ينظر الكثير من المغاربة إلى المسلمين الجدد وكأنهم معجزة أو أعجوبة! فيفخرون بهم ويسرون أيما السرور من تلاوتهم للقرآن، ويعجبون بقصص اعتناقهم للإسلام، ولكن في نفس الوقت نلاحظ أنهم يفترضون بشكل عام تقريباً أنهم لا يعرفون أي شيء عن الإسلام، وبغض النظر عن الكيف أو الكم الذي يعرفونه عن الدين، تكون لدى المغاربة رغبة جامحة وملحة لتعليمهم وتقديم النصائح لهم… حتى لو كانوا مسلمين لسنوات.
بعيداً عن هذه النية الطيبة والغيورة على الإسلام، إلا أن الأمر بصراحة يعتبر شاقاً عليهم بشكل لا يصدق.
فقد حكى لي أحد الفرنسيين المسلمين التقيته في باريس كيف أن معظمهم لا يدخل الإسلام فجأة، ولكنهم يصلون إلى الدين من خلال الدراسة والبحث المضني، وهذه الدراسة تزداد بالفعل بعد أن يتحولوا للإسلام، والكثير منهم يضطر لمقاطعة أسرته؛ لأنه في كثير من الأحيان يواجهون عداء صريحاً من الآباء والأشقاء والأمهات، وكيف يصل بهم الحال إلى أن يصبحوا مثل الأجانب في بلدانهم الأصلية، فيغيرون أسماءهم، وكيف يتركهم أصدقاؤهم وكيف يواجهون الظلم والتمييز، والكثير من المسلمين من الجاليات المسلمة الذين يلجأون إليهم في الغرب يجبرونهم على تبني الثقافة والتقاليد العربية، أو الآسيوية، فيجدون أنفسهم مجبرين على حب أطعمة مثل الحريرة والحمص واللوبيا.
وقال لي إن المحظوظ منهم القادر على الهجرة، يذهب إلى بلد عربي سكانه من المسلمين، حيث لا يعرف أحداً ولا يتكلم اللغة العربية، ولا يملك شبكة من المعارف تساعده على الاندماج، فيصبح مستهدفاً من قِبل جماعات مثل جماعة الدعوة والتبليغ، أو الجهاديين، والجميع يسعى دائماً إلى تزويجهم (إما لزوج أو زوجة حسب الحالة)؛ لكي نكمل نصف ديننا أو لحمايتنا من الوقوع في الرذيلة.
"يا أخي لقد تركنا طوعاً الأديان الأخرى التي سمحت لنا بارتكاب الزنا وكان في إمكاننا الوصول إليه بقدر ما نريد… ولكننا تركناه… فلا تقلقوا علينا..".
وما يجب أن تعرفوه هو أن دراستنا للدين هي ما تحمينا وتحفظنا من الزيغ، فنحن لا نقرأ فقط تراجم معاني القرآن الكريم، ولكننا نقرأ أيضاً العديد من الترجمات، ونقرأ التفاسير، ونقرأ العديد من سير النبي صلى الله عليه وسلم، ونقرأ كتب الحديث، والتفسير الخاصة بها، والكثير منا درس علم مصطلح الحديث ودرس الفقه المقارن، والتاريخ الإسلامي، وسير الصحابة، والعقيدة، والفتاوى، ونحن لا نفعل هذا؛ لأنه مقرر دراسي يجب علينا إكماله، ولا نفعل لأن مسلم المنشأ اقترحه علينا، ولكننا نفعله؛ لأنه من المهم لنا أن نفهم ديننا الإسلامي.
الخلاصة هي أني وعدته بتبليغ كلامه هذا إلى المغاربة.
أيها المغاربة، من فضلكم لا تفترضوا أن المسلم الجديد لا يوجد لديه أي فكرة عن الإسلام، وضعوا في اعتباركم أن هذا المسلم الجديد قد يكون أعلم الناس في الدين واعتنق الإسلام من قبل أن تولدوا أنتم بكثير.
ورمضان مبارك سعيد
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.