انتقدت الحكومة البرازيلية الدعوة التي قام بها اثنان من علماء الإنثروبولوجيا للقيام بالتواصل القسري مع قبائل جنوب أميركا الأكثر انعزالاً، للتأكُّد من بقائهم على قيد الحياة.
تقرير نشرته صحيفة الغارديان البريطانية، الخميس 7 يوليو/تموز 2016، ذكر أنه في خطاب مفتوح قام 18 خبيراً بالتوقيع عليه، قامت مؤسسة إدارة شؤون السكان الأصليين في البرازيل (FUNAI) يوم الخميس الماضي برفض الاقتراح المُقَدَّم مِن قِبَل روبرت واكر وكيم هيلز الذي يقول إن البقاء في الخفاء "غير قابل للتطبيق على المدى البعيد" بالنسبة للقبائل المتبقية في البرازيل التي يتراوح عددها ما بين 50 و100 قبيلة، ممن ليس لديهم أي اتصال بالعالم الخارجي.
تجادَل الأساتذة من جامعة ميسوري وجامعة ولاية أريزونا، في المقال الذي نُشِر العام الماضي في مجلة Science قائلين إن "القيام بالتواصل الخاضع للمراقبة هو الاستراتيجية الوحيدة الممكنة لمساعدة هؤلاء الناس".
ولكن خبراء FUNAI قالوا إن التواصل معهم قد يتسبب في مخاطر أكبر تتضمن خسارة الأرض والموارد الموجودة عليها لصالح الغرباء الذين يتميزون بالبطش والعنف، بالإضافة إلى إمكانية التعرُّض إلى الإصابة بأمراض الحصبة والإنفلونزا التي ليس لديهم مناعة ضدها، وأخيراً، خسارة استقلالهم وتمتعهم بالحكم الذاتي وحقهم في تقرير المصير.
وكان بعض ما تضمنه الخطاب الذي تم تداوله عبر وسائل الإعلام "لن يكون هناك أي نوع من أنواع السيطرة المطلقة في حالة التواصل معهم".
وقيل أيضاً: "من الضروري أن نتذكر كيف أن الممارسات التي تبنتها البرازيل أثناء توسعاتها الاقتصادية الشديدة خلال أعوام السبعينات والثمانينات من القرن العشرين تسببت في التفكك الذي تم على نطاق واسع وخسارة أعداد من السكان الأصليين، ممن لم يَكُن هناك تواصل معهم حتى ذلك الوقت".
الخطاب الصادر عن FUNAI، والذي كان يعمل على دراسة وحماية القبائل التي انقطع عنها الاتصال منذ عام 1987، يأتي في غضون النقاش الدولي حول كيفية حماية حقوق الأشخاص الذين انقطع عنهم الاتصال حول حوض نهر الأمازون.
وتشمل أعمال FUNAI تحديد وإيجاد الدلائل على وجود القبائل، بالإضافة إلى تحليل صور الأقمار الصناعية والمعلومات الصادرة عنها لدقة تحديد وحماية الأراضي المأهولة بتلك المجتمعات التي انقطع الاتصال بها.
وقال هيل وواكر في كلمتهم الافتتاحية في المقال المنشور في مجلة Science في عددها الصادر في شهر يونيو/حزيران من العام الماضي، إنهم يرفضون "سياسة ترك القبائل لشأنهم"، قائلين إن "التواصل الخاضع للمراقبة أفضل من انعدام التواصل".
مع الاعتراف بأن "سوء تخطيط التواصل" مع قبائل الأمازون، أدى إلى الوفيات في صفوف الأشخاص الأضعف في الماضي، وقالوا إن على الحكومات البدء في عملية التواصل بعد "القيام بخطة منظمة"، وإلا سوف تحدث "عواقب وخيمة لتلك الاتصالات".
وقال خبراء FUNAI إن مِثل هذه الاستراتيجيات لا تحترم رغبة تلك القبائل في أن تُترك بمفردها، وتعتبر "خرقاً واضحاً لحقوق هؤلاء الأشخاص في تحديد حياتهم الخاصة".
أما مجموعة حقوق الإنسان الموجودة في لندن، Survival International، فقالت إن المقال المنشور في مجلة Science "خطير ومُضَلِّل".
سارة شينكير، ناشطة في حملات Survival، أكدت أن العبارات التي قيلت على لسان FUNAI تعتبر ذات أهمية لأن سياسة الوكالة في الماضي كانت التواصل مع القبائل التي لم يتم التواصل معها، قبل أن تتغير تلك السياسة، التي أدت إلى حدوث وفيات في الثمانينات من القرن العشرين.
وقالت سارة في حديث لها مع Thomson Reuters Foundation "الرسالة التي يريدون إيصالها معقولة للغاية وموثوق فيها. فإن وجودهم على أرض الواقع، يُمَكّنهم من رؤية ما يحدث في الأماكن التي يوجد فيها اتصال".
وأكدت FUNAI أن الزيادة في أعداد السكان في قبائل السكان الأصليين التي لم ينقطع عنها الاتصال، في مناطق مختلفة حول الأمازون خلال العقود الأخيرة، أظهر سياستها في تحديد ومراقبة المناطق التابعة لهم، مع الاعتراف بأن احترام حكمهم الذاتي هو السبيل لحمايتهم.
وتقوم Survival International بدفع الحكومة البرازيلية لتقوم بفرض حقوق الحماية الدستورية بالقوة على الأراضي قبل البدء في دورة الألعاب الأولمبية في ريو دي جانيرو صيف هذا العام.
وفي شهر أبريل/نيسان الماضي، قام يوجينيو أراجاو، وزير العدل البرازيلي بتخصيص أراض دائمة، لتكون منطقة محمية لقبيلة Kawahiva المنقطع عنها الاتصال في الأمازون، بعد أعوام من القيام بمداهمة الأراضي عن طريق قاطعي الأشجار غير القانونيين الذين هددوا بانقراضهم.
وصرحت Survival بأن هناك اعتقاداً بأن أعداد قبيلة Kawahiva انخفضت إلى أقل من 30 شخصاً خلال الـ30 عاماً الماضية.
– هذا الموضوع مترجم عن صحيفة The Guardian البريطانية. للاطلاع على المادة الأصلية اضغط هنا.