أحوالنا ليست بخير، لا ولن تكون، ليس تشاؤماً، لكنها الحقيقة المطلقة السائدة في كل زمان ومكان.. (إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ).
فجأة يأتي على البال حكاية لمرأة ساذجة متخلفة لا تعلم حقاً أو تعي واجباً، زوجها رجل فاسد متسلط قذر بكل الأشكال، طالما تمنت المرأة الساذجة لو يتغير زوجها يوماً ما إلى الأفضل، كانت تحلم أن تراه رجلاً صالحاً، لكن طال انتظارها، و في يوم ملت التمني والانتظار، فغضبت، ولتلقن زوجها درساً قررت أن تكسر زجاج وأغراض البيت؛ لتعبر له عن مقدار غيظها.
عاد الزوج إلى المنزل، ومن شدة انفعاله كسر بدوره عظام الزوجة ليربيها، لم تتحمل الزوجة الوضع فلملمت أغراضها ورحلت عن أبنائها وبيتها مستسلمة ببساطة، ولك أن تتخيل ما ستؤول إليه أحوال أطفال سيعشون في كنف الزوج الفاسد.
طبعاً هنا سيظهر الزوج الحقير على أنه الجلاد في هذه القصة، وأن المرأة المسكينة ضحية ظلمه واستبداده، لكن الصورة معكوسة تماماً، فالمرأة ضحية فعلاً، لكنها ضحية تخلفها وقلة عقلها وتسرعها؛ لأنها طالما تمنت أن يتغير الزوج دون أن تفكر ربما في تغيير نفسها، لقد اعتادها الزوج ذليلة ضعيفة ساذجة ومحدودة الفكر، وبالتالي فقد اعتاد ظلمها وهضم حقوقها، لكن عندما ضاقت ربة البيت المسكينة ذرعاً من سوء حال زوجها أعمى الغضب بصيرتها فانفجرت على أغراض البيت وليس على نفسها التي كانت سبب ذلها وهوانها، فانفجر جلادها بدوره عليها، العجيب أنها هجرت المكان بكل جبن كأن فتيل الحمية الذي استيقظ في جوفها لم يكن ليخرج عن نطاق كسر الزجاج والأواني.
لذالك سيظل العتب عليك سيدتي، وسيدفع أطفالك ثمن تمردك وقلة رشدك، وسيعيش الزوج السافل بسعادة وأمان؛ لأنك إلى الآن لم تواجهيه على نور وبصيرة، بل فقط بتمرد وجنون وجهل.
دعونا الآن نسقط قصتنا المريرة على واقعنا التعيس، فما الزوجة إلا شعوب نسيت الهدف من وجودها وظلت تحلم بالوطن الجميل الوردي المثالي، ولم تسعَ قط إلى أن تكون مثالية وردية بالمقابل، ولم تسعَ حتى لبلوغ حلمها في التغيير، وما الزوج إلا حكام استباحوا شعوبهم وعاثوا في الأرض فساداً؛ لأنهم لم يجدوا في تلك الشعوب رغبة في العيش في كرامة فأذلوهم كما استحقوا، تمردت الشعوب يوماً على الحكام بجهل وبلاهة غير مقننين لا بالمنطق ولا بالعقل، فأحرقوا النفوس، والسفارات، والمنازل، والكنائس، والمساجد، دمروا الدنيا منددين بالتغيير، ومتى كان التغيير فوضى؟
فدمرهم الحكام منددين بدورهم بالاستقرار والأمن، ومتى كان الاستقرار والأمن بالأذى العنف؟
لكن سرعان ما أخمد لهيب تمرد الشعوب، فهاجرت بدعوى عدم إحساسها بالاستقرار، لكن المؤلم في كل ما سبق أنه بعد يوم التمرد ظل الضعفاء يدفعون ثمن الحمية، حمية الجاهلية؛ لأن الحكام من يومها قرروا قطع دابر كل من يتنفس دون إذن؛ لظنه أن ذلك حق من حقوقه.
ومن يومها أحرق الحابل والنابل وعادت البلدان 20 سنة للوراء، ومن يومها ونحن نعيش في حروب ودمار وجوع وألم.
أيها الثوار، شكراً على خدمتكم… لقد أبليتم بلاءً حسناً في تدمير حياتنا، صرخة من أطفال الزوجة الساذجة.
ختاماً.. لنكُن كما نحلم ليولَّى علينا كما حلمنا.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.