كيف تتكلم مع شخص على حافة الموت؟

عربي بوست
تم النشر: 2016/04/29 الساعة 13:01 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/04/29 الساعة 13:01 بتوقيت غرينتش

اختار المبرمج بييتر هينتينز إنهاء معاناته مع السرطان عن طريق الموت الرحيم الذي أمسى قانونياً في بلجيكا منذ عام 2002. لدى بييتر 3 أطفال في عمر الثانية عشرة والتاسعة والخامسة. ونشر مقالته الأخيرة بعنوان "الخطوط العريضة للموت" على موقعه الإلكتروني، والتي سرد فيها أفكاره عن كيفية الحديث مع شخص على حافة الموت.

سيكون من المُحرج الحديث لشخص على حافة الموت (لندعوه بوب). هذه هي الأشياء التي لا يجب على الشخص الآخر (لنقول أليس) قولها لبوب، بحسب تقرير لصحيفة "الغارديان" البريطانية :

– "يجب أن تتمسك بالأمل، عليك أن تقاتل لتحيا"، غالباً سيكون بوب يقاتل بالفعل قدر إمكانه، حتى إن لم يكن، فهذا هو خيار بوب الشخصي.

– "إنه أمر مأساوي، أنا حزينة للغاية، لا تمت من فضلك"، هكذا أخبرتني ابنتي ذات مرة، حاولت أن أشرح لها بهدوء أن هناك حقائق لا يمكن الجدال فيها، الموت ليس رأياً وحزنك أو غضبك هو مجرد مضيعة للوقت.

– "قد تتمكن من التغلب عليه، لا يمكنك أن تعرف ما سيحدث"، هذه هي طريقة أليس في التعبير عن أملها، لكن الأمل الكاذب ليس علاجاً، الدواء الكيميائي المناسب أو أحد المسكنات هي العلاج.

– "هناك علاج بديل يتحدث الناس عنه"، لحسن الحظ سمعت هذا لمرات قليلة، حتى لو كان هناك علاج إعجازي فإن تكلفته والإجهاد الذي سيسببه للآخرين سيجعله خياراً أنانياً وغير مناسب، وفرصه غير مضمونة النجاح ستجعله مثل اليانصيب. نحن نموت أو نعيش، هذا هو المعتاد.

– "اقرأ هذا الجزء من الإنجيل، سيساعدك"، هذا تعليق وقح ومستهجن ومتكبر. إن أراد بوب المشورة الدينية فسيلجأ للقسيس. وإن لم يرد فليس من شأنك التدخل في هذا الأمر.

– البدء في الأسئلة السخيفة البطيئة، وسؤال بوب عن أمور تافهة وانتظار إجاباته عليها مثل: "هل أيقظتك؟"، سيكون مزاجه العام سيئاً في الأغلب؛ لذا سيريد الأشخاص القريبين منه أو الأشياء المسلية حوله.

فوق هذا، لا تتصل وتبك في الهاتف. إذا شعرت برغبة في البكاء، أغلق الخط وانتظر 10 دقائق ثم أعد الاتصال مرة أخرى. لا ضير من البكاء، لكن هذه الدموع تثير في بوب شعوره بالشفقة على نفسه أكثر من أي شيء، قد أكون تعلمت السيطرة على مشاعري، لكن بوب لم يصل لهذا الأمر بعد.

هناك أيضاً بعض الأشياء التي يمكن لأليس الحديث عنها لتجعل بوب سعيداً:

– بعض الحكايات عن مغامراتهما القديمة التي عاشاها سوياً. هل تذكر هذه المرة؟ بالطبع أذكرها، لقد كان الأمر رائعاً!

– التفاصيل الطبية. سيكون بوب غالباً مهووساً بكل تفاصيل الأدوية والأطباء وطقوس الاعتناء به بالإضافة إلى مرضه، سيشاركك بوب في هذه التفاصيل.

– مساعدة بوب في التفاصيل اليومية، فترتيب الحياة أمر معقد يحتاج لمساعدة العديد من الأشخاص.

– "لقد اشتريت كتابك"، بافتراض أن بوب كاتبٌ مثلي، وسواء كان هذا مجرد مجاملة أو قول صادق، فسيدفع بوب للابتسام.

لا تعبر إلا عن المشاعر السعيدة، ولا تثقل كاهل بوب بأشياء جديدة عليه التعامل معها.

بحسب هذه الخطوط العريضة، فبوب مسؤول عن أشياء أخرى وليس أليس، فعليه على الأقل:

– أن يكون سعيداً، قد يبدو هذا مبتذلاً، لكنه ضروري. إن كنت مكتئباً وذا مزاج قاتم، فستشعر أليس بالبؤس كلما حادثتك.

– بالطبع أبق أمورك مرتبة، لقد توقعت قدوم الموت منذ عدة أعوام؛ لذا حاولت تسيير الأمور بدوني قدر الإمكان، ليس هذا وارداً للعائلة، لكنه ممكن في العمل.

– أزل كل الضغط العصبي والتكلفة التي يمكنك إزالتها. على سبيل المثال، تسمح بلجيكا بالموت الرحيم. لذا طلبت من أطبائي الاستعداد لذلك حين يحين الوقت. طلبت من الأشخاص القدوم لوداعي قبل رحيلي وليس بعده، وسأتبرع بما تبقى منى للجامعة إن أرادوه.

– كن واقعياً. الأمل ليس علاجاً كما أسلفت. إن أردت التفاوض مع أطبائك، ابحث عن مصلحة الجميع. سمحت لأطبائي بتجربة العلاج الكيميائي التجريبي، هذه بيانات بالنسبة لهم، وهذا أقل ما يمكنني فعله للنظام الذي أعطاني مزيداً من العمر.

– توقع الأسوأ. حين رأت طبيبة الأورام الأشعة اتصلت بي لتخبرني أنها تراه سرطاناً منتشراً في الرئة وفي كل مكان. أغلقت الهاتف وأخبرت أطفالي. في اليوم التالي هاتفت المدرسة ليتوقعوا الأسوأ ورتبت الأمور مع المحامي الخاص بي. بعد 10 أيام، أكدت التحاليل الأمر، لقد حصلت على 10 أيام زائدة من الحزن والوقت للتأهب.

– كن صادقاً وشفافاً مع الآخرين. يتطلب الحزن وقتاً، وسيكون من الأيسر التعامل مع موت بوب إن تحدثت معه.

الموت ليس عاراً، وليس فشلاً.

هذا الموضوع مترجم عن صحيفة The Guardian البريطانية.

علامات:
تحميل المزيد