تمكن حزب الخضر الذي يدافع عن حقوق اللاجئين ويرفض التحريض ضدهم، من توقيف المد اليميني المتطرف في النمسا وربما في أوروبا، بعد أن حقق معجزة بفوزه بغالبية الأصوات في الانتخابات الرئاسية النمساوية التي شهدت صعوداً نادراً لمناهضي اللاجئين.
ومني نوربرت هوفر مرشح اليمين للرئاسة في النمسا بخسارة، الإثنين 23 مايو/ أيار 2016، بعد فوز منافسه المستقل والمرشح عن حزب الخضر فان دير بيلين بأكثرية 50,3 % من الأصوات، وفقاً لما أعلنت وزارة الداخلية النمساوية.
وبابتعاده عن الرئاسة يكون آلاف اللاجئين الموجودين في النمسا بعيدين عن سياسة هوفر الرافضة لهم. إذ لو حقق اليمين المتطرف فوزاً لكان اعتبر ذلك أكبر صعود له في أوروبا منذ عهد الزعيم النازي أدولف هتلر.
ويفترض أن يتولى الرئيس الجديد الذي ينتخب لولاية من ست سنوات، مهامه في الثامن من تموز/يوليو 2016.
تأسس حزب الخضر في عام 1986 في النمسا، وقائده فان دير بيلين، ولدى الحزب مقعدين في البرلمان الأوروبي.
ويتخذ الحزب موقفاً إيجابياً حيال موجات اللجوء الكبيرة، التي شهدتها أوروبا العام الماضي، إذ يدعو إلى ضرورة اتباع سياسة مفتوحة اتجاههم، ويرفض أن يتم الربط بين الهجمات الإرهابية الأخيرة التي ضربت أوروبا بوجود اللاجئين.
أحزاب اليمين لا ترغب باللاجئين
يحمل حزب الحرية الذي ينحدر من هوفر شعار "النمسا أولاً"، وارتكزت حملة هوفر الانتخابية بالأساس على تقوية حدود البلاد وجيشها، وتقليل المنافع التي يحصل عليها المهاجرون وإعطاء الأولوية للنمساويين في سوق العمل، وفقاً لما ذكرته صحيفة نيويورك تايمز.
ويعد اليمين المتطرف في النمسا من أكثر المعارضين للاجئين، واستفاد في انتخاباته الأخيرة من تنامي حالة الغضب من المهاجرين، خاصة بعد أن أصبح المزاج العام في النمسا أقل تسامحاً صوب اللاجئين.
وجنبت هزيمة هوفر المؤسسة السياسية الأوروبية انتكاسة محرجة، تهدد بها على نحو متزايد أحزاب استفادت من المخاوف المتعلقة بأزمة اللاجئين التي تشهدها المنطقة، وسنوات من ضعف النمو الاقتصادي وارتفاع معدلات البطالة.
والنمسا دولة مزدهرة نسبياً لكنها تقع في مركز تدفق قياسي للاجئين من الشرق الأوسط، مما أثار استياء الرأي العام من الحزبين الوسطيين -الحزب الديمقراطي الاشتراكي وحزب الشعب المحافظ- اللذين هيمنا على السياسة في البلاد منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية.
وفي تعليقه على فارق الأصوات بين هوفر وبيلين، قال فلوريان اوبرهوبر من معهد سورا، إنه لا يمكن الحديث بالنسبة إلى الفئات الأخرى عن "هوة اجتماعية، لأن الفوارق بسيطة بين الاصوات".
واعتبر الخبير السياسي أن "الهوة الأساسية هي على الصعيد السياسي، حول مسائل مثل الاتحاد الاوروبي واللاجئين والثقة في النظام".
هوفر يعلن خسارته
وأعلن هوفر المرشح عن "حزب الحرية النمساوي" في صفحته على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك، هزيمته في الانتخابات النمساوية، بعد الدورة الثانية التي تميزت بمنافسة شديدة.
وكتب هوفر في رسالة على حسابه بعيد الساعة 14،00 بتوقيت غرينتش: "أصدقائي الأعزاء! أشكر لكم دعمكم إياي. بالتأكيد، أشعر بالحزن اليوم".
وسبق إعلان وزارة الداخلية النمساوية لنتائج الانتخابات، تأكيدات من صحف نمساوية، وهيئة الإذاعة البريطانية بخسارة هوفر، وانتصار منافسه زعيم حزب الخضر بيلين.
أصوات المراسلة أسقطت هوفر
وحتى وقت متأخر من مساء أمس، كانت النتائج الأولية التي نشرتها وزارة الداخلية، تشير إلى أن هوفر هو الأوفر حظاً بتولي منصب الرئيس، حيث حصل على 51.9 % بالمئة، مقابل 48.1 % لمنافسه بيلين، وذلك قبل أن يجري احتساب الأصوات القادمة من البعثات الدبلوماسية.
وأشارت وزارة الداخلية، الإثنين، إلى أنه بعد فرز أصوات الذي انتخبوا عبر المراسلة، تبين أن بيلين البالغ من العمر 72 عاما حاز على 50،3% من الأصوات، متقدما بـ 31،026 صوتاً على منافسه هوفر، الذي جمع 49،7%.
وكان قرابة 900 ألف ناخب طالبوا بالمشاركة في التصويت عبر المراسلة عن طريق البريد الإلكتروني، أي 14% من الهيئة الناخبة، وهي النسبة التي منحت زعيم حزب الخضر الفوز بالرئاسة.
ويحمل فوز بيلين الاستاذ الجامعي السابق، إلى رئاسة النمسا للمرة الأولى أحد أنصار البيئة.
منافسة حادة
وشهدت الانتخابات منافسة حادة بين هوفر وبيلين، وأظهرت نتائج الجولة الأولى تفوقاً ملحوظاً لليميني هوفر، حيث حصل على 35 بالمئة من الأصوات، مسجلاً أفضل نتيجة في انتخابات وطنية لحزبه، في حين حصل بيلين على 21،3% من الأصوات.
ومع بدء الجولة الثانية من الانتخابات، كان هوفر متقدماً أيضاً على منافسه بأكثر من 144 ألف صوت، مستفيداً من 54 % من الناخبين الذكور الذين منحوه أصواتهم، وكذلك 58% من أصوات غير الحاصلين على دبلوم، فضلاً عن أصوات من مناطق ريفية. كما صوت 71 % من العمال له.
بدوره تمكن بيلين من اجتذاب الناخبين الشباب بنسبة 56 %، والذين تفوق أعمارهم 50 عاماً. لكن ما حصل أن بيلين استطاع كسب النتيجة لصالحه، بعدما فرزت أصوات 900 ألف انتخبوا عن طريق البريد الإلكتروني.
وكان المرشحون الـ 6 في الانتخابات الرئاسية النمساوية، قد أخفقوا في تخطي نسبة 50% من الأصوات (نسبة الحسم)، في الجولة الأولى من الانتخابات، التي جرت في 24 أبريل/ نيسان 2016، ما حدا إلى إجراء انتخابات مجدداً في جولة ثانية.