محاولة لكسب ود لندن.. الأسد يسلم بريطانيا قائمة “اغتيالات” مقاتليها في صفوف “داعش”

عربي بوست
تم النشر: 2016/06/12 الساعة 16:14 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/06/12 الساعة 16:14 بتوقيت غرينتش

سلم رئيس النظام السوري بشار الأسد قائمة اغتيالات تضم عدداً من مقاتلي تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) الأجانب، ومن بينهم أكثر من 20 بريطانياً بحسب صحيفة صنداي تليغراف البريطانية.

وتمكنت الصحيفة من الحصول على نسخة من ملفات المقاتلين البريطانيين من خلال القرص الإلكتروني الذي سلمه الأسد إلى عضوين من النواب المحافظين في البرلمان البريطاني، واللذين وُجِهت لهما الدعوة لزيارة الأسد في دمشق خلال فصل الربيع.

وتستهدف القائمة اغتيال 25 بريطانياً اتهمهم نظام الأسد بالانضمام لداعش، في حين أن 14 شخصاً ممن تضمهم القائمة قتلوا بالفعل، ومن بينهم اثنان من بين ثلاثة إخوة من مدينة برايتون سافروا إلى سوريا منذ عامين وقتلوا على يد قوات النظام السوري.

يُعتقد أيضاً أن القائمة تضم 11 مقاتلاً ما زالوا على قيد الحياة، من بينهم 5 من النساء، إحداهن هي خديجة دير، والتي يتهمها نظام الأسد بكونها أول مقاتلة غربية تنضم لـ"داعش".

تضم القائمة أيضاً سالي جونز، وهي أم لطفلين دخلت الإسلام ويُعتقد أنها ذهبت بأطفالها إلى سوريا، بالإضافة إلى مراهقتين توأم من مدينة مانشستر الإنجليزية.

أما من الرجال، فيوجد على القائمة أخان من مدينة كارديف، بالإضافة إلى مجموعة من الشباب من مدينة بورتسموث، بجانب الجهادي جون الذي نفذ عمليات ذبح بحق عدد من الرهائن الغربيين.

قائمة بالعربية

وتسلم ديفيد ديفيس، السياسي والبرلماني البريطاني المحافظ، قائمة الاغتيالات تلك، بجانب أقراص فيديو دعائية، بصحبة زميله البرلماني المحافظ آدم هولواي.

كُتِبت القائمة باللغة العربية، إلا أن مقاطع الفيديو كانت باللغة الإنجليزية، حيث يُذكر في مقدمتها "هذا الفيلم يظهر عينة مما فعله هؤلاء المجرمون الذين ارتكبوا أبشع الجرائم بحق الشعب السوري".

ويضيف "وهي عينة عشوائية مما يمتكله النظام السوري من بين عشرات الآلاف من المقاطع في الأرشيف لهؤلاء القتلة الدوليين".

واتهم النظام السوري أيضاً الداعية عمر بكري محمد بتشجيعه للشباب في بريطانيا على التشدد والتوجه للقتال في سوريا.

وكان عمر بكري، الذي وُلِد في سوريا، قد أسس شبكة كبيرة من الإسلاميين في بريطانيا قبل أن يُنفى إلى لبنان منذ عشرة سنوات، وهو سجين في لبنان حالياً بعدما أدين بارتكاب جرائم إرهاب.

وفي الوقت الذي تملك فيه بريطانيا قائمة أهدافها الخاصة، يمكن استنتاج وجود تنسيق وتبادل معلومات استخباراتية من خلال قائمة الاغتيالات التي قدمها الأسد، حتى ولو كان الأمر من خلال قنوات خلفية.

ونفذت كل من الحكومة البريطانية والأميركية هجمات بطائرات بدون طيار بحق عدد من مقاتلي داعش البريطانيين، ومن بينهم محمد إموازي، والمعروف إعلاميا بالجهادي جون، حيث قتل في ضربة عسكرية أميركية في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وكذلك رياض خان (21 عاماً) وهو بريطاني من مدينة كارديف، وقتل في غارة جوية دقيقة نفذها سلاح الجو البريطاني في سبتمبر/أيلول الماضي. الأمر ذاته بالنسبة لجنيد حسين (21 عاماً) والذي يعرف بالعقل الإلكتروني المدبر للتنظيم والذي قتل في غارة أميركية بطائرة بدون طيار.

كسب ود بريطانيا

يقول البروفيسور أنتوني جليز، مدير مركز دراسات الأمن والمخابرات بجامعة باكنغهام "الأهمية الفعلية لتلك القائمة هي أنها تظهر محاولات الأسد القوية لتقديم أوراق اعتماد نظامه، وفي نفس الوقت أن يضيف صداعاً أمنياً لديفيد كاميرون في المنطقة".

وأضاف "على الرغم من أن أسماء الإرهابيين البريطانيين معروفة جيداً داخل الأمن البريطاني، يظل دور الاستخبارات مهماً في الحصول على تفاصيل الأسماء المستعارة وغيرها من المعلومات التي ربما يستخدمها هؤلاء للعودة إلى بريطانيا وتخطيط هجمات إرهابية هنا".

ويواصل جليز حديثه قائلاً "يسعى الأسد لكسب ود الحكومة البريطانية، بالإضافة إلى داعميه الروس (واللذين ربما ساهمت استخباراتهما في إعداد تلك القائمة)، كما يأمل في مزيد من العلاقات الجيدة من الغرب. مع وقوف بوتين إلى جانبه، ليس من السهل توقع رحيل الأسد في وقت قريب".

يبدو أيضاً أن الأسد قد سلم قائمة الاغتيالات تلك إلى الوفد البريطاني كنوع من الدعاية لإظهار إلتزام الحكومة السورية باستهداف مقاتلي داعش الذين يهددون الغرب.

في الوقت نفسه، استبعدت مصادر أمنية وجود تنسيق استخباراتي بريطاني مع نظام الأسد نظراً لكون الوضع في البلاد في "قمة الفوضى"، كما يبدو أن العناصر التي تضمها القائمة أُعِدت بشكل عشوائي وأنها غير محدثة، فالهوية الحقيقية لـ"جون الجهادي" لم تكن معروفة في الوقت الذي أُعِدت فيه القائمة، ولم يكن نظام الأسد يعرف الاسم الحقيقي له.

خداع الذات

وعن زيارته لسوريا في إبريل/نيسان الماضي، قال ديفيس "ما حصلنا عليه من الحكومة كان مزيجاً من الدعاية وخداع الذات، كلاهما مُزِج مع بعض الحقائق الثابتة.

أحد الأمثلة على خداع الذات كان عندما تحدثنا عن الحرب الأهلية، والتي ردوا عليها بأنها ليست حرباً أهلية، وأنهم يتعرضون للهجوم من قبل مقاتلين غربيين ودول معادية". يضيف ديفيس "هذا ليس صحيحاً بالكامل".

يقول ديفيس" المجموعة الجهادية الوحيدة التي يقودها ويسيطر عليها الأجانب هي تنظيم داعش، في حين أن المجموعات الأخرى ربما تتحالف مع دول مثل السعودية وقطر وتركيا، إلا أنها من الشعب السوري وقياداتهم سورية، وعلينا أن نعترف بأن هؤلاء السوريين معارضون للدولة، وهو ما ترفض الدولة الاعتراف به".

أكد ديفيس أيضاً أنه ضغط على مسؤولي الحكومة فيما يتعلق بادعاءات القتل والتعذيب وسوء المعاملة من قبل قوات الأمن والجنود، إلا أنهم أصروا أن لديهم الآليات اللازمة للتعامل مع تلك الحالات والوقائع، وعلى الرغم من ذلك، لم يتمكنوا من إخباره بحالة واحدة جرى فيها محاكمة أحدهم على مثل هذه الجرائم، وقال أيضاً إن واقعة خطف وتعذيب وقتل الطبيب البريطاني عباس خان على يد قوات النظام تثبت أنهم لم يحسنوا طريقتهم على الإطلاق.

بينهم مغني راب

ومن ضمن القائمة الكاملة التي قدمها النظام للأجانب في تنظيم داعش وعددهم 850، يوجد مغني "راب" ألماني معروف باسم "غوبلز داعش" والذي قام بتهديد الرئيس الأمريكي باراك أوباما، واسمه الأصلي هو دينيس كوسبرت، أو "ديسو دوغ" وهو اسمه الفني، وقد اعتاد تقديم أغاني الراب في برلين، ليتحول بعد ذلك إلى أحد أبرز المقاتلين الغربيين في داعش، قبل أن يُقتل في أكتوبر/تشرين الأول.

جاء أيضاً عمر الشيشاني، المقاتل الشيشاني الأصل في التنظيم، في طليعة قائمة النظام السوري، وهو قيادي بارز داخل التنظيم، وحتى الآن تتضارب التقارير بشأن ما إذا كان على قيد الحياة أم لا.

طبيب بريطاني شاب

ومن المتوقع أن تثير قائمة الأسد حالة من الغضب بسبب وجود طبيب بريطاني شاب في المركز الرابع في القائمة، يدعى عيسى عبد الرحمن (26 عاماً) والذي قُتِل في هجوم بقذائف الهاون للنظام السوري على المستشفى الذي كان يعمل فيه في محافظة إدلب السورية.

وكان عبد الرحمن قد ترك وظيفته في مستشفى رويال فري شمال لندن ليتطوع مع جمعية خيرية بريطانية للعمل في سوريا. وفي ذلك الوقت، لم يكن تنظيم داعش قد أحكم سيطرته على مناطق المعارضة.

سافر عبد الرحمن إلى سوريا في 2012 لمساعدة المدنيين في المناطق المحاصرة نتيجة للحرب الأهلية بين قوات الأسد والمعارضة، وقد دُفِن في قرية عتمة القريبة من الحدود التركية، والتي ساهم بإنشاء عيادة طبية فيها عقب وصوله لسوريا.

انتقل بعد ذلك إلى المستشفى الميداني في إدلب وكان يعمل فيه عندما تعرض لهجوم قتل خلاله، في حين لا يوجد أي مبرر لوجوده في القائمة التي تضمنت إرهابيين مثل جون الجهادي وغيره.

– هذا الموضوع مترجم عن صحيفة The Telegraph البريطانية. للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط هنا.

تحميل المزيد