عرض كتاب "دراسة في سيسيولوجيا الإسلام" لعلي الوردي "٣/٣"
تكلمت في المنشورين الماضيين عن الكتاب، ووصلت إلى الفصل الرابع، والآن نواصل ونختم الكتاب.
الفصل الخامس صراع الظالم والمظلوم
تكلم في هذا المبحث عن الصراع السني – الشيعي صراع ظالم ومظلوم
سياقات الشيعة تشبه إلى حد كبير المسيحية في الاضطهاد والنزوع نحو المثالية وإلباس رجالات دينهم لباس العظمة والأقرب إلى الإلهية، وعلل ذلك بنظرية نيتشة أصل الأخلاق في أن الإنسان حين يضطهد ينزع هذا المنزع، ثم ذكر العقلية السنية، وأنها أكثر تمسكاً بالنصوص المقدسة، وتمنع الاجتهاد الذي هو في رأيه انتهى في القرن الثالث الهجري، واعتماد المذاهب الأربعة، وعلل ذلك بسبب ضعف اعتمادهم على الفلسفة.
وذكر أحمد أمين أن للحكم البدوي التركي سبباً رئيسياً في ذلك، وتعقب الوردي بأن البدو حكموا قبلهم وعلل ذلك بأن طبيعة البدو هي الشراسة والتباهي التي لا تتحمل أي نوع من أنواع المثالية الصرفة والجدال الفلسفي الحر.
يرى بعض الباحثين أن الشيعة يفضلون أئمتهم على الأنبياء، وعارض المؤلف ذلك، وذكر أن القوم إنما يرون أن في أئمتهم الذين اضطهدهم الخلفاء رمزاً لثورتهم.
في آخر الفصل عقد المؤلف مقارنة بين السنة والشيعة في بعض الاختلافات في أنها تتمثل بين السيد ونزعة التعالي والكرامة والواقعية والاهتمام بالدين لدى السنة، ويقابلها العبد ونزعة الخضوع والذلة والمثالية والاهتمام بالدولة لدى الشيعة.
****
الفصل السادس "علي" ومعضلة الإسلام
تكلم هنا عن طبيعة الصراع الذي نشأ في الصحابة، صراع الظالم والمظلوم، وصراع المثالية الذي يمثله علي، والواقعية التي يمثلها معاوية، تكلم أن المثالية والواقعية تحققت مؤقتاً في عهد النبي، ويشير إلى أن النبي عليه السلام كان النبي والحاكم، وبعبارة أخرى الكاشف للمثالي والممثل للواقعي، وكذلك أن الذي ساعد على ذلك طبيعة المتدينين والمنتمين إلى الإسلام، فقد كان انتماؤهم دينياً محضاً، الخطوة الأولى للصراع بين مثالية الإسلام وواقعيته تمثلت في الغنائم في عهد عمر وتقسيمها بين الناس حسب الأسبقية في الإسلام، ولم يسوّ بينهم، فكان هذا التقسيم غير العادل أولى خطوات المشكلة، فالمثالية والرخاء لا تسيران يداً بيد، واستشهد بقول ينغر "إلى أن الناس المثاليين هم أقل الناس امتيازاً في المجتمع، وبالتالي فهم ينكفئون عن العالم؛ لأنهم يرون أن أفكار الدين يمكن أن تدوم من خلال التحرر من المؤثرات الدنيوية فهم بذلك ينكفئون على أنفسهم في كتلة دينية بحتة".
تأتي المعضلة الأخرى، زمن عثمان فكان ضعيفاً هزيلاً في حكمه ومحابياً لمن قاتل أهل الإسلام، ومؤثراً لهم بالخلافة، فأدى إلى الثورة عليه؛ لأنها أي الشعوب شعرت بالاستياء والظلم، وتوفرت فيهم الكرامة والاعتداد بالشخصية التي تدفع للثورة.
وفي طبيعة الصراع بين علي ومعاوية يرى أنه صراع بين مبدأ الفضيلة المتحققة في علي الذي كان يقاتل بشرف، وبين معاوية الذي كان يتخذ كل وسيلة للوصول إلى الحكم، وذكر في معرض آخر أنه صراع بين الواقعية والمثالية.
شخصية علي كانت ملهمة لمن بعده حتى ظهور التصوف، فقد كان من الملهمين لهم، وعن إخفاق علي في الخلافة لم يكن لضعف في الرؤية، وإنما لمثاليته المفرطة، وأشار إلى أن الشعوب المضطهدة تنزع عن نفسها القيم التي تنادي بها في حال وصلت للحكم، واستشهد بكلمة لجورج سول بأن كل امرئ يجعل من السلطة معياراً رئيسياً للعمل يخاطر بضياع القيم الأخرى، يوضح فون وايس أن هناك قيماً لا يمكن إدراكها إلا بفناء قيم أخرى من نوع آخر، وهو في ذلك يشير إلى طبيعة الحرب بين علي ومعاوية.
*****
الخاتمة:
وفي خاتمة الكتاب عرض للدين كحركة ثورية، وتحوله إلى مؤسسة، وأن الفقراء أول أتباعه، والمثل بين الإسلام والمسيحية، وتكلم عن فكرة المهدي، ففي الدين كحركة ثورية ذكر أن الإسلام ليس استثناء من بقية الأديان، بل إنه تحول في مرحلة مبكرة مقارنة بالمسيحية، وهو ما أدى إلى كثرة الطوائف فيه، ولعل هذا هو العامل الجوهري لوجود الطوائف، ثم لماذا هذه الظاهرة، أي تحول الدين من ثورة إلى مؤسسة محافظة، قال إنه الصراع بين المثالية والواقعية، أو ما يسمى "معضلة الكنيسة".
وعن وجود الفقراء كأول المؤمنين بالدين فهو لأنهم يبحثون عما يمنعهم من الظلم، فاتباعه سببه معاناتهم من الظلم، ذكر أن المثالية في الإسلام أدنى منها في المسيحية، وأنها في الإسلام قابلة للتحقق وأكثر عملية، والشيعة الذين يمثلون المثالية بوصفه توقع أنهم سيكونون أقل مثالية عند حصولهم على السلطة مع مرور الزمن، وتخللت المثالية في السنة، وإنما تخللها هو بسبب الصوفية، وذكر طبيعة الإنسان هي السبب في عدم توافق المثالي والواقعي، فالوسط الذهبي متعذر، أما عن المهدي فقد ظهر في السنة أكثر من الشيعة، ولم يظهر في الشيعة إلا مرة واحدة، وذلك لصعوبتها، أي الفكرة لدى الشيعة، وواقعيتها لدى السنة، وأما عن نظرية المهدي فهو يرى أنها معقولة من الناحية الاعتقادية، فهي تمثل الثورة التي تنقذ المجتمع، فلذلك تحتاج اليها الشعوب.. انتهى.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.