نوع جديد من الاحتجاج.. يمنيات يحرقن ضفائر شعرهن وخمارهن طلباً للنجدة

عربي بوست
تم النشر: 2016/05/25 الساعة 07:03 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/05/25 الساعة 07:03 بتوقيت غرينتش

لم تجد عشرات اليمنيات اللواتي يقبع أولادهن في سجون جماعة الحوثي المسلحة بالعاصمة صنعاء من طريقة للفت الأنظار والاحتجاج ضد "الإخفاء القسري" الذي تمارسه الجماعة ضد مناوئيها، سوى "حرق ضفائر شعرهن".

أمام مقر القصر الجمهوري الذي يسيطر عليه الحوثيون منذ يناير/كانون الثاني 2015، تجمّعت عشرات من أمهات المعتقلين، الثلاثاء 25 مايو/أيار 2016، للاحتجاج ضد الاعتقال والإخفاء القسري لأولادهن منذ أشهر طويلة، وبدلاً من رفع لافتات تطالب الحوثيين الذين يسيطرون على العاصمة كسلطة أمر واقع، ولا تجد أي تجاوب، كان على النساء تقديم نوعٍ جديد من الاحتجاج، وهو حرق براقعهن الإسلامية، و"ضفائر شعورهن".

لماذا حرق الشعر؟

لا يتم اللجوء إلى مثل هذا النوع من الاحتجاجات في اليمن إلا عند انسداد كافة الآفاق أمام أي حلول لقضية ما.

ووفقاً لمراقبين، فإن أول عملية إحراق متظاهرات لـ"براقعهن" الإسلامية، كان في أواخر عام 2011، إبان الثورة الشعبية ضد نظام الرئيس علي عبدالله صالح، وبعد فشل كافة الاحتجاجات السلمية، واستمرار آلة القمع، لجأت عشرات النشوة إلى حرق خمارهن الإسلامي في شارع عام كنوع من الاحتجاج.

عجوز يمنية تبكي وتستغيث ثم تحرق حجابها في محاولة لإسترضاء الحوثيين للإفراج عن ولدها المختطف في سجون المليشيا ، في وقفة لعدد من أمهات وزوجات المختطفين أمام السجن في العاصمة ‫#‏صنعاء‬

وفي الأعراف القبلية اليمنية يشير إحراق الضفائر والحجاب إلى "التجني"، ويرمز إلى طلب النجدة من القبيلة في حال حدوث انتهاك على حرمة وممتلكات وحقوق أشخاص، وأيضاً استجداء للطرف المنتهك بكفّ الأذى، وأن يقيم اعتباراً للقيم القبلية.

ويرى الكاتب الصحفي أحمد الزرقة أن حرق النساء خمارهن وجدائلهن من أجل استجداء الميليشيات للإفراج عن أبنائهن وآبائهن المختطفين، يعني أن الحوثيين لا يقيمون حرمة للدين والأخلاق ولا حتى للعادات والتقاليد القبلية.

هل تنفذ طلباتهن؟

منذ أشهر نظمت أمهات الشباب اليمنيين المعتقلين في سجون الحوثيين سلسلة فعاليات احتجاجية أمام مقرات الدولة التي يسيطر عليها الحوثيون، وكذلك المعتقلات الرئيسية والمخابرات.

كانت الفعاليات تنظم من قبل ما أطلق عليها "رابطة أمهات الشباب المختطفين"، التي تم تشكيلها خلال الأشهر الماضية عقب تزايد عمليات الاعتقال، لكنها لا تجد صدى أو تجاوباً من قبل سلطة الحوثيين أو المنظمات العاملة في حقوق الإنسان.

وقال أحد أقارب الصحفيين المعتقلين في سجون الحوثيين لـ"عربي بوست"، إن شقيقته شاركت في الوقفة الاحتجاجية الثلاثاء 24 مايو/أيار 2016، وأنه لم يكن أمامهن سوى العودة للأعراف القبلية، واستجدائها لإنقاذ أودلاهن.

وأضاف طالباً عدم الكشف عن هويته لدواع أمنية: "هذه الحركة الاحتجاجية ترمز إلى كشف الستر، ومعرفة شهامة القبيلة تجاه أي طلب لهن بعد هذا الموقف".

واستدرك قائلاً: "لكن القبيلة لم تعد موجودة في صنعاء، وحدهم الحوثيون من يسيطرون عليها، القبائل التي من الممكن أن تلبي النداء وتواجه الحوثيين إما في المعتقلات أو منفية في الخارج، ومن تبقى من القبائل متحالفة معهم وتقاتل في صفهم".

يأس كبير

ترى "رضية المتوكل"، رئيسية منظمة مواطنة المعنية بحقوق الإنسان في اليمن، أن الحركة التي قامت بها النساء تعبّر عن حالة اليأس التي وصل إليها أهالي المعتقلين، باعتبارهم أكثر من يعاني، فالاعتقالات لا تتوقف عن الضحية بل تمتد آثارها لأهاليهم الذين لا يعرفون مصيرهم، ولا لماذا تم اعتقالهم.

وقالت المتوكل لـ"عربي بوست": "هذه العملية لها علاقة باليأس من المتاهة التي يعيشها أهالي المعتقلين منذ أشهر، ليس هناك دولة يلجأون إليها، ومنظمات المجتمع المدني في انهيار وأضعف من أي وقت مضى، هناك فقط سلطة غاشمة بيدها أبناؤهم المعتقلون".

وذكرت المتوكل أن غالبية المعتقلين تعرضوا للإخفاء القسري من قبل الحوثيين، وعشرات منهم مازالوا مخفيين قسرياً، ومن يعرفون مكان احتجازه، يجد الأهالي صعوبة في الاطمئنان عليه أو إيصال ملابس وأكل، كما أن أماكن الاحتجاز سيئة بشكل كبير.

أعداد مجهولة لكنها بالمئات

لا تمتلك المنظمات الحقوقية في اليمن أرقاماً معينة لعدد المعتقلين في سجون الحوثيين، ومنها منظمة "مواطنة" التي ترأسها "رضية المتوكل"، وأصدرت خلال شهر مايو/أيار 2016 تقريراً عن وضعهم، حمل عنوان "ليسوا هنا".

تقول المتوكل: "الاعتقالات لم تكن يوماً بهذه الكثافة التي تحدث في زمن الحوثيين، العدد بالمئات، لكن من استطعنا الوصول إليهم 54 معتقلاً، منهم 26 حالة إخفاء قسري، خرج منهم 3 خلال الأيام الماضية.

وتؤكد أن هناك صعوبة في الوصول إلى أهالي المعتقلين، كما أن الأهالي أنفسهم يرفضون تبليغ المنظمات خشية تعرّض أولادهم للأذى من قبل محتجزيهم.

وأبلغ بعض أهالي المعتقلين "عربي بوست" بأنه لا توجد أي تهم للعشرات من المعتقلين، وأن حواجز التفتيش الحوثية في مدينة رداع، عاصمة محافظة البيضاء، وسط اليمن، تحتجز العشرات دون أي تهم، وتلصق لهم تُهم الارتزاق والقتال في صفوف القوات الحكومية، رغم أن غالبيتهم كانوا يعملون في مهن يدوية صغيرة.

ملف رئيسي في مشاورات الكويت

يبرز "الاعتقال" كملف رئيسي على طاولة مشاورات السلام المقامة بدولة الكويت منذ شهر، وفي سبيل حلحلته شكلت الأمم المتحدة لجنة خاصة لمناقشة أوضاع المعتقلين والسجناء والأسرى والمخفيين قسرياً.

وأوكل إلى اللجنة مهمة تبادل كشوفات المعتقلين لدى طرفي الصراع (الحكومة والحوثيين وحزب الرئيس السابق علي عبدالله صالح)، وتم الاتفاق على الإفراج عن 50% منهم قبيل حلول رمضان، لكن الاتقاق لم يُترجم بعد على أرض الواقع.

وتطالب الحكومة بالإفراج عن 10 صحفيين دخلوا في إضراب عن الطعام منذ أكثر من أسبوعين، وكذلك عن وزير الدفاع في حكومة الرئيس عبدربه منصور هادي، اللواء محمود الصبيحي.

وترى رئيسية منظمة مواطنة "رضية المتوكل" أن ملف الاعتقال التعسفي يجب أن لا يرتبط بالمشاورات، سواء نجحت أو تعرضت للفشل، أو بالمزاج السياسي، ولابد من الإفراج عنهم كقضية إنسانية أولاً وأخيراً، خصوصاً أن أغلبهم اعتقل دون تُهم حقيقية.

لا يعرفون الضوء

يسيطر الحوثيون على جميع معتقلات الدولة في العاصمة صنعاء، ومنها السجون التي كانت مخصصة لعناصر تنظيم القاعدة، والمشيدة بنظام أمني مشدد.

وقال أحد المعتقلين الذين خرجوا من سجون الحوثيين، خلال الفترة الماضية لـ"عربي بوست": "يتم وضعنا في غرف منفردة لا تزيد على متر في متر، وغير مجهزة بأبسط الأشياء التي تليق بالإنسان".

وأضاف المعتقل الذي طلب عدم الافصاح عن هويته: "مكثت عدة أشهر لا أعرف الضوء، تم نقلي إلى ما يشبه القبو، وأعتقد أنه مخصص لسجناء عناصر القاعدة والسجناء الذين يشكلون خطراً على المجتمع.

وأكدت مصادر حقوقية أن مستشفيات وفنادق ومقرات حكومية تحولت إلى معتقلات للحوثيين في عدد من المحافظات اليمنية.

علامات:
تحميل المزيد