دخلت القوات العراقية، الجمعة 17 يونيو/حزيران 2016، وسط مدينة الفلوجة، وقال الجيش العراقي إنه استعاد السيطرة على مبنى البلدية من أيدي تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" بعد نحو 4 أسابيع من بدء هجوم بمساندة أميركية.
واستعادت القوات الحكومية تدعمها غارات جوية يشنها التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة مبنى البلدية رغم استمرار سيطرة مقاتلي التنظيم على جزء كبير من الفلوجة التي تبعد بمسافة ساعة بالسيارة عن العاصمة بغداد. ولا يزال كثير من شوارع المدينة ومنازلها ملغومة.
وقال الجيش العراقي في بيان إن الشرطة الاتحادية رفعت العلم العراقي فوق المبنى وتواصل ملاحقة المتشددين. وقال وزير الدفاع الأميركي آشتون كارتر إن القوات العراقية استعادت جزءاً من مدينة الفلوجة، وأضاف: "مازال الأمر يتطلب مزيداً من القتال".
العبادي يعلن الانتصار
وأعلن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي الانتصار في الفلوجة بعد حلول الليل بفترة وجيزة مع استمرار القوات الحكومية في التقدم نحو أجزاء من المدينة يسيطر عليها المتشددون.
وقال العبادي في خطاب مقتضب بثه التلفزيون الرسمي: "لقد سيطرت قواتنا البطلة على قضاء الفلوجة وأحكمت سيطرتها داخل المدينة، ولا زال هناك بعض البؤر التي تحتاج إلى – إن شاء الله – التطهير خلال الساعات القادمة".
ويتواصل القتال بينما تندفع القوات الحكومية إلى داخل المدينة، وشوهد جنود يتعرضون لرصاص قناصة لدى دخولهم إلى مسجد كبير يبعد بنحو 100 متر من مبنى البلدية.
ولا تزال الاشتباكات جارية وتشمل قصفاً جوياً ومدفعياً وإطلاق نار بأسلحة آلية. وشوهدت سحابة دخان ترتفع من مناطق قريبة من وسط المدينة.
وقال بيان الجيش إن الشرطة تتقدم في شارع بغداد، وهو الطريق الرئيسي الذي يربط شرق المدينة بغربها، وإن قوات مكافحة الإرهاب تطوق مستشفى الفلوجة.
وذكر صباح النعماني، المتحدث باسم جهاز مكافحة الإرهاب، في كلمة بثها التلفزيون الرسمي أن قناصة يختبئون داخل المستشفى الرئيسي.
وشن العراق عملية كبرى في 23 مايو/أيار الماضي لاستعادة الفلوجة، وهي معقل للمقاومة السنية ضد القوات الأميركية التي أطاحت بصدام حسين في 2003 ومناهضة الحكومات الشيعية التي تعاقبت على الحكم بعد ذلك.
وأثارت مشاركة قوات شيعية مدعومة من إيران في القتال إلى جانب الجيش العراقي مخاوف من ارتكاب أعمال قتل على أساس عرقي، وتحقق السلطات بالفعل في اتهامات بأن أفراداً من تلك القوات أعدموا عشرات الرجال السنة الفارين من المدينة.
السيستاني يدعو لعدم الثأر من السكان
وفي خطبة اليوم الجمعة حث رجل الدين الشيعي البارز آية الله العظمى علي السيستاني المقاتلين الموالين للحكومة على عدم السعي للثأر من السكان. ولا توجد أي مؤشرات على دخول عناصر تلك القوات الشيعية إلى المدينة.
وتعد المدينة نقطة انطلاق للتفجيرات التي ينفذها التنظيم المتشدد في العاصمة ما يجعل هذا الهجوم جزءاً مهماً من حملة الحكومة لتحسين الأوضاع الأمنية. وتفضل الولايات المتحدة وحلفاؤها التركيز على استعادة الموصل من قبضة الدولة الإسلامية، وهي ثاني أكبر مدن العراق وتقع في أقصى الشمال.
ويشن مقاتلون هجمات على جبهات أخرى ضد تنظيم الدولة الإسلامية، بما في ذلك الهجوم الذي تنفذه قوات تدعمها الولايات المتحدة على مدينة منبج شمال سوريا.
وهذا أكبر ضغط يتعرض له التنظيم منذ أعلن دولة الخلافة في 2014.
نزوح هائل
بدأ تنظيم الدولة الإسلامية السماح لآلاف المدنيين المحاصرين وسط الفلوجة بالهرب، وتسبب النزوح الجماعي المفاجئ في استنزاف قدرات مخيمات اللاجئين التي تمتلئ بالفعل بما يزيد على طاقتها.
ووفقاً لرئيس بلدية الفلوجة عيسى العيسوى فقد غادرت أكثر من 6000 أسرة الخميس فقط. وكان العيسوي نفسه قد هرب من حصار الفلوجة قبل عامين. وقال: "لا نعرف كيف نتعامل مع هذا العدد الكبير من المدنيين".
وتجاوز عدد النازحين أمس 68 ألف شخص وفقاً لبيانات الأمم المتحدة التي قدرت في الآونة الأخيرة أن عدد سكان الفلوجة 90 ألف شخص، وهو نحو ثلث عدد سكان المدينة في 2010.
وقال شهود إن تنظيم الدولة الإسلامية أعلن عبر مكبرات صوت أن بإمكان السكان المغادرة إن أرادوا، لكن لم يتضح لماذا غيّر التنظيم أسلوبه بعد أن كان يمنع حركة المدنيين قبل عدة أيام.
وقال المجلس النرويجي للاجئين الذي يقدم مساعدات للنازحين إن الهاربين أبلغوا عن انسحاب مفاجئ لمقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية في نقاط تفتيش مهمة داخل الفلوجة، الأمر الذي أتاح للمدنيين الرحيل.
وقال نصر المفلحي، مدير المجلس النرويجي للاجئين في العراق، إن خدمات الإغاثة في المخيمات استنفدت بالفعل وسيتسبب هذا التطور في استنزاف الجميع.
وتقدر الولايات المتحدة أن تنظيم الدولة الإسلامية طرد من نحو نصف الأراضي التي احتلها عندما انهارت القوات العراقية بشكل جزئي في 2014. ويستغل التنظيم السكان دروعاً بشرية لعرقلة تقدم الجيش وتفادي الضربات الجوية.
وقال العبادي في كلمته مخاطباً سكان الفلوجة: "اليوم نريد أن يكون هناك أمن وسلامة في هذه المدينة لعودتكم وللعيش فيها".