أكدت قوات حكومة الوفاق الوطني في ليبيا، الأربعاء 15 يونيو/حزيران 2016، أنها "لم تفقد أي شبر" منذ دخولها إلى مدينة سرت رغم المقاومة التي يبديها تنظيم الدولة الإسلامية وتصاعد وتيرة الهجمات المضادة التي يشنها في محاولة لاختراق صفوفها.
قوات حكومة الوفاق، وهي خليط من جماعات مسلحة ووحدات من الجيش، حققت تقدماً سريعاً الأسبوع الماضي وسيطرت على المرافق الرئيسية في المدينة المتوسطية وبينها المطار والميناء.
لكن هذا التقدم تباطأ عند وصول القوات إلى مشارف المناطق السكنية الممتدة من وسط المدينة إلى شمالها، حيث يتحصن مقاتلو التنظيم الجهادي في المنازل ويستخدمون القناصة والسيارات المفخخة والعبوات الناسفة والهجمات الانتحارية.
وتواجه قوات الحكومة المدعومة من المجتمع الدولي صعوبات في اقتحام المناطق السكنية التي يطوق فيها التنظيم المتطرف، وتخوض حرب شوارع من منزل إلى منزل مع عناصره عند المدخل الغربي لهذه المناطق.
وقالت القوات الحكومية على صفحة عمليتها العسكرية في موقع فيسبوك: "قواتنا لم تفقد أي شبر ولم تتراجع أي خطوة منذ أن أعلنت بدء عمليات دحر عصابة داعش" قبل شهر في حملة عسكرية بطلب من حكومة الوفاق تحمل اسم "البنيان المرصوص".
وأضافت أنها تواصل ومنذ بلوغها مشارف المناطق السكنية "تعزيز تمركزها حول مركز مدينة سرت، وتضييق الخناق على مقاتلي داعش، استعداداً للمعركة الفاصلة لاجتثاثهم من بلادنا".
هجمات مضادة
وفي ظل الصعوبات التي تواجهها القوات الحكومية في محاولتها اختراق حصن الجهاديين، يشن تنظيم الدولة الإسلامية هجمات مضادة تهدف خصوصاً إلى استعادة السيطرة على الميناء، واختراق صفوف القوات الحكومية عند مدخل القسم الغربي من سرت.
وأعلنت القوات الحكومية على صفحة العملية العسكرية أنها اشتبكت الأربعاء "مع عناصر داعش خلال محاولتهم الوصول إلى الميناء"، وكبدتهم "خسائر فادحة في الأرواح والعتاد"، بينما "فر من تبقى منهم تاركين جثث الدواعش خلفهم".
وهذا ثالث هجوم مضاد يشنه تنظيم الدولة الإسلامية لاستعادة السيطرة على الميناء منذ دخول القوات الحكومية إليه الجمعة الماضي.
في موازاة ذلك، فجّر انتحاري يقود سيارة مفخخة نفسه قرب تجمّع للقوات الحكومية جنوب المدينة، ما أسفر عن سقوط جريحين من هذه القوات.
وأعلن من جهته تنظيم الدولة الإسلامية على موقع تويتر أن عناصره تصدوا في المنطقة نفسها "لمحاولة تقدم" للقوات الحكومية "في محور منطقة الـ700 جنوب مدينة سرت، وتمكنوا من قتل ما يزيد على 7 مرتدين واغتنام 4 عربات 3 منها مزودة بأسلحة رشاشة".
وجاء الهجوم على الميناء والتفجير الانتحاري بعدما تصدت القوات الحكومية لهجوم مضاد لعناصر تنظيم الدولة الإسلامية في المحور الغربي "استخدموا فيه مدافع الهاون ودبابة، بدعم من القناصة المتمركزين فوق المباني العالية، وأفشلت محاولة تقدمهم"، بحسب ما أعلنت هذه القوات على صفحة "البنيان المرصوص".
وعلى الجبهة الشرقية في المدينة، تواصل القوات الحكومية بحسب الصفحة ذاتها "دكّ تمركزات لداعش بالمدفعية الثقيلة في محيط قاعة واغادوغو"، أهم حصون تنظيم الدولة الإسلامية في سرت.
وقتل 5 من عناصر القوات الحكومية في معارك الثلاثاء وأصيب 15 بجروح، بحسب مصادر طبية في مدينة مصراتة (200 كلم شرق طرابلس)، مركز قيادة العملية العسكرية.
لا يجب تسليحها
وتتشكل القوات التي تقاتل تنظيم الدولة الإسلامية في سرت من جماعات مسلحة تنتمي إلى مدن عدة في غرب ليبيا، أبرزها مصراتة التي تضم المجموعات الأكثر تسليحاً في البلاد، إذ تملك طائرات حربية من نوع "ميغ" ومروحيات قتالية.
نشأت هذه الجماعات المسلحة في عام 2011 خلال الانتفاضة الشعبية التي أطاحت بنظام معمر القذافي واحتفظت بأسلحتها وأصبحت اللاعب العسكري الأبرز في ليبيا والأكثر تأثيراً في أمنها.
كما تخوض قوات حرس المنشآت النفطية الموالية لحكومة الوفاق معارك مع التنظيم المتطرف شرق سرت.
في مقابل ذلك، يضم تنظيم الدولة الإسلامية الذي يبلغ عديده في ليبيا نحو 5000 عنصر، مقاتلين أجانب في سرت التي وقعت في قبضته في يونيو/حزيران 2016، يحملون جنسيات شمال إفريقية وخليجية، بحسب سكان المدينة.
وتحظى عملية "البنيان المرصوص" التي قتل فيها أكثر من 145 من عناصر قوات حكومة الوفاق منذ انطلاقها بدعم واسع في مدن الغرب الموالية لحكومة الوفاق، فيما تتجاهلها السلطات الموازية في شرق البلاد وقواتها التي يقودها الفريق أول ركن خليفة حفتر.
وتعتبر قوات الحكومة الموازية غير المعترف بها والتي لا تزال تدير مناطق الشرق وترفض تسليم السلطة إلى حكومة الوفاق أن الجماعات التي تقاتل الجهاديين في سرت "ميليشيات خارجة عن القانون".
ودعا رئيس حكومة الوفاق الوطني فايز السراج، الثلاثاء، الليبيين إلى دعم قوات حكومته في معركتها لاستعادة مدينة سرت من أيدي تنظيم الدولة الإسلامية، قائلاً في خطاب متلفز إن "ما يحدث من إنجازات على هذه الجبهات يستحق أن يكون نموذجاً لمشروع وطني لمحاربة الإرهاب".
وغداة دعوة السراج، قال العقيد أحمد المسماري، المتحدث باسم القوات في الشرق، إن "الحرب في سرت تقودها ميليشيات غير شرعية لا يجب تسليحها".
وتلقى السراج دعماً من الأمم المتحدة بعدما أصدر مجلس الأمن، الثلاثاء، قراراً يأذن فيه للعملية البحرية الأوروبية التي تعمل قبالة الشواطئ الليبية بفرض تنفيذ الحظر على السلاح المفروض على ليبيا، بهدف مساعدة حكومة الوفاق الوطني في حربها ضد الجهاديين.