قبل يوم واحد من اجتماع حاشد للصحفيين المصريين، احتجاجاً على اقتحام مقر نقابتهم واعتقال زملائهم منها، أكد نقيب الصحفيين يحيى قلاش، أنه ومجلسه قرروا خوض المعركة ضد وزارة الداخلية لآخر نفس وبدون سقف لحين إقالة الوزير.
وفيما تزايد الحصار الأمني للمنطقة، تزايد أيضاً توافد الصحفيين خلال الساعات الأخيرة على مقر النقابة استعداداً للجمعية العمومية غداً التي قد تنتهي باعتصام عام، إضافة لاحتجاب للصحف أو تكليلها بالسواد، وذلك فيما شهدت الساعات الأخيرة تحركات محمومة، تضمنت اجتماعات للنقيب مع أطراف بالدولة في محاولة لتهدئة الأوضاع، وصدور بيان من النيابة العامة يهدد بتعريض النقيب ومجلس النقابة للمساءلة القانونية.
معركة تاريخية
وفي تصريحات لـ"عربي بوست"، قال يحيي قلاش نقيب الصحفيين، إن "مجلس النقابة يخوض معركة تاريخية للحفاظ على كرامة الصحافة والصحفيين، ومواجهة الحرب التي تخوضها الحكومة المصرية، وأداة القمع ممثلة في وزارة الداخلية ضد الصحافة والصحفيين ممثلة فى نقابتهم، ونحن نخوض تلك المعركة ليس دفاعاً عن حرية الصحافة فقط، ولكن دفاعاً عن الحريات لشعب مصر، فالصحافة ونقابتها هي قلعة الحريات في هذا الوطن.
وأكد كذلك أن "مجلس النقابة على كامل الاستعداد لخوض المعركة لأطول مدى، ودون سقف، وسوف نكون ملتزمين بما ستتخذه الجمعية العمومية من قرارات للرد على تلك الجريمة، بما يحفظ كرامة المهنة ويصون حرمة النقابة".
وأضاف: "نحن على ثقة تامة في وقوف أبناء المهنة صفاً واحداً في تلك المعركة، وشعارنا الوحيد غداً هو "عاشت حرية الصحافة.. عاشت وحدة الصحفيين"، مشدداً أن جميع تحركات مجلس النقابة تتم بتنسيقٍ مع قيادات العمل الصحفي في مصر.
وتابع: "من المنتظر أن يعقد مجلس النقابة اجتماعاً غداً في الثانية عشرة ظهراً مع جميع رؤساء تحرير الصحف، لتدارس كافة الخيارات المتاحة للتصعيد في معركة طويلة الأمد، والاعتصام هو خطوة واحدة، وسنصعد أيضاً بخطوات أخرى حتى تحقيق مطالبنا، وعلى رأسها إقالة وزير الداخلية، ولو تطلب الأمر المكوث لأشهر فنحن مستعدون لذلك".
ومن جانبه قال خالد البلشي عضو مجلس النقابة، إنه "لا يمكن لأحد أن يتصور نتائج الجمعية العمومية غداً، ولكن المؤكد أنه سيكون هناك دعم لمطالب مجلس النقابة التي أعلنها فور الاقتحام، وسيتم تدارس خطوات تصعيدية طويلة المدى، ومنها قرار احتجاب الصحف أو تسويد الصفحات، أو تخصيص صفحات ثابتة عن انتهاكات الداخلية.
وقال إن الخطوات التصعيدية لتطوير الاعتصام، قد تتضمن مسيرات إلى مكتب النائب العام، أو مقر وزارة الداخلية القديم.
تضامن النقابات
ومن جانبه، أعلن وفد النقابات المهنية والأحزاب السياسية الذي فشل في الوصول إلى مقر نقابة الصحفيين بسبب محاصرته أمنياً، أنهم يتضامنون مع الصحفيين في قضيتهم، وأنهم سيتخذون الخطوات التصعيدية بالتزامن مع الصحفيين.
وأكد الدكتور فريد زهران، رئيس حزب المصري الديمقراطي، وأحد أعضاء الوفد، أن ما حدث معنا جريمة للنظام، وما يتم من حصار للصحفيين ونقابتهم، سوف يكتب في التاريخ الأسود لهذه الفترة من تاريخ مصر.
أجواء ما قبل المعركة
وداخل النقابة، بدأت أعداد المعتصمين في التزايد، كما تم تنكيس الأعلام، ورفع رايات سوداء على المقر، فيما عقد مجلسها مؤتمراً صحفياً ظهر اليوم أعلن فيه عن تقديم بلاغ بواقعة الاقتحام ضد وزير الداخلية ومدير أمن القاهرة.
وقامت النقابة باتخاذ عدد من الخطوات لحشد أعضاء الجمعية العمومية غداً، منها إرسال رسائل إلى هواتفهم دعتهم إلى حضور الجمعية العمومية تحت عنوان "الصحافة مش جريمة"، كما أجرت اتصالات بكل رؤساء تحرير الصحف والمواقع، ودعتهم لاجتماع يسبق الجمعية العمومية، كما دعتهم لحشد أعضاء مؤسساتهم.
وعلمت "عربي بوست"، أن رؤساء تحرير عدد من الصحف الخاصة القريبة من النظام (ومنها اليوم السابع والبوابة والوطن) طالبوا صحفييهم من أعضاء النقابة بالتوجه غداً إلى مقر النقابة، وشددوا على أهمية عدم التغيب.
وأعلن كل من خالد صلاح، رئيس تحرير اليوم السابع، وعبد الرحيم على، رئيس مجلس إدارة جريدة وموقع البوابة نيوز، عن التزامهما المسبق بقرارات الجمعية العمومية المنتظرة غداً.
فيما تحدثت صحيفة اليوم السابع في عددها الصادر الأربعاء عما أسمته "خطة وزارة الداخلية لشق صف الجمعية العمومية لنقابة الصحفيين المقرر عقدها الأربعاء".
دمج اعتصام أسر صحفيي الإخوان
ومنعاً لأي محاولة لإفساد الجمعية العمومية، قامت أسر المعتقلين لصحفيي الإخوان، بإعلان دمج اعتصامهم داخل النقابة مع الاعتصام العام للصحفيين، وإزالة كافة صور ذويهم، وأرجعوا قرارهم إلى سببين؛ الأول هو أن قضية النقابة وقضية ذويهم واحدة، وهي الحريات ومواجهة القمع الأمني، والسبب الثاني هو رفع الحرج عن النقابة في أي محاولات للتصيد غداً من قبل بعض المنتمين للنقابة والراغبين في إفساد وقفتها ضد الداخلية.
محاولة احتواء أخيرة
وفيما اعتبره البعض محاولة احتواء أخيرة من الحكومة المصرية للأزمة، حضر وفد برلماني إلى النقابة، واجتمع مع نقيب الصحفيين لمدة تخطت الساعة، وقبل انتهاء الاجتماع تم الإعلان عن اجتماع طارئ آخر في المجلس الأعلى للصحافة، وهو ما استدعى مغادرة النقيب مقر النقابة مسرعاً، وسط أنباء عن حضور ممثلين من الحكومة للاجتماع.
وتحدثت مصادر لـ"عربي بوست"، أن هناك محاولات لعقد لقاء بين رئيس الوزراء والنقيب في محاولة أخيرة للتوصل إلى مخرج من الأزمة قبل تصعيده، خصوصاً وأنه لا يمكن لأحد أن يتوقع سقف مطالب الجمعية، أو الخطوات التصعيدية التي من الممكن أن توافق عليها.
أما النيابة العامة فقد واصلت تصعيد الموقف بإصدار قرار بمنع النشر في قضية القبض على الصحفيين من داخل النقابة، مؤكدة أن قرار الضبط والإحضار يتم تنفيذه في أي مكان بما في ذلك مقر نقابة الصحفيين، واعتبرت أن من يعارض ذلك يقع تحت طائلة القانون.