المدينة المتموقعة بجنوب المغرب والمسماة أيضاً ببوابة الصحراء، هي أيضاً استقبلت رمضان ككل المدن المغربية بأصوات الطبول والغواطات، أي المزامير، التي أعلمت الساكنة الصحراوية بأن الشهر الكريم قد حل، بالطبع الكل استعد استعداداً تاماً لهذه المناسبة؛ حيث عاشت المدينة حركة غير مألوفة في الليلة الأولى من رمضان، الشوارع مملوءة بالمتبضعين والرواج الاقتصادي في أوجه؛ حيث تعلو صيحات بائعي حلوى الشباكية الضرورية لمائدة رمضان في شارع الواد المعروف بمحلاته التجارية المتنوعة وزحمته التي تحبس الأنفاس، أما المساحات الخارجية للمساجد فتم تفريشها بالزرابي والحصائر ووضع مكبرات الصوت لاستقبال المصلين.
هكذا بدأ رمضان إلى أن استأنست الساكنة بأجوائه؛ حيث إن الساعات الأولى في صبيحة يوم رمضاني لا تجد إلا قلة قليلة من الساكنة بالخارج، فقط بعض التلامذة الذين يذهبون لاجتياز الامتحانات ورجل النظافة الذي يعمل على جمع ما تركه سواد الليلة الماضية، وفي تلك الساعات كل المحلات التجارية مغلقة، وكذلك قلة من السيارات تلك التي تجوب الشوارع كأن الساكنة خارج المدينة، وهكذا يبقى الحال إلى ما بعد الظهيرة؛ حيث تبدأ اللمسات الأولى من أصحاب المحلات؛ حيث يرتبون بضائعهم المتنوعة كالمسمن والشباكية وأنواع الحلويات والمخبوزات والعصائر والتمور لتتحرك عجلة المدينة من جديد.
أناس يذهبون للتسوق، وآخرون إلى صالات الرياضة، والبعض الآخر من الشباب يتجه نحو ملاعب القرب ليشاهد مباريات دوري رمضان، وكبار السن يتجهون إلى ساحة الشهداء؛ حيث يجتمعون على لعبة ضامة والكارطة، وفي الأحياء نجد الأطفال الصغار يلعبون بالأزقة ورائحة المأكولات تنبعت من المنازل كرائحة الحريرة والقهوة، وما إلى ذلك.
وعند اقتراب ساعة الإفطار تجد جمعية التواغيل وجمعيات أخرى تعد الإفطار للمساكين وعابري السبيل، وكذلك تفعل بعض المقاهي، وهكذا تبقى حركة المدينة إلى أن تسمع صافرة الإفطار متبوعة بأذان المغرب؛ ليتجارى الناس شمالاً وجنوباً، الكل في عجلة نحو مائدة الإفطار؛ ليعم بعدها هدوء تام كالهدوء الذي يسبق العاصفة.
وبالطبع هي عاصفة تلك التي تبدأ بعد ساعة الإفطار؛ حيث تجد نساء ورجالاً يتجهون نحو المساجد التي تستقطب المئات من المصلين، وبعضاً من الناس يتجهون نحو المقاهي لمشاهدة مباريات كوبا أميركا ومناقشة مباريات أمم أوروبا، والبعض الآخر فقط يذهب للتنزه في شارع شوفوني.
وهي أيضاً حركة زائدة تلك التي تعرفها شوارع الكورنيش والفتح؛ حيث هناك يأخذ البعض عدته من أواني الشاي ليعد الشاي رفقة العائلة والأصدقاء، وهناك أيضا مَن يأخذ معه وجبة سحوره أيضاً؛ ليتسحر تحت السماء المزركشة بالنجوم وهو يفترش العشب الأخضر.
وهكذا تبقى المدينة إلى أن يؤذن أذان الفجر؛ لتشاهد من جديد المساجد ممتلئة، وكذا الأزقة المجاورة لها، وبعد ذلك يعم الهدوء الذي يسبق العاصفة.
#رمضان_في_مدينتي
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.