مفهوم المتابعة والتقييم في العمل الإنساني

المتابعة تحاول أن تجد أجوبة عن الأسئلة: "هل نحن نحرز تقدماً؟ ما الذي تحقق؟ وماذا نتعلم؟ التقييم من ناحية أخرى يسأل: "هل وضعنا الأمور في نصابها الصحيح؟ كيف يمكن أن يتم ذلك بشكل أفضل؟ وماذا كان التغيير الشامل؟".

عربي بوست
تم النشر: 2016/05/12 الساعة 02:40 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/05/12 الساعة 02:40 بتوقيت غرينتش

يقول برنارد شو: "الشخص الوَحيد الذي أعرف أنَّه يَتصرّف بعَقلٍ هو الخَيّاط، فهَو يَأخذ مَقاساتي مِن جَديد في كُلِّ مَرَّة يَراني!".

من المؤكد أن التقييم عملية على قدر عالٍ من الأهمية، وليس هناك مجال للشك في أن الأفراد في المواقع الإدارية هم الأكثر إدراكاً لأهمية المتابعة والتقييم في نجاح أي منظومة. ولطالما ارتبطت عملية التقييم بعملية المتابعة لما توفره عملية المتابعة من بيانات ومعلومات.

وقد ازدادت أهمية المتابعة والتقييم بعد أن أصبح مهنة في الثلث الأخير من القرن العشرين.

ما هي المتابعة؟

• المتابعة عملية منظمة للتحقق إذا ما كان برنامج معين أو نشاط ما يسير حسب الأهداف المرسومة، وفي حدود الميزانية المخصصة له وبالتزامن مع الجدول الزمنى المخطط له.

• المتابعة هي التجميع المنتظم لبيانات خاصة بمؤشرات مختارة للتدليل على مدى التقدم وتحقيق النتائج واستخدام الأموال المخصصة.

• المتابعة هي عملية ممنهجة مستمرة تجري في جميع مراحل المشروع.
وهي تؤكد على التعلم بالممارسة واستخدام الأدلة لاتخاذ قرارات صائبة.

• المتابعة هي عملية المقارنة بين ما تم إنجازه وما هو مخطط لإنجازه، وهذا يعني الذهاب أبعد من مجرد تتبع الأنشطة والموارد، ولكن جمع البيانات والمعلومات لتتبع التقدم المحرز والتغييرات.

• في المتابعة نحن نطرح السؤال: "هل نحن نحرز تقدما؟"

• تحتاج عمليات المتابعة إلى التنسيق بين جميع القطاعات في البرنامج وهي وثيقة الصلة بالمنظمة ككل.

ومن المهم أيضا أن نتذكر أن المتابعة تشمل جميع الموظفين في البرنامج بما في ذلك رصد وتقييم الموظفين والعاملين في البرنامج، وعموما، المتابعة تشتمل على كل ما نقوم به.

ما هو التقييم؟
• التقييم بشكله البسيط موجود منذ آلاف السنين، فالعملية التي يتم من خلالها اختيار أي منتج أو خدمة ما على حساب منتج أو خدمة أخرى تعتبر عملية تقييم مبسطة.
• التقييم بشكله الحالي بدأ في الظهور بعد الحرب العالمية الثانية، أما التقييم كمهنة فقد بدأ بالظهور في الثلث الأخير من القرن العشرين.
• يعرف التقييم من ناحية أخرى بنظام منهجي وموضوعي مستمر للبرنامج سواء كان البرنامج مستمراً أو منتهياً وهو يرتبط بالبرنامج والسياسات ويقيم تصميمها وتنفيذها ونتائجها، كما يهدف إلى تحديد مدى الملاءمة والكفاءة والفاعلية والاستدامة والتأثير.
• يمكن أن تتم التقييمات في نقاط مختلفة من عمر البرنامج، تسهم التقييمات في التعلم التنظيمي والتحسين المستمر للمناهج والاستراتيجيات، وهي ضرورية لتشكيل التعلم وإجراء تعديلات على المشاريع والبرامج المستقبلية، التقييمات تتجاوز مجرد ذكر التقدم في النتائج، لكنها تخوض أيضاً في الطريقة التي يتم بها تنفيذ البرنامج والفاعلية في طريقة استخدام الموارد.
• التقييم يطرح العديد من التساؤلات حول إذا ما كنا فعلنا الشيء الصحيح؟ وكيف يمكن أن يتم ذلك بشكل أفضل؟ وما التغير الذي حدث؟

الفرق بين المتابعة والتقييم

كما يُلاحظ هناك العديد من الاختلافات بين المتابعة والتقييم، هذه الاختلافات هي الأساس لتحديد الإجراءات الرئيسية، والغرض العام، والتركيز، وأنواع الأسئلة التي تهدف إلى الإجابة لكل منهما، دعنا نذهب من خلال كل مجال من المجالات، ونرى الاختلافات.

المتابعة مستمرة ومنتظمة في جميع مراحل المشروع أو دورة البرنامج. التقييم عادة ما يكون دورياً ويحدث على فترات محددة، مثل في منتصف المدة أو نهاية المشروع أو البرنامج.
العمل الرئيسي في المتابعة جمع البيانات الروتينية وتحليل هذه البيانات واستخدام هذه المعلومات لاتخاذ قرارات صائبة، في التقييم التحليل يتجه أكثر إلى الإلمام بالعمق.
الهدف العام من المتابعة والمراقبة هو إظهار النتائج والتعلم، وهذا يؤثر على عملية صنع القرار أثناء التنفيذ، من ناحية أخرى، يدرس التقييم ما تم إنجازه بشكل عام وكيف تم تحقيقه.
من حيث التركيز، المتابعة تركز على المدخلات والأنشطة والمخرجات والنتائج والمخاطر والبيئة، بينما يركز التقييم على الفاعلية الشاملة (بما في ذلك النتائج)، والكفاءة، والوصول والأثر والاستدامة.
المتابعة تحاول أن تجد أجوبة عن الأسئلة: "هل نحن نحرز تقدماً؟ ما الذي تحقق؟ وماذا نتعلم؟ التقييم من ناحية أخرى يسأل: "هل وضعنا الأمور في نصابها الصحيح؟ كيف يمكن أن يتم ذلك بشكل أفضل؟ وماذا كان التغيير الشامل؟".
لو سألنا من هو المسؤول عموماً في عملية المتابعة والتقييم سنجد أن المتابعة تتم من قبل مديري المشاريع، وموظفي التقييم والمتابعة والموظفين الميدانيين والشركاء وقد تمتد لتشمل حتى المجتمع، إلا أن التقييم من ناحية أخرى في الغالب لا يتم عن طريق القائمين على تنفيذ البرنامج، ولكن بدلاً من ذلك تتم الاستعانة بمقيمين خارجيين أو الجهات المانحة، والآن بعد أن استعرضنا بإيجاز الفرق بين المتابعة والتقييم والاختلافات بينهما، دعونا نستكشف عملية المتابعة بشيء من التفاصيل عن طريق طرح هذا الأسئلة:

لماذا نحن نراقب؟ نحن نراقب لثلاثة أسباب رئيسية: المساءلة، والتعلم، واتخاذ القرارات. دعنا نستكشف كل واحد على حدة.

• السبب الأول للتقييم هو المساءلة، هناك المساءلة التصاعدية upward accountability والمساءلة الهبوطية .downward accountability المساءلة التصاعدية للمانحين أو مجلس الإدارة، المساءلة الهبوطية للمجتمعات المستهدفة والمنظمات الأخرى الشركاء، وهذا يعني أن البيانات التي يتم جمعها من خلال المتابعة وتنشر صعوداً إلى الجهات المانحة أو مجلس الإدارة ونزولاً إلى المجتمعات المحلية والمنظمات والشركاء.
• السبب الثاني للمتابعة هو التعلم، المتابعة من أجل التعلم تساعدنا على التعرف على التغييرات، إن وُجدت، وتحديد نقاط القوة والضعف في مداخلاتنا والتعلم منها من أجل إجراء تعديلات وتحسين برامجنا على أساس المعلومات التي يتم جمعها.
• السبب الثالث هو نتيجة للسبب الثاني، فبناء على المعلومات التي يتم رصدها بانتظام يتم اتخاذ القرار، المهم هو أن نتذكر أن الجميع داخل المنظمة جزء من هذه العملية، ويجب دمجه في الثقافة التنظيمية.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد