انتهت قبل نحو أسبوع فعاليات مؤتمر منتدى الشرق في مدينة إسطنبول التركية، الذي شاركت فيه ضمن مسابقة تقديم مشروع إعلامي متميز، وقد نلت فيها مع فريقي المرتبة الثانية.
حقيقة فكرة المنتدى والمشاركة فيه مثيرة للاهتمام؛ حيث جمع المؤتمر أطيافاً مختلفة من شباب شعوب منطقة الشرق الأوسط، واستطاع أولئك الشباب مد جسور متينة للتواصل ومشاركة الأفكار وتبادل الثقافات.
وحسب تجربتي لم يكن مستغرباً ذلك التواصل العميق الذي حدث بين المشاركين في مؤتمر منتدى الشرق 2016، لكن الحدود التي رسمت بين بلدان الشرق الأوسط، وبشكل خاص الدول العربية، قطعت إلى حد كبير سبل التشارك والاتصال؛ لتتمكن ثورة الإنترنت بعد عقود من إعادة التواصل والتشارك، كما تمكن منتدى الشرق هذا العام وعبر فعالياته في إسطنبول من جمع شباب من ثقافات مختلفة خرجوا بأفكار إبداعية خلاقة قد تفيد المنطقة على المدى القريب.
واختيار مدينة إسطنبول مكاناً لانعقاد مؤتمر منتدى الشرق 2016 اختيار ذكي وصائب، فمدينة إسطنبول التي كانت في القرون الماضية عاصمة للدولة العثمانية تتميز بموقع جغرافي استراتيجي، إضافة لسبب هام يجب عدم إغفاله، هو أن الدخول لتركيا لا يحتاج من مواطني الدول العربية والشرقية الحصول على تأشيرة دخول، على عكس تلك الدول التي تفرض أنظمتها تأشيرة دخول بشروط صارمة وصعبة!، كما أن المشاركين في المؤتمر تمكنوا من التمتع بزيارة المناطق السياحية والخلابة التي تشتهر إسطنبول بها.
وأقام مؤتمر منتدى الشرق ضمن فعالياته مسابقات تطلب من المشاركين فيها تقديم مشاريع متميزة في كل من حقل الإعلام والعلوم السياسية والاقتصاد، والمسابقة التي شاركت فيها سميت بالـ"HACKATHON"، توجب علينا كمشاركين من بيئات وثقافات مختلفة أن نشكل فرقاً ويخرج كل فريق بمشروع هادف خلال مدة يومين فقط، وكما هي النتيجة المتوقعة، انتهت المسابقة بجعبة من المشاريع المتميزة والقابلة للتنفيذ بإمكانيات قليلة ومتواضعة.
مشاركتي في المنتدى رغم تواضعها فإنها أكدت لي حقيقة مفادها أن مجتمعاتنا الشرقية تزخر بالشباب المفكر والمبدع، الذي يملك طاقات كامنة وعظيمة، لكن مشكلتنا في البيئة التي يحتاجها الشباب للانطلاق والإبداع، فالظروف السياسية والاجتماعية والاقتصادية في المنطقة تشكل عائقاً أمام الإبداع؛ حيث يصطدم الشباب مع أحلامهم الكبيرة بمزيج من السلبية في المجتمع الذي لا يدعم النجاح، وواقع صعب يجعل أحلامهم تتضاءل ويحتم عليهم الانشغال بالبحث عن لقمة العيش والاستقرار وتضيع تلك الأحلام في مهب الرياح.
حتى ثورات الربيع العربي جاءت نتائجها مخيبة للآمال، بعد أن بنى عليها معظم شباب المنطقة أحلاماً، وظنوا أن نتائجها ستكون مبشرة وستساعدهم على تحقيق أنفسهم وطموحاتهم، لكن بنظرة على واقع دول الربيع العربي اليوم نجد أن تونس تتخبط بحثاً عن الاستقرار، ومصر التي يحكمها العسكر تغرق في وحل الفشل السياسي والاقتصادي، في حين أن سوريا تصارع وتموت في حرب ليست حربها ومثلها اليمن وليبيا.
ويبقى دورنا كشباب أن نصنع فرصنا بأنفسنا ونبادر ونجمع حولنا زملاء وطاقات لم تتلوث بعد بسلبية الواقع، لتحقيق ولو جزء بسيط من أحلامنا وطموحاتنا، فالتحدي الحقيقي هو تحدي أنفسنا وواقعنا ومجتمعاتنا، فعلى الرغم من الوضع الذي تشهده المنطقة وما يرافقه من صعوبات اقتصادية واجتماعية، يجب أن لا نتقاعس عن تحقيق ذواتنا وطموحاتنا فنعلق فشلنا على الظروف السيئة، بل يجب أن نفتح أبواباً للنجاح والإبداع، ولنتذكر دوماً أن جل الناجحين والمبدعين، وفي مقدمتهم أنبياء الله ورسله، لم يخرجوا من بيئة أرستقراطية مخملية، بل خرجوا من مجتمعات مدقعة بالفقر تعاني أزمات اجتماعية وسياسية واقتصادية جمة.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.