تريدين “مهندس”.. هنيئاً فالجمال ينتظرك!

لاشكّ أن أولياء الأمور يسعدون إذا ما صُنّف أحد أبنائهم ضمن قوافل المهندسين، فهذا بلا شك شيٌ يستحق الفخر المحمود، ويقيني لا يخذلني إن قلت أنك لو حصلت على مؤهلات تسمح لك بالإلتحاق بكلية الهندسة فلن تدع للتردد مكاناً في قلبك، إلا إن كان لك مآرب أخرى.

عربي بوست
تم النشر: 2016/04/22 الساعة 04:14 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/04/22 الساعة 04:14 بتوقيت غرينتش

إن المتمعن في عالم الجمال الفكري وأسرار الإبداع العقلي، ومكنونات القدرة على فهم الواقع بصورةٍ أكثر واقعية وفعالية، لا يجد أمامه درباً إلا أناقة درب الهندسة ليبحر بين ثنايا علومها مستمتعاً بتسلسل أفكارها، ومستزيداً بعبقرية نظرياتها، ومستوحياً من مكنوناتها الدرر، ومكتسباً لأسرار إدارة الحياة بطريقة مخالفة وأكثر رقة عما إعتاد عليه عموم الناس..

أقول ومن خِضب علوم الهندسة أنهل -إذ أنّ لكل قاعدةٍ شواذ-، لم أرَ في حياتي منصباً مرموقاً في جامعةٍ أو مؤسسة أو وزارة أو شركةٍ إلا وكان المهندس حاضراً، إن لم يكن واقعاً فحتماً فكراً ومشورةً، فهم لا يدرسون المحاضرات بشكلها الروتيني الممل، بل يمزجون بين حداثة العلوم ورغبة التطوير.

فعلومهم ليست كتلك التي يتمجد بها قيسٌ بليلاه، ولا بالعبر المستوحاه من هزيمة دول المحور في الحرب العالمية الثانية، بل علومٌ تجعل من العقل جذوة نشاطٍ وتفكير مستمر، فهم يتعاملون مع مشاكل وصعوبات ينسجون من ظلام تعقيدها حلاً إبداعياً وفكراً منيراً يعم نوره على البشرية جمعاء.

لست هنا في مقام إستعراض العضلات الهندسية القادرة على إنارة حياة الحَيَارى في هذه المعمورة، ولكني أردت من ذلك تسليط الضوء وإزالة الرتوش العالقة في ذهون بعض المارة على قارعة طريق الهندسة حتى وكأنّ الهندسة أضحت في تصورهم ميماً تضاف قبل الإسم، أو صفة تضيفها العروسة قبيل إسمها على بطاقة دعوة فرحها.. لا يا سيدتي!!
الهندسة أكبر من ذلك بكثير، هي بيتك الذي يحفظك في الشتاء قبل الصيف، هي سيارتك التي تقلك إلى عملك وجامعتك، هي الهاتف الذي تُغازلين من خلاله عشيقك.. لا أبالغ إن قلت أنّ الهندسةَ هي الحياة بذاتها، أغلق عيناك قليلاً وتحرر من كل المنغصات التي قد ترهق تفكيرك، وتخيل حياتك دون تنسيقٍ هندسي جميل لحدائقٍ تبهج قلبك وعقلك، دون مباني عظيمة وأفكار خيالية قد نُسجت بعقولٍ هندسية لتصبحَ واقعاً تسعدك ومن حَولَك، دون أدواتٍ ومعداتٍ وأجهزة قد أحالت حياتنا إلى شِق الرخاء ومنحتها صفة الراحة والهناء..

لاشكّ أن أولياء الأمور يسعدون إذا ما صُنّف أحد أبنائهم ضمن قوافل المهندسين، فهذا بلا شك شيٌ يستحق الفخر المحمود، ويقيني لا يخذلني إن قلت أنك لو حصلت على مؤهلات تسمح لك بالإلتحاق بكلية الهندسة فلن تدع للتردد مكاناً في قلبك، إلا إن كان لك مآرب أخرى.

ومن الجدير ذكره في هذا المقام، أن الإختلاف والتباين شيٌ قد وجد مكانه ليس في معارض بيع فساتين السهرات فحسب، بل أيضاً بين طلبة وخريجي كليات الهندسة ومثيلاتها من الكليات، وهذا شي طبيعي ولا ينقص من قدر الشي إلا كما ينقص المخيط من ماء البحر، فكذلك الإسلام دينٌ عظيم عريق متكامل صالحٌ لكل زمان ومكان ولا ينقص قدره ما فسد من أعمال المنتسبين له.

الفخر والهندسة متلازمان، فما ذُكرت الهندسة إلا ولاصقها الفخر، وليس ذلك من باب التغني بأمجاد وهمية بل لأن للمهندس ما ليس لغيره من قدرةٍ ورغبةٍ مستمرة على التطوير والريادة، ومواكبة مجريات الحياة اليومية، وإحالة المشاكل بتشعباتها المخيفة إلى رخاءٍ وحلول، كيف لا وهم الأكثر تأثيراً وسعياً في مجتمعاتنا الأمر ميزهم عن أولئك الذين إتخذوا وضعهم الراهن حالةً مثالية واختاروا الحاضر بكل تفاصيله دون تشوقٍ وسعي لمفاجآت المستقبل التي قد تكون سلبية، فيضحون في حالة حسرةٍ على ماضٍ جميل بعد أن وَقعوا في شِباك مستقبلٍ قد إجتاحته المغامرات.

مسمى مهندس لن يكونَ صك غفران من الأخطاء والزلات يضمن لصاحبه العفو التام، ولن يكونَ كذلك طُعماً للصيد في الماء العكر، وإنما هو إستحقاقٌ واجب يسعى من خلالها المهندس لنشر الحب والأمان في قلوب البشر، فتعامله مع النظريات والمعادلات، يمنحه الخبرة الأكبر لمغازلة قلوب الناس وكسبها..

سعيدٌ ذاك الشاب الذي يُحيله القدر إلى قلب من إزدادت جمالاً بمسمى مهندسة، وهنيئاً لتلك الأنيقة ممن أختارت فارساً لها من كواكب المهندسين، حتماً ستختزل كل الخطوات الروتينية في خطوة قد رسمها لها فارسها المهندس، لتبدأ حياةً يكسوها الغزل.

هناك شيء لابدّ أن يعيه الجميع.. المهندس قد أوصلَ رقة القلب بجمال الفكر، وطيب التعامل بهناء العيش، وبات هو ورفيقه المحامي والطبيب والصيدلي والمحاسب والمعلم والصحفي وغيرهما يداً واحدة لا تثنيهم أُيُ رياح، رافعين لواء خدمة الوطن والإرتقاء به والسعي لرفع شأنه بين الأمم، فالأمة بأبنائها تعلو وترتقي.

يمكنك الإطلاع أيضاً على تدوينة لمى عبيد من هنا

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد