دقائق قليلة تفصل التونسيين عن موعد أذان المغرب ويستعدّ الصائمون للإفطار ولكن هناك من يخرج في هذه الأوقات الحساسة يترصد الصائمين في الشوارع ويبحث عنهم ويداهمهم.
إنها الشابة التونسية مروة الزغلامي التي تفضّل الخروج من بيتها برفقة مجموعة من أصدقائها، بدلاً من البقاء للإفطار في منزلها، حاملة العشرات من وجبات الإفطار جهزتها خصيصاً مع زملائها وزميلاتها لينطلقوا بعد ذلك في رحلة البحث عن عابري السبيل في طرق مدينة تونس العاصمة والمسافرين في محطات النقل البري ممن تقطعت بهم السبل واضطرتهم الظروف للانتظار خارج بيوتهم ليتقاسموا معهم ما جهّزته أياد شبابية من أكل.
من فكرة افتراضية إلى واقعٍ ملموس
الشابة مروى التي لم تتجاوز عقدها الثاني أعربت عن سعادتها بالنشاط الأسبوعي الذي تقوم به برفقة أصدقائها كل يوم جمعة رغم قلة الموارد المالية، والتي تعتمد أساساً على تمويل شخصي من المنضمين لجمعية "إيجابيون بلا حدود" والتي تقول رئيستها: "الفكرة كانت في البداية افتراضية عبر شبكة التواصل الاجتماعي "فيسبوك" حيث التقى شباب تونسيون من مختلف الفئات العمرية واقترحوا إنشاء جمعية تعنى بالعمل التطوعي وغرس روح المبادرة لدى النشء من خلال أنشطة اجتماعية ذات بعد إنساني تعتمد أساساً على موارد بسيطة وتستهدف الفئات المهمّشة أو الكادحة".
الجمعة موعد اللقاء
مروة تجتمع كل يوم جمعة في بيت أحد أصدقائها برفقة العشرات من الشباب لإعداد وجبة إفطار جماعي لنحو 50 إلى مائة فرد وتختلف الأطباق بين الأكلة الرئيسية التي تتكون من المعجنات –معكرونة أرز- كسكسي- إلى السلطات والغلال والزبادي دون نسيان قوارير المياه المعدنية وحبّات التمر.
كما يتم تغليف الأطباق وحفظها في أكياس بلاستيكية لتوضع بعد ذلك في سيارات الشباب والانطلاق قبل نحو ربع ساعة من موعد أذان صلاة المغرب في رحلة بحث عن الصائمين سواء في محطات القطارات والمترو أو الحافلات أو غيرها من شوارع العاصمة.
إقبال أكبر
"حملة إفطار صائم" التي انطلقت الجمعية في تنفيذها منذ رمضان الماضي (2015) شهدت هذه السنة نسبة إقبال أكثر من الشباب المحبين للعمل التطوّعي حسبما تقول مروة حيث تجنّد العشرات بالمال والجهد والوقت بهدف إدخال الفرحة لفئات من المجتمع من العاملين خارج منازلهم من خلال مشاركتهم وجبات الإفطار.
الجمعية التي تأسست منذ مارس 2012 لا ينحصر نشاطها في شهر رمضان كما تقول مروة بل يتواصل على مدار السنة من خلال أعمال خيرية وزيارات ميدانية للمستشفيات والمدارس فضلاً عن حملات النظافة وغيرها من المبادرات ذات الهدف الإنساني.
وتقول مروة: "هدفنا في الجمعية هو نشر ثقافة التطوّع والعمل الجماعي إذ يكفي أن نوفر قليلاً من الوقت والمال والجهد حتى نحدث تغييراً في المجتمع ونزرع الابتسامة على شفاه مستحقيها".