هل خذل الغرب المعارضة السورية في التخلص من الأسد؟

عربي بوست
تم النشر: 2016/05/01 الساعة 09:59 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/05/01 الساعة 09:59 بتوقيت غرينتش

يقول جولين بارنز داسي، من المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية "كان هناك خطاب تشجيعي بشدة للمعارضة لم يُقابل على الإطلاق بالوسائل التي تجعل تحقيقه أمراً ممكناً".

دائماً ما كان مصير حلب أمراً حاسماً في الحرب السورية، فالمدينة الشمالية كانت أكبر المدن السورية، والمركز التجاري للبلاد، وقبل أن يحول القصف أحياء بأكملها في المدينة إلى ركام، كانت شوارع ومساجد المدينة ذات أهمية دينية وتاريخية بالغة.

وكانت قوات المعارضة السورية قد تمكنت من التسلل إلى المدينة عبر ضواحيها الشرقية، لتصبح معقلاً لهم على مدار السنوات الأربع الماضية، ومنذ ذلك الحين، استمر قتالهم مع القوات التابعة للرئيس السوري بشار الأسد للسيطرة على المدينة. ودائماً ما كان القتال على حلب مشتداً؛ نظراً لأن السيطرة على المدينة يعد انتصاراً استراتيجياً ودعائياً مهماً لكلا الطرفي، بحسب رصد الغارديان.

أصبحت حلب مسرحاً للبراميل المتفجرة التي استخدمتها الحكومة لترويع ما تبقى فيها من المدنيين، وكذلك للخوذ البيضاء، وهي مجموعة إغاثة غير مسلحة تعد من بين عدد قليل للغاية ممن لم يتورطوا بالعنف في هذه الحرب المروعة.

كان الدافع في البداية لدى المعارضة هو الأمل الذي انتقل إليهم من خلال ثورات الربيع العربي في دول مجاورة.

لم تقدم الدعم الكافي

وفي طريقها لإسقاط الأسد، لم تتسلح المعارضة بالدافع الأخلاقي فقط، بل أيضاً بدعم أميركا وحلفائها، وهو ما كان خطأً كبيراً، وأحد العوامل المؤدية إلى الدمار في حلب، فرغم أن القوى الغربية كانت تتوق لرحيل الأسد، إلا أنها لم تكن على استعداد لتحقيق هذا الهدف.

كانت هناك حالة من الاستياء لدى الغرب من الصراعات في أفغانستان والعراق، ولم تتمتع بالرغبة أو تقديم المال المكافئ لما تقدمه القوى الداعمة للأسد، والتي تتمثل في إيران وروسيا.

يقول جولين بارنز داسي، من المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية "كان هناك خطاب تشجيعي بشدة للمعارضة لم يُقابل على الإطلاق بالوسائل التي تجعل تحقيقه أمراً ممكناً".

ويضيف "منذ 2011، لم يكن الغرب مستعداً لتلبية طموحات المعارضة في تغيير النظام وتزويدها بالوسائل اللازمة لتحقيق ذلك، وهو ما قابله تمسك مطلق من الأسد وحلفائه بالبقاء في السلطة، لذلك، كان تغيير النظام مرتبطاً بشكل أساسي بتدخل عسكري موسع لا علاقة له بالسياسة".

حزب استنزاف

وشهدت مدينة حلب حرب استنزاف طويلة الأمد، تمكنت فيها المعارضة من توسيع سيطرتها، وتمكنت في وقت ما من فرض حصار على المناطق التي يسيطر عليها النظام، قبل أن يتدخل الطيران الروسي العام الماضي ويتمكن من مساعدة قوات النظام من جديد على استعادة الوضعية الهجومية.

في فبراير/ شباط من العام الجاري، تم قطع أهم الطرق التي تعتمد عليها قوات المعارضة للدخول للمدينة، وهو ما أثار المخاوف من أن يتعرض مئات الآلاف من السكان الذي يعيشون في المدينة لحصار قاتل يقودهم إلى الموت جوعاً.

أعطى وقف إطلاق النار فرصة مؤقتة للراحة، إلا أنه ومع انهيار محادثات السلام، عاد الجحيم إلى المدينة مجدداً.

الأسبوع الماضي، ولأول مرة منذ بداية الحرب، لم تُعقد صلاة الجمعة في أنحاء المدينة، كما صرح طبيب من منظمة أطباء بلا حدود لهيئة الإذاعة البريطانية BBC قائلاً، إن عدد الأطباء المتبقين في المدينة لا يتجاوز 40 طبيباً يقومون حالياً بتوفير الرعاية الطبية لعدد من المدنيين يبلغ عشرات الآلاف.

ومع هدنة جزئية جديدة تم الاتفاق عليها ولا تتضمن حلب، يبدو أن الحكومة ترى أنه لا يجب أن توقف تقدمها في المدينة بأي حال من الأحوال، خاصةً وأن التحضيرات للهجمات الحالية بدت واضحة على مدار أسابيع.

لن تدعم المعارضة

في الوقت نفسه، فشلت الدول الغربية في تكوين أو إيجاد مجموعات معارضة مقبولة بما فيه الكفاية بالنسبة لهم لإرسال الدعم إليها، كما ليس لدى هذه الدول النية لدعم مقاتلي المعارضة الحاليين، ناهيك عن توفير الدعم الجوي لهم.

ولكن مع استمرار تدفق الدعم المادي والأسلحة من خلال مصادر أخرى للمعارضة التي لم يعد لديها ما تخسره، لا يبدو أن هناك طرفاً قادراً على حسم المعركة وتحقيق انتصار حاسم على المدى القريب.

ما يعنيه ذلك هو احتمال وجود وقف إطلاق هش للنار كسابقه، وهو الطريقة الوحيدة الممكنة حالياً لتخفيف معاناة المدنيين الباقين في المدينة، حتى ولو فُرِض الأمر على الفصائل المختلفة في الحرب السورية من قبل داعميهم في الخارج.

يقول بارنز داسي "السؤال الآن هو إذا ما كان هنا متسع لإعادة إحياء الهدنة من جديد من خلال إشراك الروس والأسد، وربما خفض التوقعات المتعلقة بإسقاط الأسد". ويضيف "أي توجه سياسي يهدف لإنقاذ الأرواح يجب أن يدرك حقيقة أن داعمي الأسد لن يقبلوا برحيله".

– هذا الموضوع مترجم عن صحيفة The Guardian البريطانية. للاطلاع على المادة الأصلية، يرجى الضغط هنا.

علامات:
تحميل المزيد