ليالي “الأنس” في رمضان!!

فهل يا سادة مدينتنا التي ستعيش ليالي الأنس والطرب في شهر رمضان المعظم، تعرف بنية تحتية قادرة حقاً على حمل هذا العنصر البشري، الذي وضعتها الجهة بكرم حاتمي لخدمته، في شعار لياليها.

عربي بوست
تم النشر: 2016/06/14 الساعة 06:03 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/06/14 الساعة 06:03 بتوقيت غرينتش

ذكَّرتني ليالي رمضان في مدينة العيون بليالي الأنس في فيينا، تشابه كبير بينهما؛ في هواء الجنة، جنة الحب هناك، وجنة الخلد هنا، كما جنة الأموال؛ إذ نحن في شهر التوبة والغفران، وتعبيد الطريق إلى جنان الخلد، وأيضاً تعبيد الطريق إلى الميزانيات!!

تتشابه الليالي هنا وهناك، في بكاء الطير وغنائه، ففي فيينا يبكي فرحاً ويغني حبوراً، وهنا يبكي على حال أملح من الدمع، ويغني لحن حظه العاثر.

كما ذكّرتني أيضاً هذه الليالي التي لا تشبه الليالي، بقصة العريان، الذي سأله ملك عما يريد، وربما لسذاجته أو لقناعته، لم يطلب سوى خاتم. أقول ربما، وربما أيضاً من انتخبناهم قنوعون جداً، وربما نحن سذج إلى درجة المهزلة. وكما يقول مثل في ثقافتنا هذه التي صارت جارية أو سبية، تباع وتشترى في سوق النخاسة السياسي المقيت، "اللي عطا راسه للحجام، ما يقول أح".

البنية التحتية، التي سطرت بالبند العريض في شعار ليالي الأنس والأنخاب على جهلك وغبائك يا مواطن، هو مصطلح يطلق على المنشآت والخدمات والتجهيزات الأساسية، التي يحتاجها المجتمع من قبيل وسائل المواصلات كالطرق والمطارات وسكك الحديد، ووسائل الاتصالات كشبكة الهاتف، والجوال والإنترنت والبريد، بالإضافة لنظام الصرف الصحي، وتمديدات المياه.

سميت باسمها هذا لوجود معظم هذه المنشآت وأساسياتها تحت الأرض، فخطوط الهاتف والماء والإنترنت وشبكات الصرف الصحي، مثلاً كلها يتم إعدادها عبر خطوط تحت الأرض.

فهل يا سادة مدينتنا التي ستعيش ليالي الأنس والطرب في شهر رمضان المعظم، تعرف بنية تحتية قادرة حقاً على حمل هذا العنصر البشري، الذي وضعتها الجهة بكرم حاتمي لخدمته، في شعار لياليها.

فبدل أن تكرس رؤوس الأموال والميزانيات من أجل ما هو فعلاً بناء لهذه المدينة، التي تشبه إلى حد كبير من يدعي التقدمية وهو مغلول إلى عنقه بأفكار رجعية.

وبدل أن تسخر الأفكار للترفيه عن مواطن أتعبه العمل والدراسة والثقافة، أصبحت الأفكار للسخرية منه وعليه.

وبدل أن يبذل سادة المشهد السياسي والمسيرون للشأن المحلي الجهد في البحث عن حلول لمشكلة البطالة، التي تنخر سوسها أجساد خيرة شباب العيون، من دكاترة ومجازين وحاملي شهادات عليا، وتقنيين، وما إلى ذلك من شهادات لا يملكها، للأسف، هؤلاء الذين تنكروا لهم، وهم من يجب أن يبذلوا الجهد الجهيد في تضميد جراح خلفتها أنياب البطالة على هذه الأجساد.

نعلم جميعاً كيف تمرر الميزانيات المحلية، من جيوب الدولة التي تضخ عدداً خيالياً فيها، إلى جيوب المسؤول والمنتخب والإداري، جيوب حلائلهم وخلائلهم، أبنائهم وأبناء عمومتهم، ولم يبق منهم من لم يسرق حصته من "الكصعة".

ونعلم جميعاً أننا في مدينة الرياح نعاني من افتقار لعقلية تسيرنا بعقل سليم، لا عقل معلول، قبلي بامتياز، ولكم في محيطكم عبرة يا أولي الألباب إن كنتم تعقلون.

المنتخب وضعه الشعب تكليفاً لا تشريفاً في مكانه، من أجل أن يكون لساناً ناطقاً بحاله، لا سيفاً مسلطاً على رقابه. عن المنتخب أتحدث في نظام ديمقراطي، لا عن وريث عرش أبيه، والمستشار دور الشورى لما فيه خير البلاد والعباد، لا المشورة فيما به "خلا الخيمة".

والإعلام دوره إعلام المواطن بما يدور حوله، لكن حين يهجن الإعلامي، يستحيل قلمه إلى مقص يقلم أظافر الشعب، مقابل دراهم معدودات يبيع بها مبادئه، وهو فيها من الزاهدين.
وحين يتحد هؤلاء ويتكالبون على الشعب، المغلوب على أمره والمتآمر على نفسه بصمته، تكون المهازل تضحك بدل أن تبكي. "والويل إلى كثر اضحك".

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد