مصريتان حتى حين.. فقهاء قانون: الجزيرتان مصريتان والحكومة مُلزمة بعدم عرض الاتفاقية على البرلمان

عربي بوست
تم النشر: 2016/06/21 الساعة 08:31 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/06/21 الساعة 08:31 بتوقيت غرينتش

جاء حكم محكمة القضاء الإداري بخصوص اتفاقية نقل ملكية جزيرتي تيران وصنافير إلى السعودية ليؤكد استمرار الجزيرتين ضمن الإقليم البري المصري وفي نطاق حدود الدولة المصرية، وذلك في انتظار القرار النهائي من المحكمة الإدارية العليا.

وجاء في منطوق الحكم التاريخي، الصادر برئاسة المستشار يحيى الدكروري، برفض الدفع بعدم الاختصاص الولائي، وقبول الدعوى شكلاً، وبطلان توقيع ممثل الحكومة المصرية على اتفاقية ترسيم الحدود البحرية الموقعة في أبريل/نيسان ٢٠١٦، المتضمنة التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير للسعودية، مع ما ترتب على ذلك من آثار، وحظر تغيير وضعها بأي شكل أو إجراء لصالح أي دولة أخرى.

وأوضح عدد من خبراء القانون أن الحكم القضائي الذي صدر الثلاثاء 21 يونيو/حزيران 2016، من دائرة الحقوق والحريات بمجلس الدولة، الذي قضى بإلغاء اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والسعودية، وتسليم جزيرتي تيران وصنافير إلى المملكة، مُلزم للدولة ويوقف جميع إجراءات تنفيذ الاتفاقية، بما في ذلك عرضها على مجلس النواب، وأن الاتفاقية الموقعة لا يمكن التحرك بها إلا بعد صدور حكمٍ من المحكمة الإدارية العليا يقضي بأمر آخر غير الذي جاء بهذا الحكم.

من جانبه قال خالد علي، المحامي الشهير صاحب دعوى المطالبة ببطلان الاتفاقية، إن هذا الحكم هو حكم مُلزم للدولة، ويوقف جميع الإجراءات التي كانت تخطط لها الدولة من أجل إقرار الاتفاقية، بما في ذلك عرضها على مجلس النواب.

وأشار علي في تصريحات خاصة إلى أنه لا يمكن لأي جهة وقف تنفيذ الحكم إلا بحكم آخر يصدر من المحكمة الإدارية العليا، صاحبة الحق في نظر الطعون الخاصة بهذا الحكم.

حكم قضائي واجب


في حين قال المستشار محمد نور الدين، الفقيه الدستوري: "إننا نحن أمام حكم قضائي وجب احترامه انطلاقاً من مبدأ سيادة القانون، والدولة القانونية، التي تقدس وتحترم أحكام القضاء، لذلك وجب تنفيذ الحكم وفقاً لنص المادة 50 من قانون مجلس الدولة، وإن كان الحكم محل مراجعة من المحكمة الأعلى درجة، وهي المحكمة الإدارية العليا".

وأكد نور الدين في تصريحات خاصة أن الحكومة والبرلمان مُلزمان بعدم مناقشة الاتفاقية تحت قبة البرلمان إلا بعد صدور حكم نهائي من المحكمة الإدارية العليا، مشيراً إلى أن المحكمة نظرت إلى القضية باعتبارها ليست من أعمال السيادة، وذلك في ظل وعدم وجود قائمة بأعمال السيادة منصوص عليها بالدستور الدستور، وهنا المحكمة أرست مبدأً جديداً مخالفاً لكل ما استقرت عليه آراء الفقه وأحكام القضاء السابق، باعتبار أن المعاهدة الدولية عملاً إدارياً وليست من أعمال السيادة.

وأشار الفقيه الدستوري إلى أن الفقه والقضاء في النظام اللاتيني الذي تتبعه مصر، يعتبران أن المسائل المتعلقة بإبرام المعاهدة والتصديق عليها من الأعمال السياسية، التي تخضع لمبدأ أعمال السيادة، والتي تخرج من نطاق اختصاص المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها، وهو اختصاص محجوز للسلطة التنفيذية، لما لها من قدرة على تقدير الاعتبارات والمواءمات السياسية، ولكن الحكم أخذ منحى آخر وهو سابقة لم تحدث من قبل.

الطعن الحكومي


وعن درجات الطعن على هذا الحكم، قال الدكتور شوقي السيد، الفقيه الدستوري، إن الحكم قابل للطعن أمام المحكمة الإدارية العليا، وبالتالي الحكومة ستطعن على الحكم، والإدارية العليا ستولي أهمية كبيرة لتلك القضية، وسرعة الفصل بها، كونها ذات آثار سياسية وقانونية خطيرة.

وقد سارعت هيئة قضايا الدولة بالطعن على الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا بعد عدة ساعات فقط من صدور حكم محكمة القضاء الإداري.

وأكد السيد في تصريحات خاصة أن حكم المحكمة الإدارية العليا نهائي ولا يوجد درجة تقاضي أعلى، وفي حال تأكيدها نفس الحكم، فإن الاتفاقية كأنها لم تكن، وذلك دون تأثير على مصر، من حيث أن الاتفاقية لم تأخذ إجراءات إقرارها المنصوص عليها في القانون الدولي، ولم يتم التصديق عليها، وذلك قد يختلف إذا ما جاء في أسباب الحكم أمور أخرى، كون أن الحكم كان لأسباب شكلية.

وفي مفاجأة خاصة بمئات المقبوض عليهم في الأحداث التي نتجت بعد الإعلان عن تلك الاتفاقية، قال الفقيه الدستوري إن التهم الموجهة إليهم والخاصة بالحديث عن ترويج إشاعات تعد تهماً ساقطة، ولا يجوز محاكمتهم بها بعد هذا الحكم، ويجب الإفراج عن المتهمين بتلك التهم، في حال عدم وجود تهم أخرى بحقهم.

وعن موقف مجلس النواب من الحكم، قال محمد حلمي الشريف، وكيل اللجنة التشريعية بالمجلس، في تصريحات خاصة إن "الحكم له دلالة مهمة، لكنها ليست سابقة، حيث إن هناك أحكاماً سابقة اعتبرت توقيع الاتفاقيات ليست من أعمال السيادة، وهي اتفاقية تصدير الغاز لإسرائيل التي ألغتها الإدارية العليا، وعلينا ألا نتسرع في تكوين انطباعات وسيناريوهات، كون أن الحكم أولي، والحكومة ستطعن على الحكم وبالتالي حكم المحكمة الإدارية هو الأساس الذي سينفذ، وفي حال تأييد المحكمة الإدارية العليا للحكم، فإنه لن يكون أمام الدولة إلا تنفيذ الحكم".

فيما قال النائب علاء عبدالمنعم، الأمين العام لائتلاف دعم مصر الخبير القانوني المعروف، إن "حكم محكمة القضاء الإداري أولي وليس نهائياً، ومن المؤكد أن الحكومة ستطعن على الحكم، والحكم في الطعن سيكون الفيصل"، مؤكداً أنه وفقاً لحكم محكمة القضاء الإداري فستؤجل الحكومة عرض الاتفاقية على البرلمان لحين الفصل في القضية، وأنه في حال تأييد الحكم يترتب على هذا الحكم أن مجلس النواب سيمتنع عن النظر في القضية كما ستؤجل الحكومة عرضها على البرلمان.

وأضاف عبدالمنعم في تصريحات خاصة أن ائتلاف دعم مصر سيحدد موقفه بشأن الاتفاقية بعد الفصل في القضية، ففي حال تأييد الحكم من الإدارية العليا فإنه لن يكون هناك اتفاقية من الأساس، وإذا ألغت المحكمة ذلك الحكم فسيناقش الاتفاقية معتمداً على الخرائط وآراء المختصين.

حالة سابقة


ومن المعروف أن المحكمة الإدارية العليا هي أعلى هيئة قضائية تخص أحكام القضاء الإداري، وبالتالي فإن قرارها يعد هو القرار النهائي والمُلزم وغير القابل للطعن عليه.

وكانت المحكمة الإدارية العليا قد ألغت عام 2009 حكمًا قضائيًا لمحكمة القضاء الإداري يتعلق بوقف تنفيذ اتفاقية تصدير الغاز لإسرائيل، بعدما قبلت الطعن المقدم من الحكومة على الحكم.

وقالت المحكمة في حيثيات الحكم إن قرار الحكومة الذي صدر في سبتمبر/أيلول عام 2007 بتصدير الغاز الطبيعي لدول شرق البحر الأبيض المتوسط ومنها إسرائيل لا يخضع لرقابة القضاء، بل هو من صميم اختصاص الحكومة، وهو ما اعتبرته من أعمال السيادة.

تحميل المزيد