نفذ التحالف الدولي بقيادة أميركية أكثر من 150 غارة على مواقع تابعة لتنظيم الدولة الإسلامية شمال سوريا منذ بدء هجوم مزدوج تشنه قوات سوريا الديمقراطية في ريف محافظة الرقة، والجيش العراقي جنوب مدينة الفلوجة، أبرز معاقل الجهاديين.
وعلى جبهة أخرى شمال سوريا، تمكّن تنظيم الدولة الإسلامية إثر هجوم مباغت بعد منتصف الليل من قطع طريق الإمداد الوحيد إلى ثاني أهم معقل للفصائل المقاتلة في محافظة حلب، حيث بات نحو 100 ألف سوري عالقين قرب الحدود التركية، وفق منظمة أطباء بلا حدود.
وقال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبدالرحمن، لفرانس برس إن الاشتباكات المستمرة في ريف الرقة الشمالي بين تنظيم الدولة الإسلامية وقوات سوريا الديمقراطية "ترافقت مع تنفيذ طائرات التحالف الدولي 150 ضربة على الأقل استهدفت مواقع عناصر التنظيم في ريفي مدينتي عين عيسى وتل أبيض".
وأكد التحالف الذي يشن منذ سبتمبر/أيلول 2014 ضربات جوية ضد الجهاديين في سوريا، تنفيذه غارات قرب مدينتي عين عيسى والرقة.
وبدأت قوات سوريا الديمقراطية، وهي عبارة عن تحالف فصائل كردية أبرزها "وحدات حماية الشعب" الكردية (YPG)، بالإضافة إلى فصائل أخرى عربية، هجوماً شمال الرقة، الثلاثاء الماضي، غداة إعلان السلطات العراقية إطلاق عملية "تحرير" الفلوجة.
وسيطرت هذه القوات شمال الرقة على "نحو 10 قرى ومزارع منها النمرودية وقرتاجة وحضريات الخليل والوسطى وفاطسة بالاضافة إلى مزارع أخرى قريبة منها".
وأسفرت المعارك والغارات، منذ الثلاثاء وفق عبدالرحمن، "عن مقتل 31 عنصراً على الأقل من التنظيم بالإضافة إلى معلومات عن خسائر بشرية مؤكدة في صفوف قوات سوريا الديمقراطية" لم تُعلن حصيلتها.
وقال عبدالرحمن: "لا قتلى من المدنيين نظراً لأن القرى والحقول التي تشهد معارك هي شبه خالية من المدنيين".
مدنيون عالقون
ويعيش 300 ألف شخص في مدينة الرقة ظروفاً صعبة، خصوصاً بعدما توقف التنظيم عن إعطاء "تصاريح خروج للسكان الراغبين بمغادرة الرقة.. أو حتى المرضى"، وفق عبدالرحمن.
وتمكنت بعض العائلات من الهروب باتجاه محافظة إدلب (شمال غرب) الخاضعة لسيطرة تحالف "جيش الفتح" الذي يضم فصائل إسلامية أبرزها جبهة النصرة.
وقال الناشط أبومحمد، وهو أحد مؤسسي حملة "الرقة تذبح بصمت" الموثقة لانتهاكات التنظيم، لوكالة الأنباء الفرنسية إن السكان يدفعون للمهربين 400 دولار عن كل شخص لإخراجهم من المدينة.
في محافظة حلب، أبدت منظمة أطباء بلا حدود، الجمعة، "قلقها الشديد" على "مصير ما يقدر بـ100 ألف شخص عالقين بين الحدود التركية وخطوط الجبهات"، بعد ساعات على شن تنظيم الدولة الإسلامية هجوماً "مفاجئاً" في ريف حلب الشمالي قرب الحدود التركية، وفق المرصد.
وأشارت منظمة هيومن رايتس ووتش من جهتها إلى أن عدد العالقين قرب الحدود التركية قد يصل إلى 165 ألف سوري.
وتمكن التنظيم من السيطرة "على 5 قرى كانت تحت سيطرة الفصائل المعارضة والإسلامية في تقدم هو الأبرز للجهاديين في المنطقة منذ عام 2014″، وفق عبدالرحمن.
وبتقدمه هذا، قطع التنظيم "طريق الإمداد الواصل بين مدينة إعزاز ومدينة مارع"، ثاني أكبر المعاقل المتبيقة للفصائل في محافظة حلب بعد إعزاز.
وأشار في بيان تناقلته مواقع جهادية، الجمعة، إلى شن "هجوم مباغت والتسلل إلى عدد من القرى" في ريف حلب الشمالي.
وبحسب الناشط المعارض ومدير وكالة "شهبا برس" المحلية للأنباء القريبة من المعارضة، مأمون الخطيب، الموجود في أعزاز، باتت مارع "محاصرة بشكل تام بعدما تمكّن داعش من السيطرة على قريتين تقعان على الطريق الواصل بين مارع وأعزاز".
وأضاف: "الوضع كارثي وصعب جداً مع وجود 15 ألف مدني محاصرين داخل المدينة، بينهم عدد كبير من النساء والأطفال، عدا عن العسكريين".
ودفع هجوم تنظيم الدولة الإسلامية المنظمات الإنسانية والناشطين المعارضين إلى إخلاء مخيمين على الأقل في منطقة أعزاز، لقربهما من مناطق الاشتباك، وفق الخطيب.
وقال مدير العمليات في منظمة أطباء بلا حدود في الشرق الأوسط، بابلو ماركو، الجمعة، إن المنظمة "اضطرت إلى إجلاء معظم المرضى والطاقم الطبي من مستشفى السلامة"، بعدما وصلت المعارك على بعد "3 كيلومترات عنه".
وأضاف: "مع اقتراب الاقتتال لن يكون أمام الناس أي مكان للفرار".
تقدم نحو الفلوجة
في العراق، يواصل الجيش العراقي مدعوماً بالميليشيات الشيعية عملياته العسكرية ضد تنظيم الدولة الإسلامية جنوب مدينة الفلوجة التي يسيطر عليها الجهاديون منذ يناير/كانون الثاني 2014.
وأعلن قائد عمليات تحرير الفلوجة الفريق الركن عبدالوهاب الساعدي، الجمعة، إن "القوات الأمنية تحرز تقدماً" في محيط المدينة، مشيراً إلى "وجود مقاومة لتنظيم داعش في محيط الفلوجة الشرقي والشمالي".
وأوضح أن "مقاومة داعش تقتصر على السيارات المفخخة والانتحاريين.. ونشر القناصة" على أسطح الأبنية.
ولا يزال 50 ألف مدني عالقين داخل المدينة الواقعة في محافظة الأنبار، فيما لم يتمكن سوى 800 شخص من الفرار منها، وفق الأمم المتحدة.
وأشارت المتحدثة باسم مفوضية شؤون اللاجئين، ميليسا فليمنغ، في جنيف إلى "تقارير عن زيادة حادة في عدد الإعدامات بحق الرجال والأولاد الذين يرفضون القتال مع القوات المتطرفة"، لافتة إلى "حكايات مروّعة" نقلتها العائلات التي تمكنت من الفرار بعد السير لساعات ليلاً أو الاختباء في أنابيب ريّ غير مستخدمة للوصول إلى منطقة أكثر أماناً.
وأشارت فليمنغ إلى ان 4266 شخصاً تمكنوا من مغادرة مدينة الموصل، إحدى أبرز معاقل الجهاديين في العراق واجتازوا الحدود إلى محافظة الحسكة في شمال شرق سوريا.