"لدينا أفضل الأسعار والعروض لرحلات خارج مصر إلى تركيا أو أوروبا لقضاء شهر العسل أو الأعياد"، "،بـ 400 دولار فقط تمتع برحلة لتركيا أسبوعاً كاملاً، وبـ 700 دولار لإسبانيا".
هذه نماذج من عشرات الدعوات التي تنشرها شركات سياحية مصرية لإغراء المصريين بالسفر للخارج والقيام برحلات حول العالم.
يرى اقتصاديون أن السياحة المصرية للخارج تشكل نزيفاً مؤلماً للموازنة المصرية تفقد فيه دولارات باتت ثمينة في وقت تعاني فيه مصر من أزمة حادة في العملة الأجنبية، جعلت الدولار يخترق حاجز 11 جنيهاً قبل أن يعود ليستقر فوق الـ 10جنيهات.
أرقام صادمة
وأظهرت بيانات صادرة عن البنك المركزي المصري أن إنفاق المصريين على السياحة الخارجية زاد بنسبة 10% خلال العام المالي الماضي 2015 /2016(العام المالي في مصر يبدأ من أول يوليو/تموز) ليصل إلى نحو 3.338 مليارات دولار، مقابل نحو 3.045 مليارات دولار في العام 2014، بحسب بيانات "ميزان المدفوعات".
كما أظهرت بيانات وزارة المالية أن إنفاق المصريين على السياحة الخارجية، في 3 أشهر فقط (الفترة من يوليو/ تموز إلى سبتمبر/ أيلول) خلال العام المالي 2015/2016، بلغ 792 مليون دولار.
وتؤكد الأرقام المعلنة أن إنفاق المصريين على السفر للخارج في العام المالي الماضي 2015/2016، ارتفع بأكثر من الضعف مقارنة بمستواه قبل 10 سنوات، إذ لم يزد عن نحو 1.6 مليار دولار في العام المالي 2005-2006.
وكشف تقرير لـ "وحدة الحسابات الفرعية بوزارة السياحة "، في يونيو/ حزيران من عام 2015، أن حجم إنفاق المصريين على الرحلات السياحية بلغ نحو 44 مليار جنيه، منها 20.8 مليار جنيه على السياحة الداخلية، و23.2 مليار جنيه على السياحة الخارجية.
وذكر التقرير أن عدد المسافرين للخارج من المصريين بلغ مليوناً و85 ألفاً، وشكل المغادرون لأغراض أخرى غير الحج والعمرة 52.3%، بينما بلغ حجم المعتمرين 44.3% والحجاج 3.4%.
تراجع دخل السياحة الأجنبية
وبالمقابل أظهرت أرقام البنك المركزي ووزارة المالية تراجع فائض الميزان الخدمي، ومنه الإيرادات السياحية، بمعدل 45.5% ليقتصر على نحو 2.2 مليار دولار، مقابـل نحو 4.1 مليارات دولار سابقاً.
وبحسب إحصاءات رسمية، تمثل عائدات السياحة نحو 11.3 % من الناتج المحلي الإجمالي ونسبة 14.4 % من إيرادات مصر من العملات الأجنبية.
وتكشف المقارنة بين "سياحة المصريين" بالخارج و"السياحة الأجنبية" الوافدة، أن الأولى تستهلك ما يعادل نصف عوائد الثانية، ما يزيد من تضخم الأزمة الاقتصادية، بفعل تراجع مدخلات الموازنة المصرية وتراجع السياحة الوافدة إلى مصر من الخارج مقابل زيادة السياحة المصرية للخارج.
سقوط الطائرة الروسية وقضية ريجيني
وتعاني السياحة الأجنبية الوافدة إلى مصر، من التوترات السياسية والأمنية الأخيرة – ومنها إسقاط الطائرة الروسية في سيناء، ومقتل الشاب الإيطالي ريجيني في مصر والاشتباه في أن وفاته حدثت نتيجة تعذيبه على يد الأمن- ما أدى إلى تراجع إيرادات السياحة لتصل إلى نحو 7.370 مليارات دولار في العام المالي الماضي (2015/2016)، وهو مستوى يقترب من معدلاتها قبل 10 سنوات.
وتظهر بيانات البنك المركزي أن إيرادات السياحة سجلت في عام 2013 -2014 بنحو 5.1 مليارات ثم ارتفعت الإيرادات في 2014-2015 إلى 7.37 مليارات دولار لكنها تناقصت حتى بلغت 2.091 ملياراً العام في يوليو/تموز، سبتمبر/ أيلول 2015/2016.
هل يتم منع الحج والعمرة؟
يؤكد "باسل السيسي" رئيس لجنة السياحة الدينية في غرفة الشركات السياحية، أن إنفاق المصريين على العمرة والحج يصل سنوياً إلى مليار دولار.
وقالت المستشارة الاقتصادية لوزير السياحة المصري عادلة رجب لوكالة "رويترز" في 25 أبريل/ نيسان 2016، إن إيرادات السياحة في مصر بلغت 500 مليون دولار فقط في الربع الأول من 2016 بينما كانت 1.5 مليار دولار قبل عام وهو ما يظهر معاناة البلاد في ظل تراجع قطاع رئيسي يدر نقداً أجنبياً.
ويؤكد عادل زكي، نائب رئيس الاتحاد المصري للغرف السياحية سابقاً، أن نحو 80% من مدفوعات السياحة الخارجية للمصريين تذهب إلى رحلات العمرة والحج، مشيراً إلى أنه "عندما كانت إيرادات السياحة الأجنبية كبيرة لم نكن نشعر بأزمة في الإنفاق على رحلات العمرة والحج، لكن الآن أصبح هذا الإنفاق يمثل عبئاً على موارد الدولة الدولارية".
وتتزايد أعداد المعتمرين بشكل سنوي، ما جعل البعض يدعو لوضع قيود عليها لما تشكله من نزيف للعملة الأجنبية، كما يقول باسل السيسي، متوقعاً زيادة العدد خلال العام الجاري ليصل إلى 1.2 مليون معتمر وحاج بزيادة 20% عن العام الماضي.
وقال وزير السياحة المصري يحيى راشد، في مقابلة مع فضائية "سي بي سي" مطلع شهر مايو/أيار 2016، أن أعداد المعتمرين والحجاج خلال العام الجاري ستزيد إلى نحو 1.4 مليون شخص، معتبراً أن "هذه ثقافة يجب مواجهتها"، حسب قوله.