هنا تجمعنا الغربة …
بعاداتنا وثقافاتنا المتنوعة ومرجعيتنا الدينية المختلفة…
هنا نعيش أحداثا تختلف عما عهدناه داخل أسوار الوطن …
لنا حنين مشترك، وهم مشترك، وهدف مشترك … وأصول مختلفة
الغربة وحّدتنا نوعا ما!!
كل منا يسعى وراء أملٍ خلف غربته..
مِنّا من أُجبر على الرحيل ومِنّا من اختار التغيير ..
هنا لا نُلقي باللوم على بعضنا البعض.. نُنصت، نتأمل، نأخذ العبرة ..
نُقدِر الظروف ونختلق الأعذار… مُجبَرين على التلاحم رغم الاختلاف
هنا نتشبث بالأنا والأصل وأمجاد التاريخ أكثر من أي وقت مضى ..
مع أننا لم نكن يوما نهتم لمن حرّر الوطن أو كم حرب خضنا أو كم لاجئ استقبلنا…
هنا نتذكر تقاليدنا وثقافاتنا ونتباهى بها مهما كانت بسيطة..
فنبحث داخل الصور… مستحضرين لقطة لبسنا فيها زياً تقليدياً يوما ما ..
هنا نتأثر بسرعة… نبكي مع الأخبار ونبتسم مع أغنية مِلأها الحنين ..
فتجدُنا على اطلاعٍ بما يدور في وطننا أكثر ممن يسكنوه ..
هنا تأخذنا الحياة العملية … وتصفعنا الأعياد والمناسبات الدينية..
لتتحول إلى يوم مشؤوم تحاصرك فيه الذكريات من كل حدب وصوب
هنا نُقدم كل الامتنان والشكر لوسائل التواصل ..
فالحنان الإلكتروني يهدينا تعويضاً وهمياً
هنا تضيع لهجتنا الأصلية .. ونتحدث لهجتاً يدّعون أنها بيضاء..
ولم نعرف لليوم من أعطاها هذا اللون ..
هنا نحِن إلى الأصل .. ولكن نتشبث بالتقليد
ولا نفكر في العودة … فإن كنا سنعود لما اتينا ؟!!
هنا يوحدنا شعور الخوف … وأسئلة :
ماذا بعد؟ مالهدف؟ إلى متى؟…
هل يذكرونني هناك؟ هل يحنون إلي؟ هل ما زال مكاني محفوظا … أم ضيعته الأيام!
هنا نكره مقولة " البعيد عن العين… بعيد عن القلب"
فأنتم بعيدين عن أعيننا قريبين من قلوبنا …
هنا لا يعيش أحداً لنفسه … فأنصافنا هنا وما تبقى هناك
هنا ننبهر بما حولنا … ونستحضركم معنا
هنا الحياة جميلة ومريحة … لكن معكم أجمل
لا تظنوا يوما أن المغترب فقد الحنين … فالغربة تُقوي ذلك الشعور اللعين إلى الوطن
لا تظنوا يوما أن المغترب فقد الوطنية … فالغربة تقوي الأنانية والدفاع عن الوطن
لا تظنوا يوما أن المغترب أصبح غريبا … فالغربة تجعله مخلصاً للجنسية والوطن
لا تظنوا يوما أن انفتاحه جرّده ثقافته الأم … لن ينسى جذوره حتى لو حاول التنكر للوطن
سأحكي عن الغربة مطوّلا في يومياتي …
سأتحدث عما يسعدنا ويحزننا، يجمعنا ويفرقنا، يخيفنا ويطمئننا …
فقصص المغتربين تستحق التدوين …
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.