“خربان البيت” ولا “خربان الروح”؟!

هي أفكار أتحدث عنها بحرية ربما كوني لم أخض تجربة الزواج بعد، وقد تختلف طريقة تفكيري أيضاً بعد هذه التجربة.. إنما أردت مشاركة هذه الأفكار لقناعتي أنها تعبر عن شريحة لا بأس بها ممن حولي، ممن لا يجدون صوتاً لأفكارهم، ويخافون نعتهم بالجنون إن أعلنوها يوماً.. وفضولي لمعرفة الآراء حول هذه الفكرة...

عربي بوست
تم النشر: 2016/07/24 الساعة 02:52 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/07/24 الساعة 02:52 بتوقيت غرينتش

"من أول المفاهيم التي يبدأ تلقين ذائقة النساء في مجتمعاتنا الشرقية بها، مفهوم قدسية البيت الزوجي، وكيف أن إفناء المرأة ذاتها لإسعاد زوجها وأطفالها هو واجب لا يختلف عليه اثنان، وهو من أول أبجديات الحياة التي تفتح المرأة عيونها عليها.. كما يتم حشو عقولهن بالفطرة بفكرةِ كارثيةِ هدم هذا البيت الزوجي، وأن مسؤولية إنعاش حياته تقع على عاتقها بالدرجة الأولى والثانية والثالثة.. منذ لقائها بفارس الأحلام الذي أكرمها بلقب الزوجة، ومنحها هذا البيت المقدس.. حتى آخر العمر..

قد أتفق مع بعض هذه الأبجديات إلى حدٍ ما.. مع الإشارة إلى قناعتي القطعية بأن الحياة مشاركة، وأن فكرة بناء هذا البيت خطوة بخطوة والمحافظة عليه هو جهد جبار، أراه بلا شك من أصعب التحديات في هذا الكون.. أصعب من الحفاظ على وظيفة أو التفوق الأكاديمي أو الإبداع في مهارة ما.. ففكرة اجتماع تجربتين إنسانيتين مختلفتين بكل خلفياتهما وأعمارهما وسنواتهما ومشاعرهما والتجارب المتراكمة التي قامت بتركيبهما.. والتزامهما ببناء حاضر ومستقبل مشترك، هذه الفكرة بحد ذاتها، بعيداً عن الضغط الاجتماعي المحيط والرعب الذي يكثف المجتمع جهوده ويوحدها لإقناع الطرفين -وبالأخص المرأة- أن مجرد احتمالية الفشل في عملية البناء هذه هي فكرة مرفوضة بشكل قطعي، وأن إنهاءها لحياتها قد يكون أقل إيلاماً من إنهاء هذا البيت، فهذه الفكرة بحد ذاتها تقع على عاتق الطرفين حسب قناعتي وتتطلب المشاركة، إذ إن البيت الزوجي يتكون من شخصين بالضرورة، وبالتالي حاله كحال أي شراكة في الدنيا، على كل طرف مشارك بذل الجهد والقيام بدوره في هذه المسؤولية..

ما أودّ الحديث عنه هنا هو تلك الحالات التي لا يكون فيها البيت سعيداً، ومع ذلك يتم تلقين الزوجين وبالأخص الزوجة مراراً وتكراراً بأنه لا يحق لها مجرد طرح فكرة إنهاء هذه العلاقة وهدم هذا البيت المقدس.. وأن احتمالها لعذابات روحها يوماً بعد يوم، وانكسار هذا الشيء الجميل في أعماقها لحظة بعد لحظة، وتلوث تلك العذوبة، وانطفاء ذلك البريق الذي كانت تشعّ به يوماً، وقتل الفرح الذي كان يرقص محيطاً بها.. كل هذا القبح أجمل في مفاهيمنا، التي أجد نفسي عاجزة عن استيعابها حتى هذه اللحظة، من فكرة هدم البيت.. وكأن البيت أكثر قداسةً من الروح التي نفخ فيها خالقها!

ما معنى إفناء العمر في سبيل الحفاظ على بيوتنا، في الوقت الذي لا نكترث فيه لحظة لحماية أرواحنا والمحافظة عليها؟! وهل حقاً نكون قد حققنا الإنجاز الأسمى إذا بنينا بيوتنا، وحافظنا على الألقاب الزوجية التي يرضاها المجتمع بكل ما أوتينا من قوة، في الوقت الذي قتلنا فيه أرواحنا التي لولاها لما قام بيت في يوم من الأيام؟! هل حقاً يستدعي الهدف كل هذه التضحية؟!

قطعاً ليست هذه دعوة مني لهدم البيوت وإنهاء العلاقات الزوجية! وليس هذا ما أرمي إليه من كلامي.. ولكنها دعوة للنظر والتأمل.. لإنقاذ أرواح ذبلت خصوبتها وشاخت سنوات في سبيل الحفاظ على شباب بيت يطول عمره على حساب عمرها.. أرواح شابة جميلة، كانت تشتعل شغفاً وحياة، قبل أن تكسرها إهانات من هنا، وعنف من هناك، وخيانات، وتجريح، وغياب.. إلى ما ذلك من حالات لا يتسع المقام لذكرها بالتفصيل..

وهنا بالمناسبة كثيراً ما أتساءل أيضاً ما الأقل إيلاماً؟! هل هي فكرة العيش بوحدة كون الروح لم تلتقِ بمن يروي عطشها.. والتصالح مع هذه الفكرة حتى إشعار آخر.. أم قبول مشاركة تفاصيل الحياة مع روح لا تروي هذا العطش تحت مسمى وشكل يرضي الأرواح المحيطة؟!

هي أفكار أتحدث عنها بحرية ربما كوني لم أخض تجربة الزواج بعد، وقد تختلف طريقة تفكيري أيضاً بعد هذه التجربة.. إنما أردت مشاركة هذه الأفكار لقناعتي أنها تعبر عن شريحة لا بأس بها ممن حولي، ممن لا يجدون صوتاً لأفكارهم، ويخافون نعتهم بالجنون إن أعلنوها يوماً.. وفضولي لمعرفة الآراء حول هذه الفكرة…

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد