بينما وجه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الاتهام مباشرة إلى زعيم جماعة الخدمة أو "هيزمت" فتح الله غولن بالوقوف وراء محاولة الانقلاب الفاشلة التي شهدتها تركيا ليلة 15 من يوليو/تموز 2016 فإن هناك مؤشرات أن هناك ضباطاً آخرين شاركوا أتباع غولن في محاولة الانقلاب .
وبعد القبض على مئات الضباط والعساكر والتحقيق مع عدد كثير منهم وانتشار المراسلات التي جرت بين الانقلابيين بدأت الصورة تنكشف رويداً رويداً.
الرائد السابق في القوات الخاصة التركية والمحلل السياسي متين غورجان قال في تصريحات نشرتها صحيفة حرييت التركية إن العقل المدبر للانقلاب هم الضباط الموالون لجماعة فتح الله غولن الذي يقطن في ولاية بنسلفانيا في الولايات المتحدة الأميركية.
ويتابع غورجان قائلاً إن المجموعة التي نفذت الانقلاب يمكن تقسيمها إلى ثلاث فئات: الأولى هي الضباط في جماعة فتح الله غولن، والثانية هي الضباط المعارضون للحكومة وهم من ذوي الاتجاهات العلمانية الشديدة، والثالثة هم الضباط ذوو المصالح والأهداف الخاصة. مشيراً إلى أن المرحلة المقبلة سنشهد فيها تآكل هذه الكتلة مع بدء المواجهة بين هذه الفئات الثلاث.
خطة الانقلابيين
يقول غورجان إن تنفيذ الخطة جاء على عجالة وشبهها بالقفزة الانتحارية حيث أن محاولة الانقلاب جاءت قبيل اجتماع مجلس الشورى العسكري مطلع شهر أغسطس /آب 2016 الذي كان سيحال فيه 1200 ضابط إلى التقاعد فيما يتم تقليص حجم القوات المسلحة التركية.
وكانت الخطة مكونة من ثلاث مراحل تقضي الأولى منها بالسيطرة على المواقع الأمنية الحساسة في العاصمة التركية أنقرة ومن ثم إسطنبول وبعدها مباشرة يبدأ الضباط في باقي المدن بإعلان الأحكام العرفية في البلاد.
كما تقتضي المرحلة الأخيرة بفرض حكم المجلس العسكري بقوة السلاح في باقي أنحاء تركيا.
لماذا فشل الانقلاب؟
عن أسباب فشل الإنقلاب تحدث الصحفي مصطفى يوريكلي الذي شهد عدة محاولات انقلاب سابقة في تركيا في مقالة على موقع "خبر يدي" معدداً أسباب الفشل بالتالي:
1 – الظهور السريع والقوي لرئيس الوزراء التركي بن علي يلديريم عن طريق اتصال هاتفي بعدد من القنوات التركية ليتحدث عن محاولة جزء صغير من الجيش تنفيذ انقلاب عسكري مطمئناً الشعب بأن الحكومة ستقوم بواجبها بالحفاظ على الشرعية.
2 – ظهور أسماء أخرى مثل الرئيس السابق عبد الله جول ورئيس الوزراء السابق أحمد داود أوغلو ومسؤولين آخرين في الحكومة بشكل متواتر وعلى عدة مراحل حيث رفضوا الانقلاب جملة وتفصيلاً وأكدوا أن جميع القياديين في الدولة بأمان وعلى رأس عملهم.
3 – التدخل السريع من قبل زعماء الأحزاب المعارضة لتأكيد وقوفهم إلى جانب الشرعية ورفض الانقلاب.
4 – ظهور الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في لقاء بالفيديو وهو يطمئن الشعب التركي بأن هذه المحاولة ستفشل لا محالة.
5– تحرك قوات الأمن والشرطة ضد الانقلابيين بفعالية وحرص شديد.
ويضيف محللون آخرون أسباباً أخرى مهمة كان لها الأثر الكبير في إفشال هذه المحاولة ونلخصها بما يلي:
استعداد القيادة التركية وقوات النخبة الخاصة وتحضيرها الجيد لأي عملية انقلاب محتملة، فأردوغان يعرف أعداءه جيداً والانقلابات في تركيا ليست جديدة وبالتالي التحرك السريع والديناميكي يظهر أن الاستعداد لمحاولات الانقلاب من أنجع أسباب فشلها.
كما تمكن المسؤولون في الحكومة التركية من الحفاظ على أنفسهم، فنجاح أي انقلاب يتضمن السيطرة على قيادات الدولة من رئيس ورئيس برلمان وغيرهم.
إلى جانب ذلك كان التحرك الشعبي منهجياً، فأول من نزل إلى الشوارع كان أعضاء حزب العدالة والتنمية وكانت طريقة انتشار المواطنين مهمة جداً حيث توجهوا
مباشرة نحو مفاصل الدولة التي حاول الانقلابيون السيطرة عليها وأماكن تمركز الدبابات والجنود وبالتالي تم تعطيل أدوات الانقلابيين.