة المركزية للحركة لإعادة النظر بإجراء الانتخابات، مبرراً ذلك بأن "الوضع الذي تمر به الحركة من تخبط في هذه المرحلة لا يسمح بالمشاركة في الانتخابات دون اللجوء إلى حوار يشارك فيه الكل الفتحاوية للنهوض بالحركة من جديد لكي نقطع الطريق على كل المتربصين والمتآمرين على تصفية وإنهاء الحركة".

واعتبر الطيراوي قبول حماس المشاركة في الانتخابات بمثابة "تآمر وتلاقي أجندات مع الإسرائيليين"، حيث "يسعيان – بحسب قوله – بكل جهودهما لتقويض وإنهاء حركة فتح".

مطالب الطيراوي، وبعض الأصوات الأخرى في الحركة، لم يتم تعزيزها بمواقف رسمية، إلا أنها عكست بعض الإشكالات في ظل توالي تقديم قيادات أقاليم في الحركة استقالاتهم، سواء اعتراضاً على طريقة الترشيح المتبعة داخل الحركة، أو استخدام مبدأ "فحص السلامة الأمنية" الذي تقوم به الحركة لمرشيحها حتى لا يكونوا ضمن ارتباطات بتيار محمد دحلان.

وعلى الرغم من ذلك أعلنت حركة "فتح" أن كتلتها ستخوض الانتخابات البلدية تحت اسم "كتلة التحرر الوطني والبناء – تحدي صمود شراكة تنمية – معًا من أجل الاستقلال، والحكم المحلي الرشيد"، مشيرة في بيان لها يوم 15 أغسطس/آب الجاري إلى أنها ستخوض الانتخابات إلى جانب كتلتها الرئيسية، ضمن تحالفات وطنية ومجتمعية عريضة، دون أن تفصح عن هذه التحالفات.

توحّد اليسار

اليسار الفلسطيني أعلن ولأول مرة 5 من أحزابه التوحد تحت اسم "التحالف الديمقراطي" لخوض الانتخابات البلدية بقائمة موحدة، تشمل الجبهتين الشعبية والديمقراطية لتحرير فلسطين، والمبادرة الوطنية الفلسطينية التي يرأسها الدكتور مصطفى البرغوثي، وحزب الشعب الفلسطيني، والاتحاد الديمقراطي الفلسطيني "فدا".

وفي حديثه لـ"عربي بوست" علل القيادي في الجبهة الشعبية عبدالعليم دعنا هذا التحالف من منطلق "خلق تيار ثالث وعدم ترك الساحة الفلسطينية فقط للتيارين الرئيسيين"، في إشارة منه إلى حركتي فتح وحماس.

الجهاد تقاطع

من جانبها أعلنت حركة الجهاد الإسلامي مقاطعتها للانتخابات، وقالت في بيان لها: "بعد استكمال الدراسة والمشاورات تعلن حركة الجهاد أنها لن تشارك في الانتخابات البلدية والمحلية المعلنة"، موضحة أنه "برغم التباين في الاجتهاد واختلاف الموقف، فإنها تدعو الجميع إلى توحيد الجهود والعمل معاً لتحقيق الوحدة، وتعزيز صمود شعبنا في مواجهة مخططات الاحتلال وعدوانه المتواصل على الشعب والأرض والمقدسات، خصوصاً المسجد الأقصى الذي يواجه خطر الهدم".

مناطق النفوذ المفترضة

شكلت الانتخابات البلدية عام 2005 حالة فاصلة من الانتخابات المحلية، وذلك بعد مشاركة حركة حماس لأول مرة بها منذ اتفاق أوسلو، حيث تمكن الحركة في حينه بالفوز بغالبية المجالس البلدية والهيئات المحلية، وخاصة ذات الثقل الجماهيري.

وفي أعقاب الانقسام السياسي صيف 2007، حلت السلطة الفلسطينية غالبية المجالس المحلية والبلدية بالضفة الغربية، وخاصة التي فازت حماس بغالبيتها، باستثناء بعض البلديات كما حدث مع بلدية نابلس (شمال الضفة) التي استمرت إدارة البلدية فيها لقائمة الإصلاح والتغيير المحسوبة على حماس.

وفي عام 2012 أجريت الانتخابات المحلية في الضفة الغربية بشكل منفرد، في وقت رفض حركة حماس إجراءها بغزة، أو المشاركة فيها، على اعتبار أنها "لا تقوم على أساس توافقي"، حيث تنافست قوائم تيارات فتحاوية ومستقلين، فيما تم تعيين بعض مجالس الهيئات إما بالتزكية أو من خلال وزارة الحكم المحلي، فيما بقيت البلديات في قطاع غزة على حالها طوال العشر سنوات الماضية.

ويصعب تحديد مراكز النفوذ والقوة بشكل مسبق في الانتخابات البلدية الحالية، إلا أن د. عبدالستار قاسم، أستاذ العلوم السياسية في جامعة النجاح، يرى أن "حركة فتح في وضع حرج نتيجة الخلافات الداخلية بين تياراتها، ما انعكس أيضاً على قدرتها في إيجاد شخصيات مناسبة تتصدر قوائمها الانتخابية".

وأوضح في حديثه لـ"عربي بوست" أن "هذا الشيء واضح في حديث الحركة عن إمكانية تشكيل بعض التحالفات ودعم الكفاءات، وهذا قد يدفع بفتح إلى محاول البحث عن مخارج لها سواء في إلغاء الانتخابات أو تأجيلها"ـ على حد تعبيره.

بدوره أشار د. بلال الشوبكي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الخليل، إلى أن "حماس في مشاركتها بالانتخابات المحلية تكون أمام أمرين: الأول مخاوف متعلّقة ببيئة الضفة حيث حماس مقيدة فيها (استهداف الاحتلال لكوادرها، أو تقييد السلطة الفلسطينية لنشاطاتها)، والثاني في غزّة، خاصة أن الحركة تعلم أن حصار 10 سنوات قد يجعل من النتائج مفتاحاً لقلب الطاولة على حماس".

السرية هي الشعار وكافة الاحتمالات مطروحة

ورغم فتح باب الترشح أمس.. لازالت السرية والتكتم تحيط بقوائم وأسماء المرشحين الذين يدعمهما الفصيلين الأكبر فتح وحماس، لخوض الانتخابات المحلية الثالثة منذ تولي السلطة الفلسطينية في تسعينيات القرن الماضي.

وكشف مصدر مطلع رفض ذكر اسمه أن حركة حماس لن تكشف عن توجهاتها لدعم قوائم معينة أو الدفع بقوائمها إلا في الساعات الأخيرة قبل غلق باب الترشح في الخامس والعشرين من أغسطس/آب الجاري.

وأشار المصدر ذاته إلى أن "10 سنوات من تجربة الحكم التي خاضتها حركة المقاومة حماس، وفي ظل حصار قاس، أدخلت الكثير من الاحتمالات في المعادلة التي كانت محسومة لصالح حماس قبل 10 سنوات"، موضحاً: "قد يكون هناك إجماع أو تعاطف شعبي مع المقاومة، لكن تجربة الحكم تثير الكثير من الانتقادات ويزيد منها وضع الحصار القاسي، وهذا لا ينفي أن لحركة حماس نسبة مضمونة، وكذلك لحركة فتح".

واستطرد: "يبقى الرهان على الكتلة الحرجة من المواطنين، الذين عانوا الحصار والانقسام، لترجيح كفة طرف عن الآخر، وهؤلاء قد ينحازون للفصيل الذي يستطيع أن يستميل لقوائمه المستقلين والمرشحين العشائريين، وقد يقررون معاقبة الطرفين بمقاطعة الانتخابات".

ولفت إلى أنه "في كل الأحوال دور المحليات في فلسطين يبقى محدوداً حيث لا صلاحيات لها على معظم المرافق العامة، ولكن قيمة هذه الانتخابات تأت كونها سياسية بامتياز، كترمومتر لقياس ما آلت إليه شعبية كلا الفصيلين بعد 9 سنوات من الانقسام".

وبلغ عدد من لهم حق التصويت في الانتخابات المرتقبة قرابة مليوني ناخب، لاختيار 416 هيئة محلية، منها 25 في قطاع غزة، والباقي في الضفة الغربية المحتلة، بكلفة تصل إلى 8 ملايين دولار، بحسب ما أعلنته وزارة الحكم المحلي الفلسطيني.

ويشترط في القائمة المترشحة وفق لجنة الانتخابات المركزية أن يكون الحد الأدنى لها نصف عدد مقاعد الهيئة المحلية لكل منطقة زائد 1، والعدد الأقصى هو عدد المقاعد في الهيئات المحلية، كما ويجب أن يكون هناك كوتة نسوية، حيث يستلزم قبول ترشح القائمة أن يكون من بين أول 5 أسماء امرأة، وثاني 5 امرأة أخرى حتى تصل النسبة لـ20%.

ويشترط في المرشح ضمن القائمة لعضوية مجلس الهيئة المحلية ما يلي:
– أن يبلغ سن 25 سنة فما فوق يوم الاقتراع.
– أن يكون اسمه مدرجاً في سجل الناخبين النهائي للهيئة المحلية المرشح لمجلسها.
– ألا يكون محكوماً بجنحة مخلة بالشرف أو بجناية.
– ألا يكون موظفاً في وزارة الحكم المحلي أو في أي من أجهزة الأمن العام أو في الهيئة المحلية أو محاميا لها، وألا يكون رئيساً أو عضواً في مجلس هيئة محلية (إلا إذا أرفق طلب الترشح بما يفيد تقديم الاستقالة وقبولها).
– أن يكون مقيماً ضمن الهيئة المحلية التي ينوي الترشح فيها لمدة لا تقل عن سنة.
– ألا يكون مرشحاً في أكثر من هيئة محلية أو قائمة انتخابية.

وفي 29 من أغسطس/آب 2016 ستقوم اللجنة بنشر الكشف الأولي لأسماء القوائم والمرشحين في مكاتب المناطق الانتخابية التابعة لها وفي مقرات المجالس المحلية وذلك لثلاثة أيام متتالية، لتمكين القوائم من التحقق من صحة بياناتها ولتمكين الناخبين من الاطلاع على أسماء القوائم ومرشحيها وممارسة حقهم في تقديم الطعون عليها.

تحميل المزيد