2) الاختلاف مقبول
ستختلف المساجد والمراكز الإسلامية في المهجر حول دخول الشهر الكريم وخروجه، ولك أن تعلم أنَّ هذا أمر فقهي طبيعي ولا ينبغي أن يُكدِّر عليك صفو عبادتك، فالأمر الذي يجهله الكثير من العامة أنه لا بأس من الاختلاف في دخول الشهر بين مكان وآخر، ومن الجدير بالذكر أنك ستجد مساجد في كندا ملتزمة بأم القرى (مكة المكرمة)، وستجد أخرى ملتزمة برابطة علماء أمريكا الشمالية، ولا حرج في اتباع أيِّ الفريقين. وأنا شخصياً دائماً ما ألتزم بالمساجد التي تتبع أم القرى، فمن خبرتي في الغربة أجد هذا الرأي ألمّ لشمل المسلمين، خصوصاً وقت الحج الأكبر وصيام عرفة، وسُمِّيت مكة بأم القرى لأنها قبلة أهل الأرض كلها ومَحجَّهم، ويجوز لجميع الناس في مشارق الأرض ومغاربها -خصوصاً الذين يُقيمون في دول غير إسلامية- اتباعها في الصيام ولا حرج في ذلك، ولا بأس أيضاً من اتباع المساجد التي تتبع علماء أميركا الشمالية ما داموا على مُعتقد أهل السنة والجماعة.
3) برنامج أوقات الصلاة
ستحتاج في كندا إلى تنصيب برنامج دقيق لتحديد أوقات الصلاة، سواء على جهازك الجوَّال أو كمبيوترك الشخصي، ومن خبرتي لم أجد أفضل وأدق من برنامج (المكتشف الإسلامي – Islamic Finder)، ويمكن تحميله مجاناً على جميع الأجهزة تقريباً على الرابط التالي: http://www.islamicfinder.org/download.
4) حياتك لن تتوقف
لا بد من أن تعي حقيقة أنك خلال الشهر الكريم ستحيا في دولة عَلمَانية رأس مالية لا تكترث سوى لمصالحها الخاصة، وهذا يعني أنه لن يتغير عليك أي شيء في حياتك العملية إن كنت موظفاً، أو العلمية إن كنت طالب دراسة، ولا تحاول أن تستعطف مديرك في العمل؛ لأنك مسلم وتحتاج إلى معاملة خاصة خلال شهر الصيام، فغالباً لن يكترث إليك أحد، وأقصى ما يمكن لمديرك فعله هو منحك إجازة خلال الشهر إن كان لديك رصيد من إجازات، لكن من الجدير بالذكر أنك ستتفاجأ خلال تجربة الصيام الكندي أنك قادر على تأدية أمور حياتك الاعتيادية بشكل طبيعي تماماً وبطاقة أعلى، وستكتشف مدى الظلم الذي تعرض له هذا الشهر الكريم في الشرق، إذ تحوَّل من شهر إنتاج إلى شهر نِعاج!
5) لا تنحرج من صيامك
إن كان سينتابك شعور في كندا بالإحراج لأنك صائم، فلا تسمح لهذا الشعور أن يُسيطر عليك، فليس من السهل أن تحيا شهراً كاملاً وأنت تحمل ذلك الحرج في قلبك ونفسك، الأمر الذي سيؤدي إلى بُغض عبادة الصيام والتكدُّر فور دخول الشهر، وتذكر أنه أقصى إحراج يمكن أن يواجهك هو رائحة فمك، ولتجنب هذا الإحراج حاول ألاَّ تقترب كثيراً من الناس في المواصلات العامة أو غرف الاجتماعات في العمل، وحاول التنفس من خلال أنفك بدلاً من التنفس من خلال فمك، الأمر الذي سيخفف كثيراً من انبعاثات رائحة المعدة الخاوية إلى مَن حولك.
6) سبع ساعات للطعام
خلال الرمضان الكندي الصيفي، لا بد من أن يكون عقلك حاضراً خلال تغذية جسدك، وتذكر أنَّ كل الفترة المتاحة لملء معدتك خلال الـ24 ساعة هي 7 ساعات فقط منذ لحظة غروب الشمس إلى لحظة الإمساك، فإذا أردت أن تأكل كما تعودت في الشرق، فتأكد أنَّ معدتك ستكبر وتنتفخ بسرعة هائلة لتصبح في صباح العيد حاملاً بالشهر الخامس! ومن خبرتي في صيام رمضان في كندا، لاحظت أنَّ الإنسان يمكنه أن يحيا بالقليل القليل من الطعام من دون الحاجة إلى ملء المعدة بالطريقة الشنيعة وكأنك على سباق مع الزمن.
7) السحور أساسي
عندما كنت أحيا في الشرق، لم أكن أكترث كثيراً لوجبة السحور، وأقصى ما كنت أتناوله كأساً من الماء وقليلاً من التمر، أما في كندا، وبسبب طول فترة الصيام خلال فصل الصيف والتي تصل إلى 17 ساعة، فلن يمكنك أن تستمر في عطائك خلال اليوم من دون وجبة السحور، وعوضاً عن الخبز والطعام الدسم، تناول أطعمة تحتوي على سوائل وسكر طبيعي مثل البطيخ والعنب والتفاح والبرتقال لتفادي الجفاف خلال اليوم. وقد لا ينتبه الكثير من الناس أننا في الوقت الذي نصوم فيه 17 ساعة في كندا، يصوم المسلمون في دولة مثل الأردن 16 ساعة… مفاجأة!
8) انتقِ طعام الإفطار
لاحظت خلال الصيام في كندا أنه من الضروري اجتناب الأطعمة التي تؤدي إلى زيادة العطش مثل الثوم والبصل النيء في سلطة الخضار، أو البهار الكثير والفلفل الحار والتي تؤدي جميعها إلى جفاف الجسد والحاجة إلى سوائل كثيرة تعكر عليك صفو صيامك.
9) خفف من الدعوات
ستجد خلال الرمضان الصيفي وبسبب تأخر وقت الإفطار، أنه من الأفضل عدم الإفراط في قبول دعوات الإفطار؛ لأنها لن تأتي بأي خير في اليوم التالي، وستؤدي إلى سهر طويل ستعاني منه طيلة أيام الأسبوع الذي يليه، وبما أنَّ حياتك ستبقى طبيعية في كندا، لا بد من أن تلزم بيتك قدر المستطاع، وغالباً ما ستضطر إلى النوم بعد الانتهاء من وجبة الإفطار وصلاة المغرب مباشرة، لتقوم قبل الفجر بساعة لتصلي العشاء وتتناول وجبة السحور، أو تضطر مثلاً إلى جمع صلاتي المغرب والعشاء إن كنت مُنهكاً بسبب العمل، وهذه قد تكون رخصة مقبولة أيضاً لطلبة المدارس الذين لا يقوون على السهر طويلاً وفي حاجة لأخذ قسط كافٍ من الراحة.
10) فرصتك للتغيير
لعلكم تعلمون أني كنت لحظة وصولي إلى كندا أزن 120 كيلوغراماً، وقد خسرت من وزني -بفضل الله- 40 كيلوغراماً وأصبحت أزن اليوم 80 كيلوغراما، ولكن ما لا تعلمونه أنَّ هذا التغيير كانت بداية انطلاقته في صيام رمضان الكندي الصيفي، فطول النهار وقلة عدد ساعات الطعام وإدراكي لأهمية النقطة السادسة التي ذكرت في الأعلى ساعدني كثيراً على تحدي شحوم جسدي وحرقها، ففي انتهاء أول رمضان لي في كندا، خسرت 10 كيلوغرامات، لأستمر بعدها بنظام حياتي الجديد الذي أدى خلال 24 شهراً إلى خسارة باقي الـ 40 كيلوغراما، فسيكون بمقدورك تطهير نفسك من ذنوبك الروحية والجسدية معاً!
ألقاكم -بإذن الله- يوم السبت القادم 28 مايو (أيَّار) في حوار مرئي مباشر عبر صفحتي على الفيسبوك لمناقشة موضوع المقال وتلقي أسئلتكم والإجابة عنها في الأوقات التالية:
توقيت البث المباشر: 12:00 ظهراً (تورونتو) | 5:00 مساء (الرباط) | 7:00 مساء (مكة)
رابط الصفحة: https://www.facebook.com/HusseinYounesWriter
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.