قاد فاليري جيرجيف، أحد مؤيدي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أوركسترا مارينسكي من مدينة سان بطرسبرغ، في المسرح الروماني في تدمُر.
وكان تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) قد نشر مقاطع مصورة في يوليو/تموز الماضي تُظهر مقاتليه أثناء تنفيذ عمليات إعدام في المسرح القديم، قبل أن يستعيد النظام السوري، بدعم من الطيران الروسي، السيطرة على الموقع التاريخي.
وقاد جيرجيف الأوركسترا بعزف مقطوعات لباخ وبروكوفييف وشيدرين، أمام الحضور من الجنود الروس ووزراء الحكومة والصحفيين.
وعُرضت صور من الحفل على التلفزيون المحلي الروسي، وتداخلت مع العرض لقطات للطيران الروسي وهو يُؤمن القوات الحكومية السورية أثناء استيلائها على تدمُر.
وكان جيرجيف حتى وقت قريب المايسترو الرئيسي لأوركسترا لندن والمخرج الموسيقي لأوركسترا ميونخ لمحبي الموسيقى.
وفي عام 2014، دعم بوتين لضم شبه جزيرة القرم من أوكرانيا، ثم في عام 2008 عزف في عاصمة جنوب أوسيتيا عندما كانت روسيا وجورجيا تتقاتلان على الإقليم.
وصف المايسترو الحفل بأنه احتجاج على البربرية والعنف اللذين مارسهما مقاتلو الدولة الإسلامية الذين استخدموا مدرجات المسرح الروماني في المدينة لإعدام المساجين.
وخاطب الرئيس الروسي الحضور عن طريق شاشة بموقع الحفل، حيث ألقى كلمته من مقر إقامته في منتجع سوشي المطل على البحر الأسود.
وسمّى بوتين الإرهاب بالمرض المُعدي الذي يجب على العالم التخلص منه، وأبدى انبهاره بالحفل. وقال بوتين: "إن إقامة حفل في بلد في حالة حرب والقتال مازال قائماً تتطلب شجاعة وقوة شخصية من الجميع".
بينما قال وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند: "إنها محاولة ماسخة لصرف الانتباه عن المعاناة المُستمرة لملايين السوريين. كما تُظهر أنه لا يوجد أي احتمال لسقوط النظام الحاكم".
تحليل: ستيف روسنبرج، وكالة بي بي سي، موسكو
إنها أكثر من مجرد موسيقى.
تُريد روسيا أن تُظهر للعالم أنها تقوم بدور إيجابي في سوريا بإقامتها للحفل على أنقاض تدمُر، إنها تحاول أن تثبت أنها تأتي بالسلام والاستقرار للبلد.
تأمل موسكو أن تكون صور الحفل الموسيقي في سوريا رسالة بأن روسيا قوة سلام.
سوف تعود تلك الرسالة الموسيقية إلى روسيا، حيث إن التلفزيون الروسي، ومنذ عدة أشهر، يُطمئن المشاهدين بأن عمليات الجيش الروسي في سوريا أفادت العالم باقتلاع جذور الإرهاب العالمي.
إلا أن المسؤولين الغربيين مازالوا قلقين من نوايا روسيا. وتلقت موسكو اتهامات أنها غير قادرة على كبح جماح قوات الحكومة السورية. بينما يُنكر الروس ذلك، ويتهمون أميركا بعدم استخدام تأثيرها على المعارضة السورية لوقف القتال.
أحد العازفين المنفردين في الحفل كان عازف التشيلو سيرغي رولدنغ، أحد أصدقاء بوتين، وهو واحد ممن تم ذكر اسمهم في أوراق بنما المُسربة كمالك لشركات عبر البحار.
وكانت الدولة الإسلامية قد دمرت عدداً من الآثار والمواقع التراثية العالمية التابعة لليونسكو أثناء الأشهر العشرة التي استولت فيها على تدمُر، حيث دمرت اثنين من المعابد التي يبلغ عمرها 2000 عام.
ليست هذه المرة الأولى التي يعزف فيها جيرجيف في مدينة دمرها القتال.
ففي عام 2008، قام بعزف أوركسترا مارينسكي على أنقاض تسخينفالي، المنطقة المنفصلة عن جورجيا بجنوب أوسيتيا، التي دُمرت خلال الحرب القصيرة بين جورجيا وروسيا في نفس السنة.
قام جيرجيف أيضاً بإحياء حفل خيري في طوكيو لصالح ضحايا مفاعل فوكوشيما عام 2012، وقاد جولة موسيقية خيرية من أجل جمع التبرعات لضحايا كارثة مدرسة بسلان الروسية عام 2004.
– هذا المقال مترجم عن موقع وكالة BBC الإخبارية البريطانية. للاطلاع على المادة الأصلية، يرجى الضغط هنا.