تتعرّض مدينة حلب السورية على مدار عدة أيام لقصفٍ عنيف تشنه قوات النظام السوري، بدعم روسي، مما دفع الأمم المتحدة للتحذير من وقوع كارثة إنسانية في المدينة التي اعتبرتها واحدة من أكثر المناطق تضرراً في الصراع المندلع منذ 5 أعوام، في الوقت ذاته تحاول قوات النظام الاستعداد لـ"معركة حاسمة".
الصور ومقاطع الفيديو التي انتشرت على الشبكات الاجتماعية كشفت حجم المجازر والقصف العنيف الذي ضرب المدينة، ودفعت رواد مواقع التواصل الاجتماعي إلى إطلاق هاشتاغ #حلب_تحترق، الذي حقق مركزاً متقدماً على تويتر في عدة دول عربية.
القصف المستمر منذ أسبوع أدى إلى سقوط أكثر من 200 قتيل، وطال معظم الأحياء الواقعة تحت سيطرة المعارضة في الجزء الشرقي من المدينة، وشمل أحياء، الصالحين والسكري والكلاسة وبستان القصر والحيدرية وباب الحديد وتراب الغرباء والمواصلات وضهرةعواد وقاضي عسكر وباب النيرب والحرابلة والسكن الشبابي وبني زيد والأرض الحمرا وبعيدين وطريق الباب والمرجة والشعار وغيرها.
النظام يحشد قواته
وفي الوقت ذاته أعلنت قوات النظام السوري استعدادها لـ"معركة حاسمة" تبدأ قريباً في حلب، بحسب ما ذكرت صحيفة سورية قريبة من السلطات الخميس 28 أبريل/ نيسان 2016، في وقت يستنجد الموفد الدولي ستافان دي ميستورا بموسكو وواشنطن لإنقاذ الهدنة المعمول بها منذ شهرين في البلاد.
وأكد مصدر تابع لنظام الأسد أن "الجيش يستعد لمعركة ضخمة خلال الأيام المقبلة لطرد المقاتلين من مدينة حلب عبر محاصرتها وإنشاء منطقة آمنة".
واعتبرت الصحيفة أن "القيادة السياسية والعسكرية أعطت فرصة للهدنة لحقن الدماء ومنحت التسوية السياسية فرصة سانحة في جنيف استجابةً لطلب الأصدقاء الروس، مع أن العمليات العسكرية قبل وقف القتال كانت تسير باتجاه حسم الصراع في حلب".
على شفا كارثة
فيما قالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر الخميس ، إن تصاعد العنف في حلب قد يدفع من يعيشون تحت نيران القصف والتفجيرات إلى شفا كارثة إنسانية.
وحذرت اللجنة الدولية من أن "المعارك الضارية المندلعة في المدينة، التي شهدت دمار مستشفى رئيسي وخسائر فادحة في الأرواح، تدفع ملايين السكان نحو مخاطر كبيرة".
يأتي هذا التحذير بعد استهداف طيران النظام لمستشفى القدس الميداني ومبنى سكنياً مجاوراً له في حي السكري، أمس الأربعاء، ما أسفر بحسب الدفاع المدني عن مقتل 30 مدنياً، بينهم طبيب الأطفال الوحيد في الأحياء الشرقية.
وقال مدير مكتب اللجنة الدولية في حلب فالتر غروس "يسمع المرء أينما ذهب دوي انفجارات قذائف الهاون والقصف وأصوات الطائرات المحلّقة في السماء".
واضاف "لم تَسلَم أي منطقة سكنية في المدينة من القصف. والخطر محدقٌ بكلّ السكان هنا".
تدمير مستشفى القدس
منظمة أطباء بلا حدود أدانت في بيان الخميس تدمير مستشفى القدس الذي تدعمه، في غارة جوية استهدفته أمس الأربعاء في الأحياء الشرقية الواقعة تحت سيطرة المعارضة.
وقالت منظمة أطباء بلا حدود في بيانها إن "مستشفى القدس المدعوم من قبلها تعرّض لقصف صاروخي مساء يوم الأربعاء". ونقلت عن موظفين أن المستشفى "تحوّل إلى ركام" إثر إصابته "مباشرة في غارة واحدة على الأقل".
وقالت رئيسة بعثة أطباء بلا حدود في سوريا موسكيلدا زانداكا إن "منظمة أطباء بلا حدود تدين بأشدّ العبارات الاستهداف المشين لمرفقٍ طبي آخر في سوريا".
واعتبرت رئيسة بعثة اللجنة الدولية في سوريا ماريان جاسر أن "الهجوم الأخير على مستشفى القدس أمرٌ غير مقبول"، مشيرةً إلى أن هذه ليست المرة الأولى التي تُستهدف فيها الخدمات الطبية المنقِذة للأرواح.
بداية المعارك
واندلعت المعارك، إثر هجوم شنّته الفصائل المقاتلة، وبينها "أحرار الشام" و"فيلق الشام"، شمال تل رفعت في محاولة لاستعادتها من "قوّات سوريا الديمقراطية" وهي تحالف فصائل عربية وكردية على رأسها "وحدات حماية الشعب" الكردية (YPG).، المدعومة من النظام السوري، والمصنفة من قبل الولايات المتحدة وتركيا بأنها تنظيماً إرهابياً.
وسيطرت قوات حزب "الاتحاد الديمقراطي" الكردي (PYD)، في منتصف شهر فبراير/شباط على مدينة تل رفعت، التي كانت تعد أحد معاقل الفصائل المعارضة في ريف حلب الشمالي.
واستغلت قوات حزب "الاتحاد الديمقراطي" حينها هجوماً واسعاً لقوات النظام السوري في ريف حلب الشمالي لتتقدم على حساب الفصائل المقاتلة والإسلامية في المنطقة وتسيطر على مناطق عدة بينها مدينة منّغ ومطارها العسكري وتل رفعت.
وكان الموفد الدولي إلى سوريا ستافان دي ميستورا حذّر الأربعاء في مؤتمر صحافي من تصاعد العنف في سوريا وخصوصاً في حلب على الرغم من اتفاق وقف الأعمال القتالية. وقال "خلال الساعات الـ48 الأخيرة قتل سوري كل 25 دقيقة"، مضيفاً أن "طبيب الأطفال الوحيد في حلب قتل" في القصف الأربعاء.