كثف النظام التركي، الإثنين 18 يوليو/تموز 2016، عمليات التطهير بعد الانقلاب الفاشل ضد الرئيس رجب أردوغان وأقال آلاف الشرطيين، لكنه وعد باحترام القانون في مسعى لطمأنة شركائه الأجانب القلقين من انحراف قمعي لسلطات تركيا.
وفي الإجمال تم توقيف 7543 عسكرياً وقاضياً بعد إقالة نحو 9 آلاف شرطي ودركي وموظف.
وبدت عملية التطهير الإثنين لافتة، خصوصاً أن أردوغان سبق وتوعد بالقضاء على "فيروس" التآمر والشقاق.
وكان رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم أعلن في وقت سابق توقيف 6038 عسكرياً و755 قاضياً و100 شرطي. وتضم القائمة 103 جنرالات وأميرالات، بينهم اثنان من القادة المفترضين للمحاولة الانقلابية.
وألغت الحكومة الإجازات السنوية لنحو 3 ملايين موظف تركي، وأمرت من كان منهم في إجازة حالياً "بالعودة إلى وظائفهم بأسرع ما يمكن".
وإثر اجتماع لمجلس الوزراء في أنقرة أكد يلدريم بوضوح أنه ستتم محاسبة الانقلابيين "على كل قطرة دم سالت".
وقدم حصيلة جديدة لعدد القتلى في المحاولة الانقلابية: 308 قتلى بينهم 100 من منفذي الانقلاب الفاشل.
سنحاسبهم بالقانون
لكن رئيس الوزراء قال إن عملية التطهير ستتم في "إطار القانون"، في رد على دعوات الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة للنظام التركي بعدم الانجرار إلى ممارسة التعسف.
وقال وزير الخارجية الأميركي جون كيري إثر اجتماع مع نظرائه في الاتحاد الأوروبي ببروكسل "ندعو بشدة حكومة تركيا إلى الحفاظ على الهدوء والاستقرار في البلاد، كما ندعو الحكومة التركية أيضاً إلى احترام المؤسسات الديمقراطية للأمة ودولة القانون".
وأبلغ الاتحاد الأوروبي تركيا أن إعادة العمل بعقوبة الإعدام التي ألغيت في تركيا في 2004 في سياق مفاوضات الانضمام للاتحاد الأوروبي، ستغلق باب الاتحاد الأوروبي أمام أنقرة.
وقالت وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي فيديريكا موغيريني "لا يمكن لأي بلد أن ينضم للاتحاد الأوروبي إذا أدخل عقوبة الإعدام" لقوانينه.
وأكد أمين عام مجلس أوروبا توربيورن جاكلان من جهته أنه "لا يمكن لأية دولة عضو (في مجلس أوروبا) ممارسة عقوبة الإعدام" وأضاف على لسان متحدث باسمه "هذا واجب مدرج في الاتفاقية الأوروبية لحقوق الانسان" موضحاً أن "تركيا صادقت على البروتوكولين 6 و13 التي تلغي عقوبة الإعدام في كافة الظروف".
مطاردة "الإرهابيين"
وكان أردوغان تحدث عن احتمال إعادة العمل بعقوبة الاعدام لدى مخاطبته الأحد لجمع من أنصاره طلبوا إعدام منفذي محاولة الانقلاب.
وتحدث يلدريم بهذا الصدد عن الشيء ونقيضه مشيراً إلى أنه لا ينبغي التسرع في هذا الشأن لكن "طلب الشعب لا يمكن تجاهله"، على حد قوله.
كما شدد الخطاب الرسمي لهجته تجاه المتمردين الذين باتت وزارة الخارجية التركية تصفهم بـ "المجموعة الإرهابية".
وفي الوقت الذي تزداد فيه الغيوم تلبداً في العلاقات التركية الأميركية قامت الشرطة التركية الإثنين بعملية تفتيش في قاعدة إنجرليك التي يستخدمها التحالف الذي تقوده واشنطن، بحسب ما أوردت وكالة أنباء الأناضول.
في المقابل تحدت واشنطن أنقرة أن تقدم "ادلة" على تورط الداعية فتح الله غولن والمتهم من أنقرة بأنه مدبر محاولة الانقلاب.
ودعا أردوغان نظيره الأميركي الأحد إلى "تسليم" غولن اللاجئ في الولايات المتحدة.
ونفى غولن قطعياً أي تورط له في محاولة الانقلاب.
واستنكر السفير الأميركي في تركيا جون باس الفرضيات التي أشارت إلى دعم أميركي للانقلاب والتي تروج لها "وسائل إعلام وللأسف بعض الشخصيات".
وقال في بيان "هذا الأمر خاطئ تماماً ومثل هذه التخمينات تسيء لعقود من الصداقة".
في هذا السياق، قال كيري الإثنين من بروكسل، إن على تركيا أن تقدم "أدلة وليس ادعاءات" ضد المعارض البالغ من العمر 75 عاماً والذي يعيش في شمال الولايات المتحدة منذ 1999.
على صعيد آخر، أوقفت السلطات السعودية الملحق العسكري التركي في الكويت ميكايل غولو خلال محاولته السفر جواً إلى أوروبا، للاشتباه بصلته بمحاولة الانقلاب، بحسب ما أفادت صحف محلية الاثنين.
وللمرة الثالثة على التوالي استمر تعليق الرحلات التجارية الإثنين بين تركيا والولايات المتحدة.
ولئن بدا أن النشاط عاد إلى شوارع إسطنبول، فإن نحو 1800 عنصر من القوات الخاصة في الشرطة انتشروا فيها لتامين النقاط الحساسة، بحسب وكالة أنباء الأناضول.
وعنونت صحيفة حرييت الإثنين "الأمر لم ينته بعد، لا تتراجعوا" موردة نداءات أردوغان المتكررة لأنصاره للبقاء في الشوارع بسبب استمرار التهديد.
وبدأت الأسواق تعكس العودة التدريجية إلى الوضع المعتاد، مع انتعاش سعر الليرة التركية الذي بلغ 2,97 للدولار الواحد بعد تدهور تاريخي إلى 3,04 للدولار عقب بدء محاولة الانقلاب.
لكن بورصة إسطنبول كانت قبيل غلق تعاملاتها في تراجع حاد بلغ 8,86%.