شهد مطار الملك خالد الدولي في السعودية الجمعة 1 يوليو/تموز 2016 ازدحاما وتكدسا شديدا لأعداد المسافرين بسبب عطل أصاب جهاز نقل الأغراض نحو الطائرات، ما أدى إلى إقلاع العديد من الرحلات الدولية والداخلية من دونها.
ويعد مطار الملك خالد الدولي واجهة رئيسية للمترددين على السفر للسعودية، حيث يقع بالعاصمة الرياض، إلا أن مستوى الخدمات فيه متواضعة، وفقاً لما تداوله نشطاء على الشبكات الاجتماعية من صور ومقاطع فيديو توضح الازدحام الذي وقع الجمعة، وسط استياء كبير من قبل المسافرين من وضع الرحلات وتكدّس الحقائب بصالة المغادرة رقم 2.
وأصدرت إدارة مطار الملك خالد بياناً صحفياً أوضحت فيه أن أسباب الازدحام تعود أيضا إلى فتح رحلات إضافية من قبل عدد من الخطوط الناقلة "دون أخذ موافقة إدارة المطار".
وأضافت أن وجود رحلات متأخرة أدى إلى ازدحام في أعداد المسافرين والحقائب، حيث تجاوزت أعداد الحقائب خلال تلك الساعة 70 ألف حقيبة، وهو ما يفوق الطاقة الاستيعابية للسيور المتحركة لنقل الأغراض بثلاثة أضعاف.
إلا أن أحد المسؤولين بهيئة الطيران المدني – رفض ذكر اسمه – اعتبر البيان غير مهني ويفتقد للمصداقية، وقال لـ"عربي بوست" إن ما صُرّح به غير صحيح، "فلم تهبط طائرة قط ولم تقلع إلا بتصريح رسمي (Clearance) وخانة زمنية (Slot) محجوزة لكل رحلة على حدة".
كل الطائرات لها تصريح مسبق
وأوضح أنه لا تستطيع أي طائرة الهبوط في أي مطار ما لم يكن لها تصريح مسبق، إلا في حالات الطوارئ فقط كنقص الوقود أو الاختطاف أو الأزمات الصحية الحرجة للمسافرين أو لأحد أفراد الطاقم، أو عطل مفاجئ في الطائرة قد يشكل خطراً عليها.
وأضاف المسؤول ذاته أن كل ذلك لم يحدث، "ما يؤكد سلامة موقف الناقلات الوطنية وبقية شركات الطيران الأخرى، حيث إن هذه الأمور لا تنفذ إلا من قبل الطيران المدني".
المتحدث الرسمي باسم لخطوط السعودية، عبدالرحمن الفهد، أوضح أن الخطوط تنفذ جميع الإجراءات المطلوبة منها عند تشغيل رحلات إضافية وتنسق مع شركة الخدمات الأرضية وإدارات المطارات وجميع الجهات المعنية.
وأضاف في تصريح لـ"عربي بوست" أنه من الطبيعي أن يتم تشغيل رحلات في مثل هذا الوقت من الموسم، بسبب بدء الإجازات الرسمية لقطاعات الدولة والقطاع الخاص، وذروة العمرة مع الأيام الأخيرة لشهر رمضان.
توصيل العفش يدوياً
وقال الفهد إن التأثير الأكبر كان في الصالة الثانية، وقد أقلعت رحلات دولية وداخلية دون أغراض بعض الركاب، "ورغم أن شركة الخدمات الأرضيّة عملت بكامل طاقاتها واستدعت العاملين لتوصيل الأغراض يدوياً، إلا أنه من الطبيعي أن يكون لذلك تأثير في تأخير العديد من الرحلات".
"عربي بوست" التقت عدداً من المسؤولين بهيئة الطيران المدني لمعرفة الأسباب التي أدت لحدوث تلك المشاكل من وجهة نظرهم.
مسؤول بإدارة الطيران قال إن "هيئة الطيران المدني لا تتدخل في إدارة الرحلات منذ سنين، وتترك للخطوط السعودية وطيران ناس مسؤولية التحكم في الجداول والرحلات دون تنسيق مع عمليات المطارات".
تحذير الدراسات
وأوضح المسؤول – الذي رفض ذكر اسمه – أن "كل الدراسات حذرت من مغبة ذلك، إلا أن الأمور تسير على ما يرام ولا تزال وفق ذلك، وقد سعت عدة إدارات مسؤولة لإخضاع جداول الناقلتين لموافقات إدارات العمليات، لكن دون جدوى".
الموظفون القدامى والجدد
ومن جانب آخر، اعتبر المسؤول أن قيام إدارة الخطوط السعودية بمنح "الشيك الذهبي" للموظفين القدامى وإحالتهم إلى التقاعد المبكّر أحد أسباب تراجع خدمات المطارات، "حيث أصبحت تفتقر للعديد من الكوادر المهمة التي تسهم في تفعيل جانب الخبرة، وإنجاز إجراءات السفر بكل يسر وسهولة".
وقال إن معظم الموظفين "يفتقرون إلى الخبرة ولا يزالون يتعاملون بفوقية وتعالٍ مع المُسافرين، بينما دورهم الأساسي خدمة المسافر والسهر على راحته".
وبحسب المسؤول فإن معظم مَنْ جرى توظيفهم مؤخراً من الإداريين "لا يحملون المؤهلات المناسبة لتلك المناصب، حيث إن مدير ساحة الطائرات يحمل شهادة الكفاءة، ومديري الطيران الخاص والتشغيل يحملان شهادة الثانوية، فيما يملك مدير لجنة التحول ومدير الموارد البشرية خلفية مراقب جوي، كما أن مدير الخدمات الإدارية لا يجيد الإنكليزية وحديث التخرج عن طريق الانتساب".
كما أكد المسؤول أن هيئة الطيران المدني السعودي "تعاني من فساد إداري"، على حد قوله، داعيا الجهات المعنية للتقصي والبحث حولها لكشف ملابساتها.
ارتفاع المدخولات بعشوائية
واعتبر مصدر خاص من موظفي الرحلات الأرضية أن سبب سوء الخدمات وتأخر الرحلات هو عدم ملاءمة المنشأة لهذا الحجم التشغيلي العالي، بالإضافة إلى عدم وجود عدد كافٍ من موظفي الخدمات الأرضية لاستيعاب هذا الكم الهائل من الرحلات.
وأوضح المصدر أن "همّ الطيران المدني هو ارتفاع أرقام مدخولاته بعشوائية تامة دون الربط والتنسيق مع الجهات ذات الشأن في هذه المسألة".
تشغيل الصالة رقم 5
وكان مدير شركة مطارات الرياض، عبدالعزيز أبوحربة، قد أعلن في مايو/أيار الماضي أن منتصف شهر رمضان الجاري يشهد إطلاق شارة التشغيل الكامل للصالة رقم 5 بالمطار، وأن "التشغيل الكامل يعتمد على استكمال الملاحظات الواردة في المرحلة الأولى، والعمل على تفاديها".
وقال المصدر إنه في حال عدم قيام إدارة المطار بإنجاز توسعة شاملة فقد تواجه هيئة الطيران المدني صعوبات كبيرة في تخصيص مزيد من الشبابيك الإضافية لبعض شركات الطيران الجديدة، عند بدء تشغيل الصالات مستقبلاً.