عاد سد مأرب التاريخي شرقي اليمن إلى الواجهة من جديد، بفعل الأمطار والسيول التي تدفقت إلى حوض السد، بعد أكثر من 1000 عام من انهياره الأول.
وسمي السد نسبة إلى محافظة "مأرب" شرقي اليمن التي يقع فيها، والتي كانت العاصمة الثانية لمملكة "سبأ" المذكورة في القرآن الكريم، والتي حكمت في اليمن منذ القرن العاشر قبل الميلاد، وحتى نهايات القرن الثالث بعد الميلاد.
بناء السد القديم
شيد السد في القرن الأول قبل الميلاد، في مجرى وادي "ذنة"، وتم تطويره وتوسيعه أكثر من مرة حتى القرن الخامس قبل الميلاد، ويبلغ ارتفاعه 18 متراً، وطوله بين الصدفين نحو
(700) متر، وكان يروي نحو (10.000) هكتار من أراضي "أرض الجنتين"، كما وصفها القرآن الكريم، وهناك وديان تصب في (وادي ذنة) يصل عددها إلى سبعين وادياً تقريباً، قادمة من جبال صنعاء وذمار والبيضاء.
وظل السد صامداً لمئات السنين قبل أن يتعرض لسيل العرم المذكور في القرآن، وتوقف ترميم السد في القرن السادس الميلادي، بعد سيطرة الفرس على اليمن.
الإمارات تعيد السد من جديد
في ثمانينيات القرن الماضي، تولت دولة الإمارات الإشراف على مشروع إعادة بناء سد مأرب الجديد، وفي الثاني عشر من يوليو عام 1984م وقعت في صنعاء اتفاقية بين اليمن وشركة (دوغوش التركية) لبناء وتنفيذ مشروع السد الجديد في مأرب، والذي تصل كلفته الإجمالية إلى حوالي 90 مليون دولار أميركي على نفقة الشيخ الراحل زايد بن سلطان آل نهيان، وأشرف على تنفيذ مشروع سد مأرب الجديد صندوق أبو ظبي للإنماء الاقتصادي العربي، وفي يوم الأحد 21 ديسمبر/كانون الاول 1986م تم افتتاح السد الجديد.
تبلغ مساحة حوض السد الجديد 30.5 كيلو متر مربع، وسعته التخزينية حوالى 400 مليون متر مكعب، فيما تعمل بوابة التصريف بطاقة 35 متراً مكعباً في الثانية حيث يروي السد حوالي 16.570 هكتاراً.
سيطرة الحوثيين على السد
بعد معارك عنيفة بين المقاومة الشعبية والحوثيين، استطاع الحوثيون السيطرة على موقع السد في مايو/أيار 2015، ولأهمية موقع السد ودلالته الرمزية لدى دولة الإمارات العربية، وضعته قوات الإمارات نصب أعينها بعد دخولها مأرب مع قوات التحالف لمساندة الجيش الوطني في القتال ضد الحوثيين.
وظهر محمد بن زايد ولي عهد أبوظبي في فيديو أثناء زيارته لأسرة أحد شهداء الإمارات، وهو يعد برفع علم بلاده على سد مأرب، بجوار صورة والده التي لا تزال بجوار السد، قبل أن يتمكن الجيش الوطني من تحرير السد أواخر سبتمبر/أيلول من العام نفسه.
الأمطار تعيد السد إلى الواجهة:
وخلال الأسابيع الماضية تدفقت سيول كثيرة نحو سد مأرب، أدت لامتلاء الحوض، بعد أن أفرغه الحوثيون، وعاد للواجهة السياحية في مأرب.
وأصبح السد مزاراً لليمنيين الذين نزحوا إلى مأرب هرباً من جحيم الحوثيين الذين يسيطرون على عاصمة البلاد ومدن رئيسية أخرى.
كما بدأت السلطات المحلية في مأرب بتصريف مياه السد وتوزيعها على المناطق الزراعية في مديرية الوادي، ليستخدمها المزارعون في ري المزارع، وخصوصاً مزارع البرتقال التي تشتهر بها المنطقة.