قرّر البابا فرنسيس السبت 4 يونيو حزيران 2016 زيادة الضغوط على مسؤولي الكنيسة الكاثوليكية من خلال فتح الطريق أمام عزل الأساقفة الذين يدانون بـ"الإهمال" في مواجهة حالات تحرش بالأطفال ضمن الكنيسة.
وفي مرسوم تضمّن رسالةً بابوية بعنوان "مثل أم حنونة"، ذكر البابا بأن الكنيسة "تحب جميع أبنائها لكنها تعنى بالضعفاء والعزّل وتحميهم بعطفٍ شديد".
يتعين على كهنتها الاهتمام
لذلك يتعين على كهنتها كما قال ولا سيما أساقفتها، أن يبدوا "اهتماماً خاصاً بحماية الضعفاء من بين الأشخاص المؤتمنين عليهم".
وتنص القوانين الكنسية حتى الآن على إمكانية عزل الأساقفة "لأسباب خطيرة".
وكتب البابا فرنسيس "أريد أن أوضح عبر المرسوم الحالي، أن إهمال الأساقفة تأدية مهماتهم، بات يدرج بين هذه +الأسباب الخطيرة+، خصوصاً في حالات التجاوزات الجنسية التي يتعرض لها قاصرون وراشدون ضعفاء".
لذ، فإن هذا المرسوم لا يشكل تعديلاً على "إجراء جنائي لأن المسألة لا تتعلق بارتكاب +جرم+"، حسبما أوضح المتحدّث باسم الفاتيكان الأب فيديريكو لومباردي، لكنه يتعلق بـ"تحديث" إجراء موجود في القوانين الكنسية، ويدخل حيز التنفيذ في الخامس من أيلول/سبتمبر.
في هذه الرسالة البابوية، أوضح الحبر الأعظم أيضاً أن "عدم الاهتمام يمكن أن يشكّل +"خطأً أخلاقياً فاضحاً+ من جانب الأسقف".
من جهة أخرى، يميز البابا بين حالتين. "فلدى حصول تجاوزات بحق قاصرين، يكفي أن يكون انعدام الاهتمام خطيراً" للوصول إلى اتخاذ قرار بعزل الأسقف، أما في الحالات الأخرى، فمن الضروري أن يكون الإهمال "بالغ الخطورة".
لا صلة بقضية معينة
ولأن عزل الأسقف ما زال مسألة بالغة الحساسية، أعلن البابا فرنسيس أيضاً عن لجنة من رجال القانون، قد تتشكل من كرادلة وأساقفة، لإبداء المشورة قبل صدور أي "قرار نهائي"، كما أوضح لومباردي أيضاً.
تتاح للأساقفة المتهمين فرصة الدفاع عن اتهامهم بالإهمال لدى الإدارات المختصة في الفاتيكان.
وبعد أن يتّخذ البابا قراره، وهو في أي حال صاحب الكلمة الأخيرة، تتم إقالة الأسقف بالقوة إذا رفض تقديم استقالته خلال 15 يوماً.
وأوضح المتحدث باسم الفاتيكان من جهة أخرى أن هذا التحديث للقانون الكنسي، لا ينطوي على مفعول رجعي.
ورداً على استيضاح وكالة اي-ميديا الكاثوليكية للإعلام، أكد الأب لومباردي أن هذه الرسالة البابوية غير مرتبطة بأي قضية محددة برزت في الآونة الأخيرة.
وتواجه الكنيسة الفرنسية في الوقت الراهن قضايا تحرش بالأطفال في أبرشية ليون (وسط شرق) تلطّخ سمعة الكاردينال فيليب باربارن.
وفي 20 أيار/مايو، قدم البابا دعمه للكاردينال باربارن لدى استقباله في الفاتيكان، رغم إجراء تحقيقين معه في فرنسا بتهمة "عدم الإبلاغ"، كما قيل حرفياً، عن اعتداءات جنسية تعرّض لها شبان من الكشافة بين 1986 و1991 من قبل أحد كهنة أبرشية ليون.
وفي مقابلة مع صحيفة "لو فيغارو" الفرنسية، أكد آنذاك الكاردينال باربارن، أحد أكثر مسؤولي الكنيسة نفوذاً في فرنسا، "إذا كشف القضاء عن تقصير خطير على صعيد تأدية مهمتي، فستكون (الاستقالة) إمكانية تتعيّن فعلاً مناقشتها. وحتى الآن، سيكون النظر في هذه الإمكانية خطوة غير مسؤولة، وستتناقض مع واجباتي. لا نستطيع مغادرة السفينة في خضم العاصفة".
وفي إطار هذه التحقيقات، أفادت مصادر مقربة من الملف السبت بأن عملية تفتيش جديدة جرت الأسبوع الحالي في مكاتب مطرانية ليون.
وأنشأ البابا فرنسيس في الفاتيكان هيئةً قضائية لمحاكمة الكهنة الذين يتحرّشون بالأطفال، وشكّل لجنة دولية من الخبراء لاقتراح تدابير وقائية ولقاء الضحايا في روما وفي فيلادلفيا.
لكن المرارة والخيبة تسودان أوساط الضحايا في كل أنحاء العالم حيث أسفر عددٌ كبير من حالات التحرش بالأطفال عن الكثير من الفضائح. وتعتبر هذه الأوساط أن على الكنيسة القيام بالمزيد لإبعاد المذنبين ومعاقبتهم.