مآذن ضد العسكر .. كيف دعت المساجد التركية المواطنين للنزول وحماية الديمقراطية

عربي بوست
تم النشر: 2016/07/21 الساعة 09:09 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/07/21 الساعة 09:09 بتوقيت غرينتش

رسالة نصية غير ملزمة.. جندتْ 85 ألف مسجد في تركيا لمواجهة الانقلاب

إذا كنت ممن حضروا ليلة محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا ليلة 15 يوليو/تموز 2016، فلا بد أن يكون استرعاك ذلك الدور البارز الذي لعبته المساجد في الحشد، ومواصلتها للأذان والتكبير والدعاء طوال تلك الليلة وحتى ظهيرة اليوم التالي.. ولكن هل تعلم أن هذا الدور كله بدأ برسالة نصية SMS لم تكن تحمل توجيها ملزماً؟

الرسالة التي تلقاها أئمة المساجد من هيئة الشؤون الدينية كانت تستحثهم على لعب دور، ولكنها لم تكن تملك أي قدرة إلزامية ولم تصدر كأمر إداري، يقول نصها: "القيام بواجبنا اليوم لحماية دولتنا هو أكبر واجب يقع على عاتقنا، فانتهاك وحدة الشعب والدولة ورفاهيته وأمنه والإرادة الشعبية بالعنف والشدة هو أمر غير مقبول أبداً، وبصفتنا الدليل الروحي لشعبنا سنتصدى مع شعبنا لجميع المحاولات غير القانونية، ومن هذا المنطلق ندعوكم جميعاً إلى التصدي لأكبر إهانة لشعبنا العظيم من منابرنا التي تعد رمزاً لحريتنا وذلك دون اللجوء للعنف".

قبيل هذه الرسالة قالت صحيفة "زمان" التركية، إن رئيس هيئة الشؤون الدينية كان قد أجرى اتصالاً بالمفتين في 81 مدينة تركية فور وقوع الانقلاب وطلب إليهم التوجه للمساجد ورفع الأذان.


بعد تلقيهم هذه الرسالة خرج معظم الأئمة إلى المساجد، وسمع شهود عيان في مدن تركية مختلفة أصوات الأذان والتكبير والدعاء تصدح من مكبرات الصوت ومآذن الجوامع والمساجد في المدن التركية خاصة إسطنبول، التي بدأت مساجدها رفع الأذان قبل صلاة الفجر بأكثر من أربع ساعات بالتزامن مع دعوة الرئيس التركي للمواطنين -عبر مكالمة مرئية لفضائية تركية- بالنزول للشوارع والتجمع في الميادين والمطار لحماية الديمقراطية ورفض الانقلاب العسكري.

الاستجابة كانت واسعة على ما يبدو، فقد كان لافتاً أن طلاب المدارس الدينية ومعاهد الأئمة والخطباء كانوا في مقدمة الصفوف التي واجهت الانقلاب، ووثقت مقاطع الفيديو عدداً كبيراً منهم بزيهم التقليدي يحيطون بالدبابات ويتظاهرون في طريق المطار وفي ميدان سراشهانة والبلدية بالفاتح بإسطنبول.

حسين هو أحد المواطنين الذين سمعوا نداءات المساجد.. هو يعمل في مخبز قريب من مطار أتاتورك في إسطنبول، وقد فوجئ بالتطور السريع للأحداث ليلة الانقلاب حينما كان يعود مع أسرته بعد أجازة العيد واستمع لنداءات المساجد ورأى احتشاد الناس استجابة لهم ولدعوة الرئيس أردوغان بالنزول للشوارع.

لا يرى حسين بأساً في هذا الدور، فللمسجد حسبما يقول دور مهم في حماية الوطن والشعب وقد لعب أئمة المساجد دوراً إيجابياً خلال ليلة الانقلاب واليوم الذي تلاه.

هكذا ظلت المساجد تصدح بالتكبير عبر مكبرات الصوت ليلة الانقلاب واليوم التالي لها

"إيشيك" الطالبة في جامعة الشرق الأوسط التقنية في أنقرة، ترى في المقابل أن المساجد ينبغي أن تبقى بعيدة عن الشؤون السياسية، ولذلك لم تكن سعيدة بقيام المساجد بدعوة المواطنين للنزول للشوارع، رغم إقرارها بأن هذه الدعوة أدت لحشد الملايين في فترة وجيزة، وتقول أنها كانت في الشارع ولم تشعر بالخوف لأنها لا تؤيد الحكومة الحالية، لكن أصوات المساجد في كل مكان في أنقرة كانت تدعو الناس للمشاركة والاحتشاد بالميادين.

والموظفون الدينيون في تركيا يعتبرون موظفين مدنيين أو حكوميين، يتبعون مديرية الشؤون الدينية (يطلق عليها في تركيا اختصاراً اسم: ديانات)، ويبلغ عدد موظفيها 80 الف شخص وتغطي المديرية كافة النفقات، بما في ذلك عمارة المساجد ورواتب العاملين والمفتين والأئمة الذين يتخرجون من مدارس الأئمة والخطباء وكليات الإلهيات.

ولعبت المساجد دوراً كبيراً خلال الحقبة العثمانية حيث كانت المساجد ترتبط بالسلاطين وتعقد فيها المناسبات السياسية والوطنية والدينية والاحتفالات العامة، وكذلك خلال حقبة تأسيس الجمهورية حينما منع رفع الأذان باللغة العربية وألغيت الدروس الدينية ومنع الحجاب، وقامت ثورة الشيخ سعيد ضد سياسة التتريك ولعبت خلالها المساجد دوراً كبيراً في الحشد، وتم استخدام بعض المساجد لغير أغراض العبادة خلال حقبة مصطفى كمال أتاتورك وعصمت إينونو.

وبلغ عدد المساجد في عموم تركيا حسب احصائية حوالي 84 ألف و684 مسجداً من بينها أكثر من ثلاثة آلاف مسجد وجامع في مدينة إسطنبول ومثلهم في قونيا التي التي شهدت أيضاً مواجهات واسعة مع الانقلابيين، وتبلغ نسبة المسلمين في تركيا حوالي 98%.

علامات:
تحميل المزيد