سبقتهم آثار بلدانهم إلى اللجوء وكانت سبباً في حصولهم على عمل.. هكذا رحّبت المتاحف بشباب قدموا من سوريا والعراق

عربي بوست
تم النشر: 2016/07/10 الساعة 06:04 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/07/10 الساعة 06:04 بتوقيت غرينتش

لم يهربوا وحدهم من الحرب في بلادهم، بل حتى آثار من بلادهم سبقتهم إلى بلد النزوح، وكانت سبباً في خلق فرص عمل لهم.

سلسلة متاحف في برلين، أطلقت في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، بدعم من الحكومة الألمانية، مشروعاً تحت مسمى "ملتقى"، قائم على تدريب مجموعة من 19 لاجئاً سورياً وعراقياً ليعملوا كأدلاء سياحيين.

ويسهم هؤلاء الشباب في تعريف الزائرين بالآثار التي جيء ببعضها من بلدانهم لتُعرض في العاصمة الألمانية، ضمن لقاءات تعد فرصةً للتبادل الثقافي، إلى جانب الربط بين الماضي والحاضر والصلة بين ألمانيا وسوريا والعراق.

المتاحف

وإلى جانب إتاحة الفرصة للعراقيين والسوريين لمشاهدة آثار بلدانهم في متحف الفن الإسلامي ومتحف الشرق الأدنى، يكون بوسعهم التجول أيضاً في المتحف البيزنطي (بوده) الذي يعرض مقتنيات تعود للأصول المشتركة للأديان السماوية، ومتحف التاريخ الألماني، الذي يعرض مقتنيات بشكل خاص لفترة ما بعد الحرب العالمية الثانية وإعادة البناء.

مع العلم أن المشروع ينتهي في شهر ديسمبر/كانون الأول 2016.

وفي لقاء مع كفاح علي ديب، وهي فنانة وكاتبة سورية ومن الأعضاء المؤسسين في فريق الأدلاء اللاجئين، أشارت إلى أنها وصلت لألمانيا في سبتمبر/أيلول من عام 2014.

وبحسب كفاح فقد تُرك لهم حرية اختيار العمل في المتحف الذي يناسب اهتماماتهم في البداية، فاختارت متحف الشرق الأدنى؛ لأنه يمثل ميثولوجيا المنطقة القادمة منها وهي سوريا، وكان لمزيج معرفتها السابقة عن الأسطورة السورية وما تعلمته من المادة العلمية التي تلقوها من أجل المشاركة في المشروع دور في نجاح الجولات التي تقوم بها، على حدّ قولها.

الآثار السورية

ويضمّ متحف الشرق الأدنى آثاراً من الحضارات السومرية والبابلية والأشورية
والأرامية كبوابة عشتار وتزيينات جدارية أشورية وآثار من موقع تل حلف شمال شرق سوريا، الذي كان مركزاً للحضارة الآرامية، واكتشفه الدبلوماسي ماكس فون أوبنهايم عام 1899، خلال بناء سكة حديد بغداد خلال العهد العثماني.

ورغم أن المشروع موجّه على نحو خاص للاجئين السوريين والعراقيين، الذين شكّلوا نسبة كبيرة من بين قرابة 4 ملايين لاجئ وصلوا إلى البلاد، إلا أن الجولات تشهد إقبالاً أيضاً من الطلاب والقادمين بقصد العمل إلى ألمانيا، وذلك يومي السبت والأربعاء من كل أسبوع على الساعة الثالثة ظهراً.

وقالت كفاح لـ"عربي بوست" إنها تعتبر "ملتقى" مشروعاً مهماً ومفيداً بالنسبة لها شخصياً؛ لأنها تجد فيه المكان الذي تعودت فيه لقاء السوريين والتفاعل معهم، وترى في المتحف المكان الذي يجمع ما هو مشترك بينهم، على الرغم من أن الزوار ليسوا جميعاً من سوريا، وإنما من دول أخرى أيضاً كمصر والعراق.

وأوضحت فيما يتعلق بتأثير هذه الجولات على المتاحف على الزوار أن السوريين الذين تركوا بلادهم هرباً من الحرب محطمون نفسياً، ويشعرون بالخجل حيال هذا الأمر، وقد يشعرون بفقدان الثقة بالنفس، ولا يعرفون كيف يواجهون المجتمع الجديد.

وبيّنت أنه عندما يشاهد السوريون قطعاً أثرية سورية في المتاحف الألمانية، وكيف يأتي السياح من جميع أنحاء العالم ليتعلموا من حضارة بلدهم، يستعيدون الثقة بأنفسهم، ما يسهل ويزيد من فرصة اندماجهم في المجتمع، لافتة إلى أن هناك أموراً مهمة في تاريخ سوريا لا تقتصر على الحرب، مبدية امتعاضها من تسويق كل ما هو بشع عن سوريا في وسائل الإعلام في السنوات الخمس الأخيرة.

كيف حصلت ألمانيا على الآثار؟

وعن ردات فعل زوار للمتحف قالت إن التساؤل الذي يتكرر عادة هو الكيفية التي حصلت بها الدولة الألمانية على هذه الآثار؟ ولماذا لم يتم إبقاؤها في بلدانهم، مضيفة أنها توضح لهم أن القطع الموجودة في ألمانيا وصلت غالبها بموجب اتفاقيات بين الدول، كاتفاقيات التنقيب، التي تحصل فيها البعثة المنقبة على نسبة من المكتشفات، ولم تُسرق أو وصلت بشكل غير مشروع.

واستدركت بالقول إنه قد يصل بعضها عبر ما يُسمى سوق الفن الذي قد يتضمن قطعاً مهربة، أو عبر الهدايا الدبلوماسية.

وأشارت إلى أن مثل هذه التساؤلات تفتح أبواب النقاش حول صحة قرار وجودها في ألمانيا وليست في سوريا والعراق على سبيل المثال، وغالباً ما يتفقون على أن بقاءها في الغرب صائب لتبقى محمية، وأن لا يتم تدميرها حالياً سواءً من طرف النظام السوري أو "داعش"، كما تعد فرصة لملايين الزوار للتعرف على حضارة بلادهم.

وبينت أنهم يتحدثون أيضاً عن احتمالات قيام نظام جديد في سوريا يكون أكثر حرصاً على هذه الآثار ويعيدها، وفقاً لاتفاقيات دولية.

تحميل المزيد