أثارت تصريحات وردت ضمن الفقرات المتعلقة بقضية العبودية ومخلفاتها في خطاب الرئيس الموريتاني محمد ولد العزيز بمدينة النعمة ـ شرق البلد ـ غضب واستياء الأرقاء السابقين، معتبرين أنها شكلت إساءة بحق "شريحة لحراطين"، مطالبين الرئيس بالاعتذار علنا عن ما ورد في خطابه المطول.
واعتبر الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز في خطابه أن مشكل العبودية في البلد يرجع إلى تصرفات فردية غير مسؤولة تتعلق بمعدل الإنجاب المرتفع عند بعض الأفراد، خصوصًا من شريحة "لحراطين" التي عانت العبودية في السابق، واصفا التصرف بأنه يزيد من مستوى الفقر في البلد، وأن أصحابه يعرضون الأطفال لقدر كبير من التهميش والفقر.
ولحراطين هم الأحرار السود البشرة وأصلها في موريتانيا "أحرار طارئين"، أي الذين حصلوا على حريتهم حديثاً.
مطالب بالاعتذار العلني
القيادي بالميثاق الوطني من أجل الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية لشريحة "لحراطين" محمد ولد محمد أمبارك طالب الرئيس الموريتاني بالاعتذار العلني عن الإساءة لمجموعة مهمة، ومكون أساسي من مكونات المجتمع، معتبرا خطابه بشكل عام اتسم بعدم الاحترام، والخروج عن المألوف حتى وصل للكلام على "النسل".
وقال ولد محمد أمبارك في تصريح لـ"عربي بوست" إن ما ذهب إليه الرئيس محمد ولد عبد العزيز في خطابه يثير النعرات، والفتن، مشددا على إدانة ميثاق لحراطين لما ورد فيه من تصريحات لا تخدم الوحدة الوطنية، والانسجام العام، والسعي نحو حل مشكل العبودية الذي اعترف به.
واعتبر ولد محمد أمبارك أن الرئيس الموريتاني عمد إلى التهكم والسخرية من شريحة "لحراطين"، وهو موقف لا يليق برئيس دولة، و"لا يجب أبدا لأي رئيس مهما كان أن يصل خطابه لهده الدرجة الكبيرة من الهبوط"، على حد وصفه.
وأكد القيادي بالميثاق الوطني من أجل الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية لشريحة "لحراطين" أنه كان ينبغي للرئيس الحديث بأمل وبروح تداوي الجراح ولا تنكأها، ولا تذكر بواقع مؤلم تعرض له الأرقاء السابقون".
وخلص ولد محمد أمبارك إلى القول بأن الميثاق عاكف على دراسة خطوات تصعيدية مقبلة، بدأها ببيان تنديد، ووقفة احتجاجية، معربا عن أمله بتصحيح الموضوع من الرئيس في أقرب وقت".
شجب واستنكار
وعبر الميثاق من أجل الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية لشريحة "لحراطين" عن شجبه واستنكاره الشديدين لتصريحات الرئيس، معتبرا أنها كانت قمة في الإهانة، والتطاول على "لحراطين"، من جهة وعلى وحدة وانسجام الشعب الموريتاني من جهة أخرى.
وطالب الميثاق في بيان رسمي الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز بالاعتذار علنا، ليس فقط لضحايا العبودية في ولاية الحوض الشرقي ـ التي ألقى بها الخطاب ـ وعموم الحراطين فحسب، بل لكافة الشعب الموريتاني عن تصريحاته المتسمة بعدم اللياقة و بالخروج عن السياق الأخلاقي و الشرعي، والتي "تمثل تدخلا سافرا في خصوصيات الأفراد وحرمة أعراضهم وأسرهم"، على حد وصف البيان.
تمسك بنهج القضاء على الرق
ميثاق شريحة "لحراطين" أكد تمسكه بنهجه الوطني الجامع من أجل القضاء على كافة أشكال التمييز، والغبن، و التهميش، وعلى رأسها تلك الناتجة عن العبودية ومخلفاتها، مع تأكيد رفضه القاطع لكافة أشكال التفرقة، و زرع الفتن، والأحقاد بين أبناء الشعب الموريتاني الواحد حتى ينعم الجميع بحقوقه كاملة غير منقوصة في دولة حديثة، يعمها العدل والمساواة".
ودعا الميثاق المواطنين الموريتانيين كافة من أجل مضاعفة اليقظة و تعزيز أساليب النضال ضد الظلم، والقمع، وكافة أشكال التهميش والغبن".
مظاهرة غاضبة
تظاهر عدد من أنصار الميثاق من أجل الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية لشريحة "لحراطين" الجمعة بالعاصمة نواكشوط، معبرين عن غضبهم من تصريحات الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز، ومطالبين باعتذار علني عن تعرضت له الشريحة من احتقار وإهانة في خطابه الأخير.
وقمعت القوات من الشرطة المتظاهرين قرب السوق المركزي بنواكشوط ، وهم يرفعون شعارات منددة بتصريحات الرئيس حول "لحراطين"، والتأكيد الذى ذهب إليه وزير الثقافة محمد الأمين ولد الشيخ.
واستخدمت الشرطة الهراوات والقنابل المسيلة للدموع بكثافة، وسط شعارات تطالب الرئيس بالاعتذار.