من اغتيال “مبروك” و”الدكش” وحتى تصفية قوّة حلوان.. هل الداخلية المصرية مخترقة؟

عربي بوست
تم النشر: 2016/05/11 الساعة 10:44 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/05/11 الساعة 10:44 بتوقيت غرينتش

شهدت مصر خلال الفترة الأخيرة عدداً من العمليات "الإرهابية"، التي أودت بحياة ضباط وأفراد من الشرطة، الأمر الذي أثار الريبة لدى البعض، لا سيما مع تزايد تلك الحالات، من أن هذه الحوادث قد تبدو مدبرة.

وجاءت "العملية الإرهابية" التي وقعت في منطقة حلوان الاثنين 9 مايو/ أيار 2016 لتدقَّ ناقوس خطر، بأن أجهزة وزارة الداخلية ربما تكون مخترَقة.

"الداخلية" تنفي وتوقّعات بحظر نشرٍ قريب


ورغم نفي وزارة الداخلية للأخبار التي تحدثت عن تورط عناصر من الشرطة في عملية مقتل 9 من ضباط وأمناء في منطقة حلوان، إلا أن مصادر أمنية أوضحت أن هناك بالفعل تحقيقات داخلية تتم حول تورّط عناصر من الأمن في تسريب معلومات تحرك القوة الأمنية التي تم استهدافها، وأنه في حال التأكّد من ذلك سيتم إصدار قرارٍ بحظر النشر في القضية، على عادة الأوضاع في مصر مع القضايا المثيرة للجدل.

وأشارت المصادر في تصريحات خاصة لـ"عربي بوست"، أن عدداً من الأجهزة السيادية التي تشرف على تلك التحقيقات، ترفض خروج أي معلومات عن نتائجها حتى لا تثير البلبلة داخل الجهاز، وهو الأمر الذي دفع الوزارة لنفي ما جاء في أحد التقارير الصحفية بعنوان "تورّط 5 ضباط شرطة فى عملية حلوان الإرهابية"، والحديث عن أن الضباط الـ 5 سبق أن رفضوا فضَّ اعتصام رابعة العدوية عام 2013، وقاموا خلال عملية الفض بسحب الذخيرة من الجنود، وصدر بعدها قرارٌ من الداخلية باستبعادهم من العمليات الخاصة.

عام ونصف من "الخيانة"


وخلال عام ونصف مضت، كشفت التحقيقات عن تورّط عناصر أمنية في عددٍ من الحوادث الإرهابية والجنائية الكبرى، كان من أبرزها ما تم نشره من نتائج تحقيقات عملية اغتيال المقدم محمد مبروك، الضابط بجهاز الأمن الوطني ومسؤول ملف الإخhttp://www.ahram.org.eg/NewsQ/243262.aspxوان بالجهاز، وهو الشاهد الرئيسي فى قضية التخابر المُتهم فيها الرئيس الأسبق محمد مرسي، والذي تمّ اغتياله أمام منزله في نوفمبر/ تشرين الثاني عام 2013 على أيدي مجموعة من الملثمين فتحوا عليه النار. واتهمت النيابة رسمياً عناصر من وزارة الداخلية في الإفصاح عن بعض المعلومات التي أسهمت في اغتيال مبروك.

ولم تتوقف حوادث تورّط العناصر الأمنية عند العمليات الإرهابية، ولكنها امتدت إلى جرائم جنائية، وتمثّل قضية التعاون بين ضباط شرطة وعصابة "الدكش" المتخصصة في الاتجار بالمخدرات، الحدث الجلل الذي لم تصمت أمامه الوزارة.

وكشفت مصادر أمنية مطّلعة أن تحقيقات الأجهزة المعنية بالداخلية والنيابة توصلت حتى الآن إلى تورط 27 ضابط شرطة بينهم قيادات برتبة "لواء"، في التواصل مع العصابات الخطرة في مثلث المخدرات بالقليوبية، ومنها عصابة "الدكش وكوريا" لإمداد هذه العصابات، المتورطة في قتل أفراد وضباط الشرطة في الخانكة، ومقتل رئيس مباحث شبرا، بمعلومات سرية ومواعيد تحرّكات القوات لمداهمة أوكارها.

وأوضحت المصادر – وفقاً لتقارير إعلامية – أن دائرة الاشتباه اتّسعت لتشمل ضباطاً وقيادات أمنية سابقة بالقليوبية، كانوا يتلقون رواتب شهرية من العصابات نظير إمدادهم بالمعلومات، ولفتت المصادر إلى أن التحريات ستطال جميع الضباط الذين وردت أسماؤهم فى التحقيقات، فيما تفحص الداخلية ملفات عددٍ كبير من ضباط القليوبية والأمن العام، لمعرفة مدى تورّطهم فى التواصل مع العصابات الإجرامية.

منظومة فساد متشابكة عبر 30 عاماً


وتعليقًا على تلك الوقائع، قال الخبير الأمني العميد محمود قطري، إن الفساد في "الداخلية" بالغ الخطورة، وهناك منظومة فساد متشابكة تكوّنت عبر 30 عاماً، وهذا الفساد لم يبدأ مع حبيب العادلي وزير الداخلية الأسبق، لكن الأمر بدأ في عهد حسن الألفي وزير الداخلية الأسبق، الذي أتى ببعض رجاله، وأنشأ لهم إدارة عامة لتنفيذ الأحكام ووفّر لها كل الإمكانيات والأموال التي تحتاجها لكنها لم تفعل أي شيء.

وذكر قطري في تصريحات إلى "عربي بوست" أن أفكار الخصخصة والثراء التي بدأت في عهد السادات مسّت وزارة الداخلية فبدأ الجميع في البحث عن الثروة، وقامت الوزارة بطلب الحصول على مبلغ سنوي من الوزارات المختلفة مقابل ما تقدّمه من خدمات، وبموجب هذا "الاختراع" تقوم وزارات التربية والتعليم والزراعة والصحة وغيرها بدفع ما يسمى بـ "مقابل خدمات أمنية لوزارة الداخلية" ، الأمر الذي ترتّب عليه حصول مدير الأمن على مبلغٍ مالي قد يصل إلى مليوني جنيه في السنة.

وكشف الخبير الأمني عن وجود علاقات وثيقة بين قيادات في الداخلية وكبار تجار المخدرات والسلاح لجمع الأموال والثروات، قائلاً: "إن بعض القيادات في وزارة الداخلية لا يمكن الاعتماد عليهم في تصويب الأخطاء، لأن وجودهم كرّس عقيدةً لدى بعض الضباط، هي البحث عن الأموال والثروة، وهو ما رأيناه في واقعة اغتيال رئيس مباحث شبرا".

وأشار إلى عدم وجود محاسبة للضابط "المرتشي"، مرجعاً السبب في ذلك إلى أن العلاقة بين ضباط الشرطة مُتشابكه "وفيها الكثير من التعقيدات والمصالح وربما النسب أو القرابة أحياناً، ما يحول دون تطبيق القانون على المخالف منهم".

تشريعات جديدة وهيكلة للرقابة الداخلية


وعن موقف مجلس النواب من تلك الشبهات، قال اللواء حمدي بخيت عضو لجنة الأمن القومي بمجلس النواب: "لدينا رؤية داخل اللجنة لمراجعة كل التشريعات المتعلّقة بمعاقبة من يثبت تورّطهم من جهاز الشرطة في عملية اختراق من جهات مشبوهة سواء جنائية، أو إرهابية. ونسعى لتغليظ العقوبات لتتم معاملتهم مثل معاملة الجواسيس، لما يمثله هذا الأمر من خطورة ليس على أفراد الشرطة فقط، ولكن على الأمن القومي المصري".

بخيت أكد في تصريحات خاصة لـ"عربي بوست"، أنه من المنتظر في الوقت القريب أن يصل إلى المجلس قانون الشرطة الجديد، وبالتأكيد سيكون لأعضاء لجنة الأمن القومي بشكلٍ خاص، ونوّاب المجلس بشكل عام رؤية واضحة في معالجة أزمة اختراق الداخلية، وضرورة محاسبة هؤلاء الذين أصبحوا منصة للخيانة داخل الجهاز، بحسب قوله.

وأشار بخيت إلى أن اللجنة تتابع خطة الوزارة في إعادة النظر بمنظومة المراقبة الداخلية، والتي لم تستطع تفكيك خلايا الاختراق داخل الجهاز، وهو ما تعمل عليه الوزارة الآن.

تقارير سريّة أمام الرئيس والضربة في يوليو القادم


فيما كشفت مصادر داخل أجهزة سيادية عن إعداد تقارير سرية عن أداء وزارة الداخلية وممارسات الضبّاط فى الفترة الأخيرة، من المنتظر أن يبتّ فيها الرئيس وكبار المسؤولين فى الدولة قريباً.

ونصحت التقارير بضرورة تغيير رؤوس أجهزة الوزارة خلال الفترة المقبلة، كاشفةً عن إعداد أكبر حركة تنقلّات فى تاريخ الوزارة من المتوقع أن تصدر بين يوليو/ تموز وأغسطس/ آب القادمين، ستشمل بحسب هذه المصادر إحالة 300 لواء وعميد للتقاعد، وتنقلات لـ3 آلاف ضابط.

ونوّهت المصادر إلى أن التقارير ستشمل نشاط الضباط خارج الوزارة، بعد إخضاعهم لرقابة الأجهزة الأمنية وجهاز الأمن الوطني، حيث تتابع الأجهزة الحسابات البنكية لعدد من الضباط والقيادات، وسيتم جمع معلومات عن مصادر هذه الأموال، مشيراً إلى أن جهاز الأمن الوطني بناءً على تعليمات الوزير، بدأ فى عملية تفكيك مراكز القوة داخل الوزارة، وإبعاد المتورّطين في أي عمليات مشبوهة تسيء إلى الوزارة.

تحميل المزيد