هشام جنينة.. قيصر مكافحة الفساد المالي في مصر يخضع للمحاكمة بسبب إخلاصه!

عربي بوست
تم النشر: 2016/06/07 الساعة 08:59 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/06/07 الساعة 08:59 بتوقيت غرينتش

كان قيصر مكافحة الفساد في مصر يظن أنه يقوم بما يعمله على أكمل وجه، عندما قدر الثمن الذي تدفعه بلاده، بسبب الفساد المالي المستشري، بحوالي 76 مليار دولار، وقال إن ذلك يتم من خلال صفقات الأراضي، ومع ذلك تبين أن التقدير يمثل جريمة جنائية في حد ذاته.

من المقرر أن تتم محاكمة المسؤول السابق هشام جنينة في القاهرة اليوم، بعد شهرين من قيام الرئيس عبدالفتاح السيسي بعزله بطريقة غير رسمية من منصب رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات.

ويواجه جنينة اتهامات بنشر أخبار كاذبة، والإخلال بالأمن العام، ما قد تترتب عليه عقوبة بالسجن لمدة عام واحد، بحسب تقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز الأميركية، الإثنين 6 يونيو/حزيران 2016.

للمحاكمة.. دوافع سياسية


وذكر جنينة، الذي عمل قاضياً لمدة 32 عاماً، قبل أن يتسلم جهاز مكافحة الفساد في عام 2012، أن المحاكمة لها دوافع سياسية، ويقودها أعداء ذوو نفوذ داخل حكومة السيسي، وأضاف في مقابلة معه: "كان من المتوقع ألا أتناول قضايا فساد معينة".

ويذكر منتقدو الحكومة، على نطاق أوسع، أن قضية جنينة هي مثال حول كيفية تعرض المسؤولين البارزين في ظل السيسي للقمع السلطوي، الذي يستهدف قمع أي نقد لأجهزة الأمن بالدولة.

أدانت الحكومة في الشهر الماضي نقيب الصحفيين، وأصدرت أحكاماً ضد 150 شخصاً تظاهروا ضد قرار تسليم جزيرتي صنافير وتيران للسلطات السعودية، حتى أن البرلمان المؤيد للسيسي قد اضطر إلى دعم الخط الرسمي للدولة. وفي مايو/أيار الماضي، هدد رئيس البرلمان المصري بمعاقبة أي سياسي ينتقد جهود الدولة للدفاع عن عملتها ذات القيمة المتراجعة.

وذكر أشرف الشريف، المحاضر في الجامعة الأميركية بالقاهرة، أن "هذه طريقة غير مسبوقة للتعامل مع الفساد وحكم القانون. تتمثل الرسالة في أنه لا يوجد أحد في الدولة، خاصة في المؤسسات الرئيسة، سيتعرض للمحاسبة".

بدأت محاكمة جنينة في مارس/آذار الماضي، بعد أيام من عزل السيسي له بموجب قرار رئاسي فاجأ الكثيرين في مصر لسرعة صدوره ولمكانة المتهم. فعلى النقيض من الإسلاميين والنشطاء والصحفيين، الذين استهدفتهم الحكومة، فإن جنينة يعد من الشخصيات التي عملت في المؤسسة الحاكمة وخدمتها على مدار فترة زمنية طويلة.

تحريف كلام جنينة


وذكر علي طه، محامي جنينة، أنه تم تحريف كلام جنينة في إحدى الصحف، التي ذكرت أنه قال إن الدولة تكبدت 76 مليار دولار خسائر عام 2015 وليس على مدار 3 سنوات. وقام السيسي بتشكيل لجنة للتأكد من الرقم، وذكرت اللجنة أن جنينة قد بالغ في التقدير.

ورفض جنينة خلال لقاء صحفي مناقشة تفاصيل التقرير؛ لأنه نصح بعدم مناقشة القضية. ومع ذلك، ذكر أنه يعتقد أن ملاحقته مرتبطة بوقوفه في مواجهة مصالح ذوي النفوذ – وهم المسؤولون الذين أثروا في عهد الرئيس السابق حسني مبارك وقطاع من الأجهزة الأمنية في عهد السيسي.

وقال: "في كل منصب شغلته، تعرضت لفحص أمني، ولو كنت خطيراً فلماذا لم يلاحقوني منذ 40 عاماً؟".

ومنذ ذلك الحين، تعرّض جنينة وأسرته لحملة تشويه على القنوات التلفزيونية الموالية للنظام، في محاولة للتقليل من شأنه، واتهامه بعضوية جماعة الإخوان المسلمين، بالإضافة إلى الإشارة إلى أن زوجته دعمت حركة حماس في غزة؛ لأنها من أصول فلسطينية.

وذكر جنينة: "لقد فقدت الثقة بالكثير من الأمور". وتحدثت زوجته التي تجلس إلى جواره عن صدمتها لجرّ زوجها ووضعه في عربة شرطة والزجّ به في السجن.

جعل السيسي من محاربة الفساد إحدى أهم سياساته، منذ وصوله إلى السلطة عام 2013. ومع ذلك، أصدرت حكومته قانون "المصالحة"، الذي برأت من خلاله ساحة عدد من رموز مبارك، من تهم الفساد، مقابل سداد مبالغ مالية كبيرة.

فقد أبرم رجل الأعمال حسين سالم، الذي يعيش في إسبانيا، اتفاقاً لسداد أكثر من 600 مليون دولار إلى الحكومة المصرية، مقابل السماح له بالعودة إلى مصر.

ويذكر محللون أن تصريحات جنينة حول قيمة الفساد البالغة 76 مليار دولار ضربت على وتر حساس، خاصة أنها تناولت مؤسسات قوية، حاول السيسي استرضاءها، وإن اتهمت بالفساد والوحشية؛ من أجل تعزيز سلطته، وباسم تحقيق الاستقرار.

جاء المستشار هشام بدوي ليحل محل جنينة في رئاسة الجهاز المركزي للمحاسبات. وكان بدوي يعمل بأحد الأجهزة الأمنية للدولة. ولم يعلن الجهاز عن أي قضايا فساد جديدة.

­- هذا الموضوع مترجم بتصرف عن صحيفة The New York Times الأميركية. للاطلاع على المادة الأصلية اضغط هنا.

تحميل المزيد