هذه التدوينة تحتوي على كلمات بالعامية السورية
اختلف الرواة بين قائل إن وزير الدفاع السوري مصطفى طلاس هو من دفع للمطربة الفرنسية الشابة جين مانسون؛ لإحياء حفلة في ميرديان دمشق، وقائل إنه رفعت الأسد، لكن الحقيقة التي لا يختلف أحد عليها هي أن مصطفى طلاس كان يقضي أغلب وقته في مكتبه وهو "يتصبب" على صور جينا لولو بريجيدا، تماماً كما يفعل المرضى المهووسون بصور فاتنات هوليوود، والتي تصل بهم الأمور -أحياناً- إلى درجة الاعتداء عليهن بالسكاكين!
يُكثر وزير دفاع حافظ الأسد "اللي لابيكش ولا بينش" مصطفى طلاس من الظهور ببزته العسكرية مشنشلاً برزمة أوسمة ونياشين، ليوحي لمن يجهل سيرته أنه قاد حروباً حررت أرضاً، إلا أن سيرة هذا الوزير لا تشير إلى أي حرب خاضها، عدا مشاركته البائسة مع المصريين في غرفة عمليات حرب أكتوبر/تشرين التي خسر فيها السوريون أراضيَ جديدة، تضاف إلى ما خسروه عام 1967 يوم باع حافظ الأسد الجولان السوري لإسرائيل، وما عدا ذلك فإن كل "سيرته الذاتية – CV"، تؤكد أنه، كما يحلو للعراقيين أن يصفوه "كان خبير طبخ وتنسيق زهور ووزيراً للدفاع في دولة مواجهة في أوقات فراغه"!
وقد ذكر أحد مواقع التواصل أن "كل من تردد على مراكز القرار في الجيش السوري، يعرف أن سلطة طلاس لا تتعدى "منح إجازة لمجند شرط موافقة قائده المباشر، وأنه بالمختصر رجل كرسي"!
فما الذي كان يفعله هذا الوزير "بتوع النياشين"؟ ولماذا "من الصعب أخذه على محمل الجد" على حد تعبير الصحفي غسان الإمام؟!
تشير رئيسة فنلندا تاريا هالونين في مذكراتها، إلى أنها زارت سوريا مرتين في طريقها لتفقد الوحدة الفلندية في جنوب لبنان، حين كانت وزيرة خارجية بلادها، وأن وزير الدفاع العماد مصطفى طلاس كان ينتظرها في المطار خلال هاتين الزيارتين، ليأخذها بسيارته، وأنه في المرتين حاول اغتصابها، مما أدى إلى أن تقدم الحكومة الفنلندية احتجاجاً رسمياً على هذا السلوك المشين، تم وضعه في أدراج طاولة حافظ الأسد، الذي كان يتلقى هذه الأخبار بقهقهات يتردد صداها في القصر الجمهوري:
– الله عليك يا أبوفراس.. بالسيارة هههههه؟!
وحسب ويكيبيديا، كان مصطفى طلاس مولعاً بالممثلة الإيطالية جينا لولوبريجيدا. وكان يعلق في مكتبه صورتها عارية. وكان -كلما زار وفد إيطالي سوريا- لا يكف عن طلب مقابلتها وصورها، وكان يرسل لها الهدايا والكثير من دعوات الزيارة لسنوات طوال. ويشير محمد جبر إلى لقاء أجراه مصطفى طلاس مع صحيفة البيان الإماراتية عام 1998 قال مصطفى طلاس فيه: "عندما نـُشرت قوات يونيفيل الدولية في لبنان، جمعت زعماء المقاومة الوطنية اللبنانية وقلت لهم: افعلوا ما شئتم بالجنود الأميركيين والبريطانيين ولكن لا تؤذوا جندياً إيطالياً واحداً، لأني لا أريد أن أرى دمعة واحدة من عيون جينا لولوبريجيدا"!
الهوس الجنسي المرضي نفسه، كان يحدث معه في هيجانه الدائم وهوسه بجورجينا رزق، ملكة جمال الكون اللبنانية، التي كتب فيها ديواناً شعرياً، وصفها فيه أنها كعبته التي يعبدها. ويتجلى أيضاً في اهتمامه الكبير بالفنانات المصريات، اللواتي كن يزرن دمشق في مهرجانات المسرح والسينما، أمثال ليلى علوي، وبوسي، ونبيلة عبيد، وإلهام شاهين، وشريهان، وغيرهن.. حيث كانت تتم دعوتهن للمشاركة في المهرجانات الفنية بناء على أوامر شخصية منه، على الرغم من عدم وجود أعمال مشاركة لهن، وكان يضع كل إمكانيات وزارة الدفاع تحت تصرفهن، فبالإضافة للسهرات الدورية، العامة والخاصة، في بيته الذي يشع ثقافة وبهنكة، كانت سيارات وزارة الدفاع تنقلهن عن طريق "الخط العسكري" إلى منطقة شتورة اللبنانية، لتعود ممتلئة بكل ما يحويه سوبر ماركت غزال الشهير، بدءاً من علب الشوكلاتة الشهيرة، وليس انتهاءً بأفخر الساعات والأجهزة الكهربائية، والألبسة والعطور.. وكلها -طبعاً- على حساب وزارة الدفاع!
أصدر مصطفى طلاس نحو أربعين كتاباً حملت اسمه، لم يترك فيها اختصاصاً، إلا وكتب فيه، ومن أشهرها كتابه عن فوائد الثوم بعنوان"الثوم والعمر المديد"، وآخر عن "النباتات الطبية الشعبية"، وثالث ديوان شعري خصصه للتغزل بسيقان جورجينا رزق بعنوان "تراتيل" ورابع بعنوان "مرآة حياتي"، وقد صدر بعدة أجزاء، أبرز ما فيه حديثه التفصيلي عن كيف أنه كان وحافظ الأسد، يتحممان عاريين في حمام واحد، وكيف يتمازحان بالنط على بعضهما بعضا، واعترافه ببعض جرائمه التي تمثلت بالتوقيع على قرارات إعدام مئة وخمسين معتقلاً مدنياً كل يوم في سجن تدمر!
وفي هذا المجال -الكتابة- يعرف السوريون أن طلاس حامل شهادة البكالوريا "بالدفش"، وشهادات دكتوراه الشرف، الممنوحة له من جامعات قرقيزيا ومثيلاتها من جامعات لا قيمة لها، كان يدير ورشة كتابة أهم أعمدتها كوليت خوري، وسهيل زكار، وبعض اليساريين الأشاوس، وأبو الفتح أديب عزت، ومهاة فرح الخوري، وسهام ترجمان وآخرون.. مهمتها الكتابة عن الشؤون التي تعنُّ له، تاركة له حرية وضع اسمه على ما يكتبون من تفاهات، مقابل عشاءات فارهة، وتواقيع على راتب من إدارة التوجيه السياسي التابعة لوزارة الدفاع، أو على نقل مجند هم يضمنون موافقة رئيسه المباشر، أو سفرة إلى منتجعات بلغاريا أو إدخال الكافيار والفرو الروسي، وغيرها من خدمات يجيد العماد تضبيطها!
أشهر صفقاته المالية التجارية المعروفة لدى السوريين، فتتمثل بتزويج ابنته ناهد للملياردير السوري أكرم العجة، بعد أن رفض ابنه منصور العجة الزواج منها، وكان عمرها ثمانية عشر عاماً فيما تجاوز عمر "عريس اللقطة" الخامسة والستين. فورثت عنه مليارات الدولارات، وبنت عبره علاقات مع أبرز وجوه السياسة الباريسية، حتى صارت من وجوه باريس المعروفة.. بنت حربوقة.. "حط الجرة على فيها (فمها) بتطلع البنت ﻷبيها"!
أما ما بقي مصدر حيرة وتساؤل لدى رواد مسبح شيراتون دمشق، والذي لم يجدوا له تفسيراً، فهو ذلك الشغف "الطلاسي" باللون البنفسجي، حيث كان يحجز المسبح على حسابه الشخصي، ويدخله مع بعض "فرافير" ذلك الزمان، لابساً "كيلوت" للسباحة لونه بنفسجي فوسفوري، يشبه حبر أقلامه التي كان يوقع بريده بها، خلافاً لزملائه الوزراء!
ميزة مصطفى طلاس المهمة، أنه يشكل الأنموذج المثالي لكيفية اختيار حافظ الأسد للأشخاص الإمعات كممثلين لطائفة السنة، لكي يُجَملوا نظامه، ويبعد عنه شبهة الطائفية، التي عمل على ترسيخها طيلة عقود حكمه. ففي الوقت الذي كان يشغل فيه مصطفى طلاس منصب وزير للدفاع لا وزن ولا قيمة له، أعطى حافظ الأسد الضوء الأخضر لأخيه المدلل رفعت لتشكيل كيان عسكري موازٍ للجيش هو سرايا الدفاع، الذي أذاق السوريين الويلات، وأعطى لعدنان الأسد حرية تأسيس ما سمي بسرايا الصراع، وكلاهما كيان عسكري لا يمكن لوزير الدفاع حتى السؤال عنه، وفيما كان الوزير المذكور أعلاه مشغولاً بالسمسرة، وشراء الأسلحة المستعملة من الدول الاشتراكية، كان رفعت وعدنان يستقدمان أحدث أسلحة القمع لهذين الكيانين.. وهكذا كانت مساهمة "طلاس" مهمة في سحب وطنية الجيش السوري وتحويله إلى جيش مرتزقة طائفيين!
سيرة مصطفى طلاس لا يمكن الإحاطة بها، وربما تكون السيرة التي تشكل الأنموذج الأمثل كشاهد على الإجرام المنظم، الذي كان يمارسه حافظ الأسد في تفتيت وإضعاف سورية، وتحويلها إلى مزرعة وراثية، لهذا فإن ما ذكرناه من هذه السيرة هو غيض من فيض، نحاول تتبعه في كتاب يجري إعداده مدعماً بالوثائق والشهادات عن سيرة مصطفى طلاس كواحد من أبرز المجرمين الذين أذاقوا السوريين المرارة!
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.