دخل الكاتب الصحفي المصري مكرم محمد أحمد دائرة الضوء كثيراً عبر عقود، آخرها في أحداث نقابة الصحفيين ليقدم ما يراه البعض مثالاً لنموذج النقابي الذي تريده السلطة في مصر. فهو مطيع، مهادن، مراوغ، وموالٍ.
هكذا تبدو صورة نقيب الصحفيين الأسبق، والصحفي الشهير وكاتب خطابات الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك في مجمل أعماله.
مكرم في الوقت الراهن أحد الداعمين بشدة للنظام المصري الحالي، والمعارض لكل ما يعارضه النظام.
هذا الأمر دفعه نحو قيادة ما يسمى بـ"جبهة تصحيح المسار"، لإجهاض قرارات اجتماع الجمعية العمومية لنقابة الصحفيين المصرية، الذي تم الأربعاء 4 مايو/أيار الجاري، هو ومجموعة من الصحفيين ورؤساء التحرير ودشنوا الحملة باجتماع في مقر جريدة الأهرام، حضره ما لا يزيد على 200 من الصحافيين.
ودعا في الاجتماع إلى سحب الثقة من مجلس النقابة الحالي بسبب موقف المجلس من واقعة اقتحام أجهزة الأمن لمقرّ النقابة لتنفيذ أمر ضبط وإحضار بحق صحفيين، هما عمرو بدر ومحمود السقا، بتهمة نشر شائعات حول التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير للسعودية.
وفور الإعلان عن موقف النقابة الرافض للاقتحام خرج مكرم أكثر من مرة في أحاديث للفضائيات المصرية يرفض موقف النقابة ويتهمها بإيواء "مجرمين" ويحمّل النقيب مسؤولية ما حدث من احتقان بين الصحفيين ووزارة الداخلية المصرية.
من هو مكرم محمد أحمد؟
مكرم محمد أحمد (81 عاماً) من مواليد محافظة المنوفية بدلتا مصر. حصل على ليسانس الآداب قسم الفلسفة جامعة القاهرة عام 1957، وبدأ عمله الصحفي محرراً بصحيفة الأخبار ثم مديراً لمكتب الأهرام بالعاصمة السورية دمشق، ثم مراسلاً عسكرياً باليمن في عام 1967 ورئيس قسم التحقيقات الصحفية بالأهرام. وتدرج حتى وصل لمنصب مساعد رئيس التحرير ثم اصبح مديراً لتحرير الأهرام.
وفي العام 1980 شغل مكرم منصب رئيس مجلس إدارة مؤسسة دار الهلال ورئيس تحرير مجلة المصور.
انتخب نقيباً للصحفيين عام 1989 واستمر لدورتين متتابعتين، حتى عام 1993.
ثم في عام 2007 خاض المعركة الانتخابية في منافسة رجائي الميرغني نائب رئيس تحرير وكالة أنباء الشرق الأوسط، وحصل فيها على 70% من أصوات الناخبين البالغ عددهم 3582 صحافياً مصرياً آنذاك، وظل نقيباً للصحافيين، حتى طرده من مبنى النقابة إبان ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011.
كاتب مبارك إلى أن استغنت عنه "لجنة السياسات"
كان أحمد معروفاً بتأييده للرئيس المصري الأسبق، حسني مبارك، وسياسته في جميع المجالات، وكان كاتباً لخطابات مبارك لأكثر من 15 عاماً، قبل أن تتشكل لجنة السياسات بالحزب الوطني وتطيح به خارج المشهد وتتولّى تنظيم أمر خطابات مبارك.
كما كان أحد كتاب مبارك، الذين روّجوا لفكرة "رفض مبارك لتوريث الحكم لنجله جمال"، فيما كانت أمانة سياسات الحزب الوطني "المنحل"، تخطط لسيناريو التوريث.
"حكيم" بلا نجاح
منذ فترة ورغم محاولات عدة للتخلص من هذا الإرث الذي حمله مكرم على كتفيه، حاول لعب دور "حكيم المهنة وشيخ الصحافة"، ولكن محاولاته باءت بالفشل، أمام تاريخه الموالي لنظام مبارك الدائم، وتأكيد الرئيس الأسبق محمد مرسي، في واحد من خطاباته، على كونه "أحد فلول مبارك"، بقوله: "مكرم محمد أحمد يقول أنه من الثوار فكيف وهو الذي قامت عليه نقابة الصحفيين بأعضائها وجعلته يترك منصب نقيب الصحفيين".
حتى بعد الثورة عندما توجّه لنقابة الصحفيين المصرية، لتقديم واجب العزاء لزوجة الصحفي بالأهرام أحمد محمود، وأخبرها بأن النقابة ستصرف لها معاشاً استثنائياً، تفجّر غضب الصحفيين، وهتفوا "برة.. برة"، وخرج مطروداً من النقابة.
تاريخ من المقالات والكتب
شارك الكاتب الصحفي في الحياة السياسية بمقالاته وكتاباته حيث كان أول من يدخل سيناء بتصريح من الأمم المتحدة قبل جلاء القوات الإسرائيلية بشهرين، وساهــم في أول مراجعــة لأفـكار الجمـاعة الإسـلامية عنـدما التقى بقياداتهــم لأكـثر من أربـعة أسابيع في سجــن العقرب مما تسبب في تعرّضه لمحاولة اغتيال على يد المتطرفين عام 1987م، كما كان أيضاً عضوا في مجلس الشورى المصري لأكثر من أربع دورات متتالية.
تبلورت أفكار نقيب الصحفيين السابق في مجموعة من الكتب والمؤلفات، ومن أبرز إصداراته "الثورة في جنوب الجزيرة"، و"أحاديث مع الإسرائيليين"، و"حوار مع الرئيس"، و"حوار أم مواجهه.. مراجعات الجماعات الإسلامية"، بالإضافة إلى "القدرة النووية المصرية- التحديات وأسباب الإخفاق".
جوائز وتكريم
نال مكرم محمد أحمد عدداً من الجوائز والتكريمات خلال مشواره الصحفي حيث حصل على جائزة مصطفى أمين والجائزة الكبرى لنقابة الصحفيين المصريين، كما حصل على جائزة الصحافة العربية من نادي دبي بدولة الإمارات العربية المتحدة، وكرّمته جامعة القاهرة وعين شمس والإسكندرية، ما يجعل الكثير من الصحفيين يعدّونه أحد شيوخ المهنة ويتساءلون ما الذي يضطره الآن للعب هذا الدور في شقّ صف الصحفيين في أزمة النقابة.