( إلى الرسام الشهيد عيسى عصام)
الهواتفُ لا تَردّ
والنهر لم يَعُد بعدُ
من غزوةِ المِلحِ
والجنودُ مُجَندلونَ على الحدودِ
فوق الأَسلاكِ الشائكةِ
والقطاراتِ التي تَحملُ جُثثَ الأَحياءِ
باتت مكتظّةً بأحلامِ آخرِ الليلِ
للعائدين من الموتِ العابرِ
إلى مقابرٍ يُسَمُّونها البيوت
والشيوخُ مَشغولون بتلاوةِ الأَورادِ
من مقام "كُن" وكان
والموتُ أَمامهم مشغولٌ بالفعلِ المضارعِ
والجنرالُ يُحصي تعليقاتِ المهووسينَ بلفتَتِهِ الجانبيَّةِ
فكيف تطمئِنُّ "أُمُّ عيسى" على لوحَةِ ابنِها
التي لم تكتمِل؟
***
سيقول الخُنوميّون الذين يَعبدون الطّينَ والنّار:
كان شاعرُ الحجَرِ المُقدَّرِ للرّسوخِ
ثمّ تَركوا الجثّةَ
وصنعوا تمثالًا لا تَبينُ ملامحُهُ .
***
الذين لا يعبدون شيئًا
سوى صورِهِم في المَرايا قالوا :
تعدَّدَت ألوانُهُ والخَطُّ واحدٌ، كما تدّعي الآلهةُ،
ثم غادَروا المكانَ للّحاقِ بلقطةٍ عابرة.
وقال الذين يَطبخون النّصوصَ
على نارٍ مُشتعلَة،
حتى لا يُصيبَها الوهَنُ: كادَ أن يكونَ مِنَّا
لولا بَسمةٌ يرسُمُها كلّ يومٍ على الحوائطِ والوجوهِ
ثم أطفَأوا نصّين يبتسمان ِفي الجِوار
وهناك من قَبضَ قبضةً من أثرِ الرسولِ صارِخًا:
إنّه مِنّا واسألوا شجرَ السّلالَةِ، ثمّ حملَ صورَتَه،
ونادى في الملائكِ حاشدًا ثم قطعَ الطريقَ بين الجثّةِ والدّمِ
فتَحوا للجثّةِ نهرَ نَسبٍ ومُصاهرةَ لَونٍ
ثم غادروا المشرحَة
تاركين نُقطةً من دماءٍ تَمشي وَحدها
رفَضَتها المعاملُ والمَشرحَة
تَحمِلُ الفرشاةَ، والألوانَ الباقيةَ من لوحةٍ
ترفَعُ السؤالَ البسيط:
من أطفأَ اللّونَ في المُنتصف ؟
ثم تمضي باتّجاهِ الغُيومِ
وتُواصلُ الرّسمَ
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.