رجح مسؤولون أفغانيون، الأحد 22 مايو/أيار 2016، أن تكون الغارة الأميركية التي استهدفت أمس زعيم حركة طالبان الملا أختر منصور قد أدت لمقتله، وجاء ذلك بعد ساعات من إعلان الولايات المتحدة أنها – على الأرجح – قتلت منصور، في حين لم تعلق الحركة حتى الآن بالنفي أو التأكيد.
وقال المتحدث باسم الرئيس الأفغاني، أشرف عبدالغني، إن الهجوم الذي نفذته طائرات دون طيار مستهدفة زعيم حركة طالبان الملا منصور كان ناجحاً فيما يبدو. وأشار إلى أن الغارة جاءت بالاتفاق مع السلطات الأفغانية.
وترى الولايات المتحدة أن الملا منصور كان يقف عائقاً أمام مباحثات السلام مع الحكومة الأفغانية، كما قال وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، إن الملا كان يشكل خطراً على أميركا.
شخصية مثيرة للجدل
ولد الملا أختر منصور في أفغانستان عام 1963، وينتمي إلى قبيلة دوراني التابعة لعائلة من عرقية البشتون، ويعد من الشخصيات المثيرة للجدل في الحركة؛ نظراً لما يقال عن علاقته القوية باكستان، والاتهامات التي يوجهها له خصومه.
وقبل توليه قيادة حركة طالبان، تقلّد منصور مهام القائم بأعمال رئيس الحركة نيابة عن الملا محمد عمر، مؤسس حركة طالبان وزعيمها الروحي. وبهذه الصفة يُعتقد أن دوره كان التصديق على إصدار بيانات الملا عمر الدورية على موقع حركة طالبان الرسمي على الإنترنت، حتى بعد أن مات الملا عمر بوقت طويل.
وأثار هذا جدلاً داخل المراتب الأعلى للحركة، وأثيرت اتهامات بأنه ربما تآمر مع بعض حلفاء القبائل أو العناصر الموالية في باكستان لاغتيال الملا عمر، وفقاً لما ذكره موقع بي بي سي.
ويتهمه كثير من خصومه بأنه خاضع بصورة كبيرة لسيطرة جهاز الاستخبارات الباكستاني، ويتهمونه في أن باكستان كانت توفر له حماية وملاذاً آمناً.
توليه للقيادة تسبب بخلافات
في 29 من يوليو/تموز 2015، انتخب مجلس شورى حركة طالبان الملا منصور، وقال المجلس إن انتخابه جرى بـ"الإجماع" كخليفة لأمير الحركة الملا عمر الذي أعلنت الحركة وفاته رسمياً.
وفي بيان صدر باللغة البشتونية نُشر على موقع حركة طالبان، قالت الأخيرة إن "مجلس الشورى القيادي اجتمع مع علماء البلد والشيوخ، وبعد مشاورات طويلة عيّنوا الرفيق القريب والنائب السابق للملا عمر الملا أختر محمد منصور أميراً جديداً لإمارة أفغانستان الإسلامية".
لم يمضِ وقت قصير على توليه المنصب الجديد، حتى تحدثت تقارير إعلامية عن خلافات حادة داخل الحركة، على كيفية اختيار شورى الحركة للملا منصور.
قادة من طالبان كانوا قد حضروا الاجتماع الذي انتخب فيه الملا منصور، وقالوا إن ابنين للملا عمر غادرا الاجتماع لعدم رضاهما عن كيفية الاختيار. فيما رأى آخرون أن مجلس الشورى تسرع في اختياره زعيماً للحركة، واعتبر بعضهم الآخر أن يعقوب ابن الملا محمد عمر كان أجدر منه بخلافة والده، كما نشرت معلومات عن رفض شقيق الملا عمر لاختيار منصور خلفاً له.
وعلى الرغم من هذه الخلافات، إلا أن زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري أعلن ولاءه للملا منصور، واعتبره "خليفة شرعياً للملا عمر".
وزير سابق
مع وصول حركة طالبان إلى الحكم في أفغانستان، تولى منصور عدة مناصب ومسؤوليات قبل وبعد سقوط نظام طالبان الذي حكم أفغانستان خلال الفترة الممتدة بين 1996-2001.
وشغل الملا منصور خلال هذه الفترة منصب مدير الخطوط الجوية الأفغانية، وعين في وقت لاحق وزيراً للطيران المدني إلى جانب مسؤولية إضافية في مجال النقل وسلاح الجو.
وبعد عام 2001 كلفته الحركة بإدارة الشؤون العسكرية والسياسية في مجلس شوراها وبنيابة رئيس هذا المجلس، ثم صار نائباً لأمير طالبان الملا عمر بدلاً من عبدالغني برادار الذي اعتقل في باكستان 2010، وفقاً لما تذكره موسوعة الجزيرة.
وخلال مشاركته في حكم طالبان، أثيرت اتهامات ضد الملا منصور، باستخدام أموال المخدرات من حقول نبات الخشخاش في الجنوب لإنشاء شركات في دول الخليج.
وكانت الأمم المتحدة أدرجت اسم الملا أختر منذ 25 يناير/كانون الثاني 2001 في قائمة المستهدفين بالعقوبات المفروضة على تنظيم القاعدة والمرتبطين به، وتتهمه المنظمة بأنه "ضالع في أنشطة الاتجار بالمخدرات".
ومع انهيار حكم طالبان تحت وطأة القصف الجوي والاجتياح البري اللذين نفذهما التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة إثر هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001 على أراضيها، كان منصور على موعد مع قيادة حركته في أكثر من ميدان وجبهة ضد التحالف الدولي ونظام الحكم الذي أقامه في أفغانستان.
مقاتل منذ الصغر
عُرف عن الملا منصور أنه مقاتل منذ صغر سنه، وشارك إبان اجتياح الاتحاد السوفيتي أفغانستان في ثمانينيات القرن الماضي بحمل السلاح، والوقوف بجانب مقاتلي المقاومة الإسلامية من المجاهدين.
وانضم منصور إلى جماعة محلية بقيادة الملا حجي محمد، الذي كان القائد العسكري الإقليمي لـ"الحزب الإسلامي"، وهو واحد من 7 جماعة مقاومة مقرها باكستان بقيادة مولوي يونس خالص.
وفي عام 1987، يعتقد بأن منصور انتقل إلى مدينة كويتا، عاصمة إقليم بلوشستان الباكستاني، ثم إلى بيشاور في الشمال الغربي، فيما يعرف الآن بإقليم خيبر باختونخو، حيث استأنف تعليمه الديني التي قطعه بسبب الحرب في أفغانستان.
وكان الملا منصور من بين المجموعات لحركة طالبان، أو طلاب الحوزة، الذين انحدروا من باكستان للسيطرة على إقليم قندهار، ومن ثم إلى باقي أفغانستان في حرب خاطفة قضت على جميع جماعات المجاهدين العديدة باستثناء "تحالف الشمال".